الغد-هآرتس
بقلم: رفيت هيخت 29/11/2024
الإغلاق السريع لجبهة الشمال من قبل نتنياهو، وفرض الاتفاق مع حزب الله على الحكومة ومصوتي اليمين، أوجدا آلية مثمرة لإنتاج أسباب مفترضة لهذه الخطوة المتسرعة، التي تخالف الرسائل العسكرية التي خرجت من رئيس الحكومة في الأشهر الأخيرة حول استمرار الحرب وقوتها ونطاقها.
الأسباب السياسية المحتملة معروف، على رأسها حقيقة أن إغلاق جبهة الشمال أمام حزب الله القوي والأكثر خطورة، لا تعرض الائتلاف للخطر، خلافا للتنازل عن الفرصة العقارية في غزة في النضال ضد حماس، وكذلك أيضا الحاجة إلى خلق مناخ ملائم أكثر للدفع قدما بتهرب الحريديين من الخدمة في الجيش. إضافة إلى ذلك، تم التلميح أيضا إلى أسباب تتعلق بالطابع الشخصي، منها قضية الزيارة في فرنسا على خلفية أوامر الاعتقال من لاهاي.
لكن العامل الأكثر أهمية في طيف هذه التقديرات هو حجم تدخل دونالد ترامب في هذه العملية؛ حيث إنه لم يتسلم بعد منصبه وأصبح يظهر كمن يحرك نسيجا استراتيجيا جديدا في المنطقة. من غير الواضح إلى أي درجة كان مشاركا في عملية التسوية السريعة نسبيا في لبنان، ولكن لا أحد يستبعد مجرد تأثيره، خلافا للإحاطات التي وصلت من الحكومة الإسرائيلية، التي سعت إلى تبرير العملية غير الشعبوية في اليمين بضغط معاد من الإدارة الديمقراطية، الذي تمت ممارسته بكامل القوة الآن في أواخر أيام حكمها، ومن غير المستبعد التشكك في أنه بالذات رغبة الرئيس المنتخب هي التي كانت مؤثرة أكثر.
إلى جانب التصريحات مؤيدة لإسرائيل، التي صدرت بالأساس كتحد للرسائل الأكثر تعقيدا والتي صدرت من الإدارة الديمقراطية، تحدث ترامب في مناسبات عدة أثناء حملته الانتخابية لصالح إنهاء الحرب، لا سيما في غزة، بصورة تتماشى مع سياسته المعلنة، أهمها رفض المشاركة في حروب الآخرين وتمويلها. هناك مجال للتخمين بأن الخطوة المقبلة للرئيس الجديد هي فرض إنهاء الحرب في غزة على نتنياهو، مع أو من دون هدية معينة يمكن لنتنياهو تقديمها للمستوطنين. مجرد وجود هذه الهدية، الضم في الضفة أو إذن بالاستيطان في غزة، مرهون بالأساس برغبة ترامب ومصالحه ورغبته في تقوية نتنياهو أو الإساءة إليه.
الرئيس الأميركي الجديد تم انتخابه بسبب قدرته ووعوده الديكتاتورية، الأمر الذي يزيد احتمالية وجود حلول "ديمقراطية"، التي تأتي الآن بتغليف من ترامب. للمفارقة، فإن اليمين في إسرائيل الذي بارك انتخابه سيجد نفسه يخضع لإملاءاته في الجبهات المختلفة، أو للدقة، رغبته في إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن. وخلافا للديمقراطيين، الجسم العاجز يسهل عليه امتصاص أي طعن أو تأثير. أيضا هو يمكنه تحقيق هذه الرغبة.
بالنسبة للبيبيين غير المرتبطين باليمين، مثلما باليسار، ولكنهم حتى الآن يشكلون أساس انتخاب اليمين، فإن هذه خطوة مطلوبة. ها هو أكبر الزعران، أكبر حتى من أزعرهم، يعلن بأنه قد تحقق ذلك النصر المأمول، وأنه يمكن التوقف عن الحرب الكابوسية هذه. اليمين الأيديولوجي الذي يعتبر استمرار الحرب والاستيطان في غزة ضرورة وجودية يمكن أن يكتشف بأنه بقي وحده، وأنه لا يمكنه مواصلة إملاء ما يحدث.
الدخول القريب لترامب إلى البيت الأبيض يخلق هرمية جديدة للقوى، التي فيها أشخاص، مثل ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هم حلقة ضعيفة ولم يعد يحسب لهم أي حساب بشكل خاص. حتى لو كان ترامب سيفرض على إسرائيل إنهاء الحرب، وحتى سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة، فإنه مشكوك فيه أن تشكل هذه أي تهديد على حل للحكومة في ظل غياب بدائل سياسية (الأول لن يحصل في أي يوم على القوة الحكومية التي توجد له الآن، والثاني لن يتجاوز نسبة الحسم)، ما حدث هو أنه جاء أزعر جديد إلى الحي وهو أكبر من كل سابقيه.