Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Jul-2020

هل تؤثر التربية في السلوك؟!*د. أحمد يعقوب المجدوبة

 الراي

الحديث هنا عن مجتمعنا طبعاً، فالإجابة تختلف من مجتمع إلى آخر.
 
فهنالك مجتمعات يتشكّل سلوك الفرد فيها، على نحو مؤثر وجليّ، بفعل تأثير الثالوث المعني بالأمر: الأسرة والمدرسة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية.
 
وهنالك مجتمعات يكون تأثير الثالوث المذكور على سلوك الأفراد فيها أضعف بكثير من المطلوب.
 
أين يقع مجتمعنا من ذلك؟
 
أغلب الظن «بناءً على ما نقرأ ونشاهد ونخبَر» أننا نقع ضمن الفئة الثانية، مع الأسف.
 
«الأثر» إذاً حاصل لا محالة، لكن الاختلاف هو في درجات التأثير وقوته: من الضعيف جداً إلى القوي جداً.
 
ونحن أقرب إلى الضعيف جداً.
 
هذا من ناحية.
 
من ناحية أخرى، نقول بأن الأمر يختلف في مجتمعنا من فرد إلى فرد، وأسرة إلى أسرة، ومدرسة إلى مدرسة، ومؤسسة مجتمعية إلى أخرى.
 
فهنالك أفراد في مجتمعنا واضح أن للتربية أثراً كبيراً على سلوكهم، وأنهم غاية في التّحضّر والالتزام والإيجابية.
 
وهنالك آخرون لا تكاد ترى للتربية أي أثر على سلوكهم، لا بل إن الأثر معاكس للمراد؛ وكأن الأسر والمدارس والمؤسسات أخذت تلعب دوراً سلبياً هدمياً بدل الدور اللإيجابي البنّاء.
 
وعلى نحو عام فإن للفئة الثانية حضوراً أقوى في المشهد، مع أنها قد تكون أقل عدداً.
 
ويتجلى ذلك بوضوح في الحالة المرورية في مجتمعنا، وفي التجمعات في المناسبات المختلفة، وفي رحلات التنزه، وفي ساحات المدارس، وفي الحرم الجامعي، وفي التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الإعلام، وبالذات الخاص منه، وفي غلبة الكلام على الفعل والتمني على الإنجاز والنوايا على النتائج، إلخ.
 
وهذه النتيجة غير المحببة، والتي تقف وراء تأخر مجتمعنا عن غيره من المجتمعات الأوفر حظاً والأكثر تقدماً، تقف وراءها بدورها مسببات عدة لا ريب.
 
منها تراجع دور المؤسسات المشار إليها وضعفه وغيابه التام أحياناً.
 
ومنها العوامل التاريخية التي أثرت في بنى ومكونات مجتمعنا، من الانحدار والانهيار الحضاري اللذين حصلا في حقب ماضية، بعد الازدهار الباهر، إلى الحروب الخارجية المدمرة التي شنت علينا، إلى الهيمنة والاستعمار.
 
ومنها التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤرقنا حالياً كدول «عالم ثالث».
 
ومنها غياب الوجهة والتخطيط السليم والتنفيذ الدقيق، ومن هنا التركيز على الجزئيات وغياب الرؤية الكلية والفعل الشمولي، ومنها التركيز على الأعراض بدلاً من الأسباب.
 
العوامل كثيرة. ومهم تحديدها ودراستها بعناية.
 
لكن الأهم هو الحل، والذي نبحث عنه لسنوات.
 
والحلّ هنا يكمن في أخذ البعد التربوي في الأسرة والمدرسة والجامعة وغيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية على محمل الجد.
 
والكثير مطلوب فعله هنا، من تأهيل جاد لتلك المؤسسات، وتدريب للمعنيين فيها على تنفيذ الأبعاد التربوية بكفاءة وفق خطط محكمة وآليات تنفيذ دقيقة ومستدامة، إلى توفير الدعم الفني والمالي واللوجستي.
 
ولا بد لنا من تكريس كامل طاقاتنا والكثير من امكاناتنا لهذا الأمر الفيصل.
 
فالتربية السليمة هي أساس نهضة المجتمع؛ وبغيابها يغيب النهوض والتقدم والازدهار، ويسود الظلام.