عربي-
غيّب الموت في العاصمة الأردنية عمّان، اليوم الأحد، "أيقونة" العمل اليساري في الأردن، وأحد أبرز رموز المعارضة، الطبيب يعقوب زيادين عن عمر يناهز (95 عاماً).
ويعد زيادين واحداً من أبرز القيادات الماركسية العربية، حيث انضم إلى الحزب الشيوعي عام 1943، وتربع على كرسي الأمانة العامة للحزب الشيوعي الأردني لأطول فترة في تاريخ الحزب.
الراحل، الذي عرف عنه خجله وهدوؤه في علاقاته الاجتماعية، وصلابته وعناده في المواقف الوطنية والسياسية، درس الطب في جامعة دمشق، وتخرج منها في أربعينيات القرن الماضي، ليكون واحداً من أوائل الأطباء الأردنيين، وليحمل من يومها لقب "الطبيب الشيوعي".
افتتح زيادين بعد تخرجه عيادة خاصة في مدينة القدس الشرقية، التي كانت تخضع للسيادة الأردنية بحكم قرار الوحدة الأردنية الفلسطينية عام 1950، وهناك مارس عمله "طبيباً شيوعياً" في علاج المرضى وتنظيم السكان في صفوف الحزب.
يذكر زيادين، الذي يلائمه كثيراً وصف "أبي الشيوعيين الأردنيين"، كلما ذكرت حتمية العلاقة الأردنية الفلسطينية بين الشعبين، حين انتخب "الأحمر" الذي ينحدر من قرية السماكية بالكرك (جنوب الأردن)، عضواً في البرلمان الأردني عام 1956 عن مقعد القدس دون أن تلاحقه الاتهامات الإقليمية والعنصرية.
الشيوعي لم يعترف بقانون مكافحة الشيوعية الذي بدأ العمل فيه بالأردن منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي وحتى عودة الحياة الديمقراطية في عام 1989، ليدفع ضريبة شيوعيته السجن في معتقل الجفر الصحراوي "سيىء الصيت"، لمدة ثماني سنوات منذ عام 1957 وحتى 1965، تعرض خلالها لتعذيب شديد، قبل أن يخرج بعفو عام، متمسكاً بشيوعيته، التي رفض البراءة منها تحت ضغوط سجانيه.
مع عودة الحياة الديمقراطية إلى الأردن، ساهم زيادين في إنشاء الحزب الشيوعي الأردني، الذي حصل على ترخيص وزارة الداخلية الأردنية في عام 1993، وشغل منصب الأمين العام للحزب حتى نهاية التسعينيات، بعد أن اختلف مع رفاق الأمس، الذين اتهمهم علناً بالانحراف عن البوصلة ومبادئ الشيوعية، فأعلن براءته منهم وغادر صفوف الحزب، الذي قضى فيه أكثر من نصف قرن.
خاض مغامرته الحزبية الأخيرة في عام 2001 عندما اندفع مع مجموعة شيوعية غاضبة من الحزب إلى تأسيس حزب الشغيلة الشيوعي الأردني، الذي اعتبر بمثابة انشقاق في صفوف الحزب الشيوعي. لم يتسلم مناصب قيادية في الحزب الجديد، الذي كان بمثابة الأب الروحي له، لكنه سرعان ما ابتعد عن الحزب الجديد أيضاً، الذي عاد ليندمج مع الحزب الأصلي في عام 2008 تحت سياط قانون أحزاب جديد.
غادر زيادين العمل الحزبي لكنه لم يغادر هموم السياسة التي شغلته حتى رحيله، حيث كان بيته مقصداً للمشتغلين بالسياسة والعمل العام.
خلف زيادين، الذي وصف لطول حياته وصلابته بـ "سنديانة الأردن"، عدداً من المؤلفات هي: البدايات، ليست النهائيات، ولو عادت بي الأيام.