Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-May-2018

بعد 20 عاما على رحيله.. صور ووثائق جديدة عن نزار قباني

 

عمان -الغد - مع حلول الذكرى العشرين لرحيل الشاعر السوري نزار قباني في لندن ظهرت بالمدينة صور ووثائق ومقابلات أعادت "شاعر المرأة" إلى الحياة من جديد وسلطت عليه الضوء من خلال أعماله التي ترجمت للغات أجنبية عديدة.وبين موقع (الجزيرة. نت) انه وتزامنا مع ذكرى رحيله خصصت مجلة الجديد الثقافية التي تصدر في لندن عددها لشهر أيار (مايو)، للشاعر السوري الذي تغنى بأشعاره كبار المطربين العرب أمثال عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفيروز وفايزة أحمد.
وحمل غلاف المجلة صورة كبيرة لقباني وهو يلوح مودعا، في حين جاء العنوان "الشاعر المتمرد.. 20 عاما على غياب نزار قباني".
وضم العدد دراسات نقدية ومقالات أدبية وصورا فوتوغرافية وشهادات لشعراء وكتاب عاصروا قباني وتتلمذوا على يديه، إضافة إلى مقابلة نادرة مع ابنته الراحلة هدباء.
ومن بين الشعراء المشاركين في العدد المصرية فاطمة ناعوت والتونسي صلاح بن عياد والمغربي عبد القادر الجموسي والعراقي باسم فرات والإيرانية مريم حيدري والعمانية فاطمة الشيدي والفلسطينية أسماء الغول.
وكان نزار قباني ولد في 1923 وتوفي في لندن العام 1998، وهو دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد لأسرة دمشقية عربية. يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها العام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته العام 1966.
أصدر أولى دواوينه في العام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء"، وتابع عملية التأليف والنشر حتى بلغ مجموع كتبه في الشعر والنثر والمسرح زهاء 50 مؤلفا. وبحسب الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)، أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّز خاص في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقا حاسما في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.
قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : "نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفً". على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآس عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ إنتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولاً إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟".
ولد نزار في دمشق القديمة في حيّ "مئذنة الشحم"،  وشبّ وترعرع في بيت دمشقي تقليدي، وبحسب ما يقول في مذكراته، فقد ورث القباني من أبيه، ميله نحو الشعر كما ورث عن جدّه حبه للفن بمختلف أشكاله.
يقول في مذكراته، أيضًا، أنه خلال طفولته كان يحبّ الرسم ولذلك "وجد نفسه بين الخامسة والثانية عشرة من عمره غارقًا في بحر من الألوان". وقد ذكر أن سِرّ مَحبّته للجمال والألوان واللون الأخضر بالذات أنه في منزلهم الدمشقي كان لديهم أغلب أصناف الزروع الشاميّة من زنبق وريحان وياسمين ونعناع ونارنج.
وكأي فتىً في هذا السنّ، ما بين سن الخامسة عشر والسادسة عشر احتار كثيراً ماذا يفعل، فبدأ بكونه خطّاطا تتلمذ على يد خطّاط يدويّ ثم اتّجه للرسم وتعلق به، حتّى أن له ديوانًا أسماهُ الرسم بالكلمات. ومن ثم شُغف بالموسيقا، وتعلّم على يد أستاذ خاص العزفَ والتلحين على آلة العود، لكنّ الدراسة خاصة خلال المرحلة الثانوية، جعلته يعكف عليها. ثُمّ رسا بالنهاية على الشعر، وراح يحفظ أشعار عمر بن أبي ربيعة، وجميل بثينة، وطرفة ابن العبد، وقيس بن الملوح، متتلمذا على يدِ الشاعر خليل مردم بِك وقد علّمه أصول النحو والصرف والبديع.
خلال طفولته انتحرت شقيقته وصال، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تكن تحبّه، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسه، وربَّما ساعد في صياغة فلسفته العشقيّة لاحقًا ومفهومه عن صراع المرأة لتحقيق ذاتها وأنوثتها. ولم يكشف عن حقيقة هذه الحادثة باكرًا بل قال أنها توفيت بمرض القلب، إلا أن كوليت خوري كشفت قصة الانتحار، وهو ما ثبت لاحقًا في مذكراته الخاصة، إذ كتب: "إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره". يصف نزار حادثة الانتحار بقوله: "صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي.. كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدويّة". كما ارتبط بعلاقة قوية مع أمه.  تزوج نزار مرّتين، زوجته الأولى كانت ابنة خاله زهراء آقبيق وأنجب منها هدباء وتوفيق. وقد توفيّ توفيق العام 1973 وكان طالبا بكلية طب جامعة القاهرة في السنة الخامسة، والذي ترك الأثر الكبير في حياته، وتوفيّت زوجته الأولى في 2007. وكان زواجه الثاني من امرأة عراقيّة الأصل تُدعى بلقيس الراوي التقى بها في أمسية شعريّة في بغداد. ولكنها لقيت حتفها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حادث انتحاري استهدف السفارة العراقيّة في بيروت حيث كانت تعمل العام 1982. وقد رثاها نزار بقصيدته الشهيرة بلقيس التي قال فيها إن الجميع كان لهم دورٌ بقتلها، وقد أنجب منها ابنيه عمر وزينب ولم يتزوّج بعدها.
بعد مقتل زوجته بلقيس، غادر نزار لبنان وكان يتنقل بين باريس وجنيف حتى استقر في النهاية في لندن حيث قضى الخمسة عشر عاما الأخيرة من حياته، واستمرّ بنشر دواوينه وقصائده المثيرة للجدل خلال فترة التسعينيات ومنها "متى يعلنون وفاة العرب؟" و"المهرولون".
في العام 1997 كان قباني يعاني من ترد في وضعه الصحي، وبعد عدة أشهر توفي في 30 نيسان (أبريل) 1998 عن عمر ناهز 75 عاما بسبب أزمة قلبية. وفي وصيته التي كان قد كتبها عندما كان في المشفى في لندن أوصى بأن يتم دفنه في دمشق التي وصفها في وصيته، قائلا: "الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين".
تم دفن قباني في دمشق بعد أربعة أيام، حيث دفن في باب الصغير بعد جنازة حاشدة شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري إلى جانب فنانين ومثقفين سوريين وعرب. قال النقاد عن نزار إنه "مدرسة شعرية" و"حالة اجتماعية وظاهرة ثقافية". وأسماهُ حسين بن حمزة "رئيس جمهورية الشعر". كما لقبّه "أحد آباء القصيدة اليومية": إذ قرّب الشعر من عامة الناس.
الأديب المصري أحمد عبد المعطي حجازي وصف نزار بأنه "شاعر حقيقي له لغته الخاصة، إلى جانب كونه جريئًا في لغته واختيار موضوعاته"، لكنه انتقد هذه الجرأة "التي وصلت في المرحلة الأخيرة من قصائده "لما يشبه السباب".  الشاعر علي منصور قال إن نزار قد حفر اسمه في الذاكرة الجماعيّة وأنه شكل حالة لدى الجمهور "حتى يمكن اعتباره عمر بن أبي ربيعة في العصر الحديث". وعن شعره السياسي قال حسين بن حمزة: "أذاق العرب صنوفا من التقريظ جامعا بين جلد الذات وجلد الحكام، في طريقة ناجعة للتنفيس عن الغضب والألم".