Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Apr-2021

الكورونا عادت لتعربد في الضفة وغزة

 الغد-هآرتس

 
عاموس هرئيل
 
العلامات آخذة في التراكم: اسرائيل بدأت تعود الى درجة من العقلانية. هذا الامر ما يزال لا يسري على الازمة السياسية، وهناك جهود البقاء لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يستتبعها من اتباعه تقلبات منطقية متطرفة الى جانب ردود فعل هستيرية. ولكن على الاقل فيما يتعلق بوباء الكورونا، الذي يتواصل خفوته بفضل نجاح عملية التطعيم، فان صوت الفطرة السليمة بدأ بالازدياد.
مجموعة الانباء من اليوم الاخير تشهد على ذلك. المحكمة العليا قررت أول من أمس بأغلبية ثمانية قضاة ضد واحد الغاء الغرامات التي فرضت على المتظاهرين ضد نتنياهو في فترة الاغلاق الثاني. وزارة الصحة قامت بتأخير بمناقشة الاقتراح المطلوب لإلغاء واجب ارتداء الكمامة في المناطق المفتوحة. ووزارة التعليم تدفع قدما بإلغاء التقسيم الى كبسولات، مع عودة الاطفال الى الدراسة بعد عطلة عيد الفصح.
كل ذلك ينبع من الانخفاض المستمر في عدد الاصابات بالكورونا في اسرائيل. نتنياهو قام بالتغطية عن بعض الاخفاقات الكثيرة لسياسة مكافحته للفيروس خلال السنة الماضية بالقرار الصحيح للدفع قدما بتسريع عملية التطعيم في اسرائيل.
الدولة تقترب كما يبدو من مناعة القطيع بفضل تراكم عدد كبير من الاشخاص المطعمين (اكثر من 56 % من الجمهور أخذوا الحقنة الاولى و52 % أخذوا الحقنة الثانية)، والى جانبهم يتعافى الكثيرون (بتقدير أولي حوالي 15 % لأن الكثير من المرضى كانوا لا يحملون اعراض ولم يتم تشخيصهم أبدا). في الشهر القادم يتوقع أن يبدأ تطعيم الشباب في اعمار 12 – 15 سنة.
كل هذه المعطيات تسمح لاسرائيل بالوقوف على رأس قائمة الدول التي تعافت من الكورونا. الحل الاسرائيلي يختلف عن الحل الذي تبنته الدول التي نجحت منذ بداية الازمة في أن تمنع وبصورة عنيفة دخول الفيروس الى حدودها (نيوزيلندا وتايوان وسنغافورة)، أو الدول التي كما يبدو تكذب وتخفي معلومات حول حجم تفشي الفيروس (الصين على سبيل المثال). المعطيات الاخيرة، بضع مئات من المرضى الجدد المشخصين في اليوم وحوالي 20 مريضا جديدا في حالة صعبة، تترك لاسرائيل مسافة صد مناسبة، في الوقت الذي فيه معظم الدول الاوروبية تتعرض لموجة ثالثة قاتلة.
العبء على جهاز الصحة في البلاد آخذ في التضاؤل. اذا حقا تم تعزيز الرقابة في مطار بن غوريون واجريت فحوصات بصورة اكثر منهجية للقادمين الى اسرائيل وتم تطبيق سياسة الحجر عليهم بصورة متشددة سيكون هناك احتمال جيد لمنع تفشي فيروسات جديدة بفضل العدد الكبير للاشخاص الذين أخذوا التطعيم.
لظروف الجديدة تسمح بنقاش اكثر واقعية للقرارات. وقد حان الوقت للمنطق. المحكمة العليا التي تتعرض لهجوم عنيف ومخيف من قبل نتنياهو ومؤيديه تجرأت، مع ذلك، على القول بأن قيد الكيلومتر الذي فرض في فترة الاغلاق الثاني في خريف 2020، أضر بصورة شديدة وغير متزنة بحق التظاهر، لذلك فان الغرامات التي تم فرضها على المتظاهرين الذين تجاوزوا هذا القيد تم الغاؤها.
إن التعليمات لوضع الكمامة في المناطق المفتوحة كانت مشكوك فيها من البداية بالنسبة للكثير من علماء الاوبئة. لأن الاصابة في هذه الاماكن كانت ضئيلة (التجمعات كانت ممنوعة أصلا). وزارة الصحة صممت عليها بذريعة أن الجمهور لا يميز بينها وبين الاعفاء من ارتداء الكمامة في الاماكن المغلقة. ومع الانخفاض الحاد في عدد الاصابات فان ارتداء الكمامة يتحول الى غباء حقيقي. وحتى الآن عدد من كبار موظفي جهاز الصحة يعارضون الغاء ارتداء الكمامة بذريعة أنه يذكر بفترة رئيس الاركان رفائيل ايتان الذي فرض على جنود الجيش الاسرائيلي ارتداء القبعة العسكرية على الرأس بذريعة أنه فقط بهذه الطريقة يمكن الحفاظ على الانضباط العسكري. ولكن المواطنين ليسوا جنود، وملاحقة المفتشين ورجال الشرطة للمواطنين المارين تحولت اكثر من مرة الى تنكيل وحشي وزائد، واحيانا كان مقرونا بالعنف.
يبدو ايضا أن الابطاء في رفع القيود عن مؤسسات التعليم مبالغ فيه. صحيح أن معظم الطلاب غير مطعمين، لكن مع ذلك يجب علينا أن نتذكر بأن انتشار الفيروس في البلاد منخفض الآن وأن الاطفال والمرافقين قد تضرروا بشدة من الناحية الاكاديمية، والاكثر اهمية من الناحية النفسية، أكثر من سنة لأن عمليات الاغلاق منعت بشكل فعال الدراسة بانتظام.
جميع الخطوات التي اتخذتها الدولة ربما كانت لها درجة من التبرير في مراحل الخوف وعدم المعرفة التي احاطت بتفشي الوباء. والتمسك بها عميقا داخل مرحلة وقف المرض في اسرائيل يعكس اسباب اخرى، الدوافع الغريبة لنتنياهو، الذي اراد أن تسود هنا حالة طوارئ متواصل في الوقت الذي يحاول فيه التملص من محاكمته؛ الخوف ما بعد الصدمة تقريبا لرؤساء وزارة الصحة من عودة الكورونا؛ ويبدو ايضا الرغبة في أن يعجبوا رئيس الحكومة. كان هنا قدر لا بأس به من ردود الفعل المفرطة بالقلق التي يصعب أن نجد فيها أي تفهم كبير للظروف التي فيها تثبيط الفيروس وعدد الاصابات قليل.
الوباء عند الجيران
في الوقت الذي تحقق فيه اسرائيل انجازات في مكافحة الكورونا، فانها تتجاهل بصورة كاملة التهديد الرئيسي – الوضع عند الجيران الفلسطينيين. في ظل غياب التطعيم فان الكورونا عادت للتفشي في الضفة الغربية وفي غزة. المستشفيات مكتظة وعدد المصابين الجدد حوالي 2000 في اليوم وعدد الوفيات 20 في اليوم. لدى سكان يعادلون نصف عدد سكان اسرائيل، هذه ارقام عالية جدا.
اسرائيل قامت بتطعيم عشرات آلاف الفلسطينيين الذين يعملون داخل الخط الاخضر وفي المستوطنات، ومكنت من ادخال التطعيمات للطواقم الطبية في الضفة وفي غزة. ولكن الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين لم يأخذوا اللقاح، هذا في الوقت الذي يتراكم فيه في اسرائيل فائض من اللقاح. الى جانب الاعتبارات الاخلاقية، فان تفش كبير للكورونا في الضفة الغربية يمكن أن يتسرب ايضا الى داخل اسرائيل ويفشل الجهود للوصول الى مناعة القطيع، بسبب العلاقة الوثيقة بين المجموعتين السكانيتين. واذا حدثت في القطاع كارثة انسانية بسبب الكورونا فان اسرائيل ستجد صعوبة في عدم تحمل المسؤولية عنها. وهي يمكن ايضا أن تدفع ثمنا باهظا يتمثل في تدهور أمني مع حماس.
نتنياهو ووزير الدفاع بني غانتس ينشغلان في المعارك السياسية حول تشكيل الحكومة. ولكن يجب على اسرائيل أن تستيقظ وأن تقدم مساعدة اكبر للفلسطينيين، أو على الاقل أن تجعل الدول العظمى والدول الصديقة (روسيا والصين والاتحاد الاوروبي والسعودية) تهتم بتزويد سريع للقاح للمناطق. في ظل غياب ذلك، ليس فقط نجاح عملية التطعيم هنا هي التي ستتعرض للخطر، بل ايضا الاستقرار الامني النسبي.