Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2017

« أم القنابل» في وزارة التربية ! - احمد ذيبان
 
الراي - ألقى وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز، بما يمكن وصفه ب «أم القنابل» والتعبير هنا مجاز ! والمقصود قرارين يتعلقان بامتحان التوجيهي ،أحدهما وهو الاهم إلغاء تصنيف الطلبة بين «ناجح وراسب» ، والثاني السماح لمن يخفقون بإعادة الامتحان بعدد غير محدد من الدورات ، وهذه خطوات «ثورية» تستحق الدعم ، كفيلة بكسر « خط أحمر» يقترب من درجة القداسة ، في الموروث الاجتماعي ترسخ عبر عقود من الزمن ، حيث يشكل التوجيهي محطة فاصلة في تحديد مستقبل الأجيال.
 
وأصبح أمرا طبيعيا أن العائلات التي لديها أبناء في مرحلة التوجيهي ، تعيش ظروف استنفار وتوتر خلال العام ،وخاصة في موسم تقديم الامتحان في الدورتين الشتوية والصيفية ! كما يشغل الامتحان وزارة التربية والتعليم ، لمدة تقارب أربعة أشهر من العام الدراسي ، في الاعداد وإجراء الامتحان وتصحيح الاوراق وإعلان النتائج، فضلا عما يتطلبه ذلك من كلفة مالية.
 
وفي وقت إعلان النتائج يحتفل الناجحون وعائلاتهم بطرق مختلفة ،لعل أكثرها إزعاجا واستفزازا مواكب السيارات ،التي تجوب الشوارع وتطلق الزوامير، وقد تتسبب بحوادث مرور وسقوط ضحايا ، فضلا عن إطلاق الألعاب النارية التي تشكل أيضا خطرا على حياة الكثيرين ، الى درجة أن جهاز الامن يعلن حالة طوارئ لكبح الفوضى ،التي يسببها الطيش في احتفال الناجحين ،الذين قد يكون بعضهم بمعدلات متواضعة في خانة الخمسينات ، ومقابل ذلك يشعر «الراسبون» بالاحباط والفشل ومواجهة ضغوط نفسية واجتماعية وتأنيب الاهل، ولا زلت أذكر حالة شقيقين قدما امتحان التوجيهي معا ، نجح أحدهما ورسب الاخر ! وفي ذلك الوقت كانت النتائج تنشر في الصحف وتذاع في الردايو، على وقع أغنية «الناجح يرفع إيده» ! وبالامكان تصور التداعيات السلبية النفسية على الشقيقين وأسرتهما ! التمييز بن « الناجح والراسب « يعني الحكم على عشرات الالاف من الشباب بالفشل ، وقد يكون الفارق بسيطا بين الناجح والراسب ، وهي نتيجة تعتمد على التلقين وقدرة الطالب على الحفظ ، وليس التفكير والاستيعاب ! وهو معيار ظالم في الحكم على قدرات الطالب وتقرير مصيره ! فهدف الامتحان ليس ترهيب الطلبة وإشعارهم بأنهم ذاهبون الى معركة ، بل هو تقييم مستوى الأداء والفهم والاستيعاب والتحليل ، والكشف عن توجهاتهم وقدراتهم التعليمية والاكاديمية أو اختيار المسار المهني ، وقد يكون الرسوب كما يقول الوزير في مادة هامشية ، فيما قد يكون الطالب متفوقا في مواد أخرى أكثر أهمية ، تتناسب مع قدراته ورغباته !
 
نتائج الدورة الشتوية للعام الحالي أحدثت صدمة مجتمعية ، إذ كانت نسبة الناجحين بحدود « 50 % «، وبالتأكيد لها تداعيات اجتماعية سلبية، من حيث الاحباط الذي يصيب الطلبة الراسبين وأسرهم ، وتطرح تساؤلات حول مستقبل نحو « 60 » ألف طالب ، وسط أزمات اقتصادية واجتماعية يعاني منها المجتمع ، بعض مظاهرها تبدو واضحة في تزايد لافت في انتشار المخدرات ومعدلات الجريمة والانتحار ، فضلا عن تفاقم مشكلة البطالة ، كما أن تراجع أعداد الطلبة الناجحين، يؤثر سلبا على الجامعات الخاصة، التي تقوم على استثمارت بمئات الملايين من الدنانير.
 
لم تعد الشهادة الثانوية تشكل ميزة لحاملها تؤهله للحصول على وظيفة ، وعليه لا فرق كبيرا بين الناجح والراسب بهذا الخصوص ! لكن الفرق هو في المهارات والقدرات الشخصية والمهنية وهي غير مرتبطة باجتياز الامتحان ، وأعتقد أن إسقاط صفة الرسوب بمثابة « وصفة » نفسية واجتماعية ايجابية لعشرات الالاف من الطلبة وعائلاتهم ، وتفتح لهم فرصا للدخول في سباق متكافىء ، لاثبات قدراتهم واختيار مسارات حياتهم العملية والمهنية.
 
يبقى الجانب المهم بالحصول على مقعد جامعي، وهو مرتبط حسب التوجه الجديد بمعايير تضعها الجامعات ودائرة القبول ، حسب مجموع علامات الطالب الذي سيصبح سقفها «1400 » بدلا من مئة ، وقدراته في المواد المناسبة للتخصص الذي يسعى له، فلا يمكن أن يقبل طالب في تخصص الطب أو الهندسة علاماته متدنية ،في المواد العلمية الاساسية مثل الفيزياء والكيمياء والاحياء..الخ