Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Mar-2020

الشفافية ليست ترفًا فمن هم المصابون ؟!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

أسجل شكري لكل من شعر بأنه مصاب وبادر لفحص نفسه، أو سمع بأنه كان قريبا من شخص مصاب فبادر للتأكد من عدم تعرضه للعدوى، فهو لم يفعل ليحمي نفسه فقط، بل ليحمي كل شخص من احتمال الإصابة بالعدوى الجائحة، ومن جهة أخرى: من قال بأنها معلومات شخصية وخاصة بالمصابين «شافاهم الله وعافاهم»؟!، يكون هذا الأمر صحيحا لو لم يكن الفيروس معديا وسريع الانتقال الى الآخرين، وربما يكون صحيحا لو كنا في غابة كل شخص فيها مستقل بمنطقة لا يعيش معه غيره، لكننا في وطن يتعرض لأزمة مصيرية وجودية، وأي شخص مصاب هو خطر على كل شيء آخر.
 
مطلوب من الحكومة أن تعلن أسماء المصابين وأماكن تواجدهم قبل وأثناء الإصابة، ليعرف كل من خالطهم بأنهم تعرضوا للإصابة وإن كانوا قد اقتربوا منهم أو احتكوا معهم في الأسبوعين ما قبل إصابتهم، عليهم أن يبادروا للطلب من الجهات المختصة بفحصهم للتأكد من خلو أجسادهم من هذا الفيروس، ولا أحد منا معصوم من الإصابة بالفيروس، وقد يكون قد تعامل مع أحد المصابين ولم يعلم بأنه ثبتت إصابته..فيصبح هو بدوره قنبلة موت تنشر الوباء بين أهله وأقاربه وتنثر الفيروس على الأشياء.
 
ونقول هذا لأن كثيرين من الذين حضروا العرس في إربد، تعرضوا للإصابة، بينما لم يبادر بعضهم لفحص أنفسهم بعد أن علموا بأن الفيروس قد انتشر في تلك الحفلة، ولست أدري ما الذي يقصده أحد كان في بيئة تحمل المرض وعلم بذلك ولم يبادر الى فحص نفسه والحجر عليها حتى يتأكد من أنه سليم..
 
الدولة ما زالت تتعامل بنفس دافىء كله حكمة ورشد، تحترم الجميع حتى الذي تعامل مع مصاب ولم يذعن لنداءاتها بضرورة أن يفحص نفسه، ما زالت تقدم له المناشدات وتطلب أن يبادر للتأكد، لكنها لن تبقى كذلك طويلا مع ازدياد أعداد المصابين، وهي ربما لن تستقبل أية حالة إن فاض العدد عن قدرات المؤسسات الطبية، وسوف يقال لهم عندئذ ما قالته إيطاليا «العظمى» لرعاياها، بسبب تراخي تلك الدولة وتمترسها بالديمقراطية التي جاءت على حساب وجودها على الخارطة.
 
لسنا الصين، التي قامة بأتمتة كل الحياة العامة، وأصبحت تتعامل مع برنامج كمبيوتر، يجري كل العمليات الخاصة بالفرز والتتبع واحتساب «الأنفاس» والحركات والسكنات على كل ما يدب على أرضها، فكل مواطن فيها يمكنه أن يتلقى أكثر من 3 إنذارات في أي وقت اقترب فيه من مصاب، ودون الرجوع الى أية جهة، بل يمكنه أن يعرف 70 ٪ تقريبا من المعلومات عن أي مصاب أو حامل للفيروس دون سؤاله، ويمكن للدولة أن تعرف خط سير وإقامة وتعامل وعمل هذا المصاب او الحامل للفيروس على امتداد أية فترة قبل وبعد تعرضه للفيروس، وكله مؤتمت ولا يحتاج الرجوع الى الشخص وسؤاله، بينما نحن يلزمنا السؤال والتأكد وإبلاغ الناس وتحذيرهم من احتمال مخالطتهم لحامل لهذا الفيروس الفتاك.
 
يجب معرفة اسم ومكان إقامة وعمل ومكان عمل وتواجد كل مصاب، ونشر هذه المعلومات مع دعوة المواطنين بضرورة معرفة تلك المعلومات، ليتأكدوا من أنهم قد تعاملوا مع هذا الشخص او اختلطوا به فترة إصابته، ليبادروا بالحجر على أنفسهم بعيدا عن عائلاتهم لحين أن يتأكدوا بأنهم خالون من المرض.
 
نحن في الأردن ما زال لدينا هامش للحركة والوقاية وحصر المرض، لكنها فرصة ستتبدد مع كل أسف لو ازداد عدد الحالات عن قدرة البنية التحتية العلاجية، وهي نقطة لا نريد الوصول إليها، فلن يتعامل الشعب والدولة معها كما يتعامل «الطليان» وغيرهم، بل ستكون ردة فعل الغالبية غرائزية اتهامية مرفوضة تهدد الجميع.
 
الشفافية في هذا الظرف ليست ترفا، ويجب نشر كل ما يتعلق بالمصابين أولا بأول.