الراي-بكل تأكيد نقدر عالياً كل جهد لمؤسسات الدولة لتطهير نفسها من الفساد والذي لا ينحصر أبداً في منظومة الرشوة أو تسهيل الخدمات مقابل العمولات الحرام وأعمال الوساطة غير المشروعة بل يشمل تعطيل القرار وعدم القيام بالواجب والمنافسة غير المشروعة واحتكار السوق والمبالغة في السعر وعدم مطابقة المواصفات والمقاييس.. الخ فالقائمة تطول اذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم جامع مانع حقيقي للفساد.. لا ننكر أبداً وجود فساد داخل مؤسسات الدولة الحكومية، والمراقب المنصف سيجد أن هنالك جدية في مكافحته وافعال حقيقية على الأرض لكن بالمقابل ومن ناحية إعلامية ورأي عام شعبي فلدينا إغفال متعمد لحقيقة مفادها أن الفساد في القطاع الخاص هو اضعاف الموجود في القطاع العام وبمقابل كل موظف عام يرتكب جريمة الرشوة مثلا فهنالك راش من القطاع الخاص يعزز ويجذر الفساد في المجتمع ولا نبالغ اذا قلنا إن الاصل في الفساد قد تسرب من القطاع الخاص الى القطاع العام. القطاع الخاص هو أيضاً جزء من الدولة ومنظومتها وكيانها وهو الذي خلق ثقافة الاثراء السريع في المجتمع وهو الذي يقدم الرشوة وهو الذي يرفع الاسعار ويقوم بعمليات احتكار السوق وهو من يتهرب ضريبيا ويطلب التسهيلات غير المحقة مقابل المال ويقوم بتنفيذ العطاءات بشكل مخالف للعقود وهو الذي يقوم بعمليات التهريب والالتفاف على القانون ومؤسساته وادواته وهو الذي صنع يوما الدواء المقلد وقلد الدمغات واستورد وأدخل الغذاء الفاسد للسوق وبمقابل كل موظف عام فاسد فهنالك عشرات الفاسدين في القطاع الخاص شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المنظومة ومارسوا عمليات غسل الاموال فعليا وهنالك الكثير الكثير.