Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Nov-2017

أصحاب السعادة.. الأبناء الأعزاء - م. باهر يعيش

الراي -  لا صوت لا نفس لا حركة، كتلة من لحم بشريّ وردي اللون زلق، ينزلق مطلًا برأسه من بوابة

الرّحم من ضغط جدران بيته.. تطرده خارجا. يسحبونه يشدّونه باليد بملزمة لا فارق معهم.
 
هو لا يرغب بترك مسكنه رحم أمّه حوضها مائها. قد(يُطنّش) يعاند يعصلج فيدفع يغلق باب الرّحم بقدميه، يأبي إلّا أن يقابل الدّنيا بقدميه بمؤخّرته، يباغتونه يغدرون به يفتحون سماء كيسه من الأعلى، يأتونه بغتة وعلى غدر يخدعونه، فالحرب خدعة. يمسكون بقدميه كسمكة إصطادوها، لكن الفرق أنّها تقاوم لكنه صامت لا يَحرُك فيه سوى قلب صغير بحجم حبة كستناء. يقلبونه رأسا على عقب، يعلقونه من عرقوبيه، يصفعون مؤخّرته فيصحو على الألم والوجع، وجع يعاني منه عند النزول وحتى النزول.. الأخير يصرخ يبكي وقد (يشتم). الصّفع أوّل ما يذكره في إطلالته الحياتيّة.
 
يحبو يتعلّم المشي ثمّ إلى الروضة فالمدرسة فالمراهقة والشباب. يزامل يعاشر يخطىء ويصيب، يغُلّب يُعجّز يهلك ويشيب والديه في مراهقته.يتمشكل مع أبناء الجيران ويعاكس بناتهم وقد يغرق في الحبّ الأوّل، يسهر يتنهّد يتخيّل ويحلم وتطير منه وسط الدّموع وكأنّه فقد حياته رغم أنه لم يلمس يدها وربّما لم يكلّمها قط بل أنّها/أنّه ربّمالم يكن تشعر به/يشعر بها أبدًا. تطير منه بزواج مبكّر أو إنتقال من الحي. يقسم وسط البكاء والعويل أن لن ينساها لن يعرف غيرها. في العام التالي ينسى ليعلق بجارة أخرى. في الجامعة يتعلّم يزامل يرافق ينجح يبذل جهدًا يسهر ليالي وتحرقه أيام, يتخرّج. يبتهج أبواه وتقام سرادقات الفرح وقرع الطبول ولعلعة الرّصاص.
 
أصبح رجلًا(ماشا االله) يرفعون رؤوسهم به ويحمدون االله أن مكّنهم من إيصاله إلى هذه المرحلة بعد رحلة طويلة من تعب قلق إرهاق مصاريف لا يعلم إلّا اللّه، كيف تمكّنوا من تأمينها؟! بالسهر بالجهد وقد يكون بالدين. يعمل يكدّ ويتزوّج وقد يزوّجونه هم ببقيّة تحويشة العمر أو بيع الارض. يفرحون يرقصون يصفّقون يدبكون يقيمون الأفراح والليالي الملاح، ف(سبع البرمبة)أصبح أبًا. ينتظرون حفيدهم /حفيدتهم/حفيدتهنّ على أحرّ من الجمر. تشرّف أنت يا الإبن / الإبنة. الآن وقد أصبحت رجلًا، قد يهمّك أن تعرف: أنه...(هو) أبوك عينه ذاك الوليد الذي ولد وضرب على مؤخّرته فملأ الدنيا صراخًا. هو ذاك الطفل، ذاك المراهق الذي عشق بنت الجيران وأكل العلقات في سبيل إرسال رسالة حب وغرام لها، هو ذلك الطالب الشاب الذي درس تعلّم وتخرّج وعمل كدّ تعب تزوّج وخلّفك أنت يا (صاحب/صاحبة السّعادة).
 
إبننا/إبنتنا العزيز: كان أبوك طفلًا مراهقًا شابًا رجلاً، مرّ بكلّ المراحل التي مررت بها وستمرّ بها جنابكم وربّما أصعب أقسى وأمرّ. لم يوجد يولد يخلق أبٌ جاهزٌ معلّبٌ محنّطٌ (قد) تظن. هو إنسان مرّ بمراحلك يعرف ويعي ما مررت وما تمر وستمر به من ظروف وأعباء وإشكالات، فلا تظنّه تعتبره من غير هذا الكون، من ثقب فضائيّ أسود حطّ على الارض ونسوه، أو أنّه يقبع تحت حجر.
 
هو يعي أنّ لكلّ حياته شخصيته طريقته حريّته أسلوبه فليعش كما يريد ويرغب أبا/أمّا كان أم أبنا، يحترم كلّ ويقدّر ذلك فلتكن كذلك. هذه ليست دعوة ألى الأنفصال، بل دعوة إلى الفعم والتّفهّم والتقدير والإحترام، دعوة إلى التكاتف والتّعاضد والتّقدير المتبادل لجيل راحل من جيل صاعد، مبنيّ على المحبّة والمودّة واحترام الآخر وقبله أحترام الذّات.رضانا عليك... وعنّا لأمر بنيك...إنقلها إلى بنيك.
 
mbyaish@gmail.com