Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Oct-2017

كتالونيا ليست فلسطين - نيتسان هوروفيتس

 

هآرتس
 
الغد- لافتات ملونة كتب عليها "نعم"، ما زالت معلقة في برشلونة على الشرفات، وهي الشاهد على دراما الاستفتاء الشعبي الذي جعل كتالونيا في حالة اضطراب كبيرة. "أهلا وسهلا بك في اسبانيا!"، هكذا رحب بالضيف بابتسامة ذات مغزى. لقد ولد وعاش في كتالونيا، ولكنه يتحدث الاسبانية في الأساس، ويتعاطف مع طلب الاستقلال، لكنه يخشى من انهيار الاقتصاد. وهو يجسد عقدة التناقضات التي تجثم فوق كتالونيا. هي غنية جدا لكنها تعاني من التمييز، وسكانها هم مواطنون اسبان، واسبانيا الآن هي ديمقراطية حيوية، لكن هناك من يتحدثون عن "الاحتلال"، ولها صلاحيات وميزانيات لتطوير الثقافة واللغة الكتالونيا، رغم أنها لغة الأم لأقل من نصف السكان.
يمكن التعاطف مع المشاعر القومية للكتالونيين الذين عانوا في فترة الحكم الفاشي وقبله، وسيكون من الجيد اذا تمكنت كتالونيا من الاحتفاظ بمداخيلها لنفسها بدل تقاسمها مع مناطق اسبانية فقيرة. ولكن بالإجمال، ما هو السيئ اليوم؟ كتالونيا هي مكان مرغوب فيه، وهي مكان يجذب الثقافة والعلم والرياضة. كل شيء قائم هناك. والتذمر الأساسي هو من طوفان السياح، وقد كنا نأمل أن يكون هذا الطوفان لدينا. لماذا نهز هذه السفينة؟ لها نظام مستقل هو الأوسع من نوعه في أوروبا، واذا حظيت بالاستقلال فسيكون طموحها الأكبر هو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي موجودة هناك كعضو محترم. وبشأن المال، كدولة غنية يجب عليها دعم الدول الاخرى (واسبانيا) عن طريق الاتحاد الأوروبي. فلماذا كل هذه الفوضى؟ لا يوجد هناك أي منطق. إقليم برشلونة هو وطن لأكثر من ثلثي سكان كتالونيا. وهو أحد الاماكن المزدهرة ليس فقط في اسبانيا، بل في كل أوروبا. تطوير حضري ممتاز، معالم هندسة معمارية، مطاعم مزدهرة. الوفرة في كل زاوية. مركز تجاري يتطور بوتيرة سريعة، ومصنف بين الأوائل من حيث مستوى الحياة في العالم. وليس غريبا أن الجمهور تظاهر من اجل البقاء في اسبانيا. بالطبع كل ما تم ذكره لا يبرر العنف الذي استخدمته شرطة اسبانيا ضد السكان الذين ارادوا التصويت في الاستفتاء. 
وما حدث هنا هو مسيرة كبيرة للحماقة: قرار حكومة كتالونيا اجراء الاستفتاء كان خطأ كبيرا، تعليمات مدريد لمنع ذلك بالقوة كانت عملا بائسا، قرار برلمان كتالونيا "منح التفويض" لرئيس الولاية من أجل الاعلان عن الاستقلال هو أمر اعتباطي ورد اسبانيا الذي حدد للرئيس انذار نهائي هو عمل غبي. منذ الاستفتاء هربت من هناك مئات الشركات ومن بينها بنوك. ويقولون الآن إنه لا يوجد في اسبانيا ما يكفي من السلالم من اجل انزال زعماء الولاية والدولة عن الاشجار العالية التي تسلقوها في هذه الازمة التي لا لزوم لها.
في اليمين الإسرائيلي كان هناك من فرحوا بالضائقة الاسبانية، لأن اسبانيا "معادية لإسرائيل وتؤيد الفلسطينيين". والآن "سنريهم ماذا يعني ذلك". هذا الادعاء مثير للضحك ويدلل على الجهل في افضل الحالات وعلى الكذب في أسوأ الحالات. في كل المجالات وفي كل المعايير يوجد فرق كبير بين الفلسطينيين وبين كتالونيا أو منطقة الباسك وفلاندريا وأي منطقة اخرى في غرب أوروبا: الحقوق الأساسية مثل حرية الحركة والاحتلال العسكري والعنف والوضع الاجتماعي البائس – قمع شديد للنزاع القومي الذي هو ليس مجرد قصة تاريخية، لكنه واقع مشتعل ويسفك دماء اليهود والعرب.
إن امتحان التطلع إلى الاستقلال هو قبل كل شيء امتحان لحقوق الانسان: هل لأبناء الجماعة مساواة في الحقوق امام القانون، تمثيل مناسب، قدرة على الانتخاب والترشح لكل المؤسسات وحماية اجتماعية؟ هل الحقوق القومية التي هي حقوق مشروعة تجد لها اجابة مناسبة في الاطار القائم، أو أنه يجب انشاء اطار سيادي جديد؟ حسب هذه الاختبارات كانت هناك عدالة كبيرة في النضال الصهيوني وفي مطالبة اليشوف (الاستيطان الأول) اليهودي بدولة. كذلك يوجد عدل وشرعية أيضا في النضال الفلسطيني من اجل اقامة دولة إلى جانب إسرائيل، وليس مكانها. وكتالونيا؟ يجب عليها البقاء في اسبانيا، وأن تواصل ازدهارها.