Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2020

البحث عن مخرج للحرية في “قبل ما يفوت الفوت” التونسي

 

إسراء الردايدة
 
عمان-الغد-  بيت صغير متهالك وبحالة سيئة، يميل لكونه قبواً ذا إضاءة خافتة، مشادات وحوار حاد على مائدة الطعام؛ حيث يجلس أفراد العائلة لتناول طعام العشاء، كل شيء يبدو واضحا منذ البداية في الفيلم التونسي “قبل ما يفوت الفوت”.
في أول تجربة إخراجية له، يقدم التونسي مجدي لخضر فيلما في 70 دقيقة، يتناول فيه برمزية أحلام عائلة تعيش عزلة داخلية، وفي علاقتها بين بعضها، وعزلة خارجية لرغبتها في الخروج من الفقر والتحرر منه.
العرض العالمي الأول للفيلم كان في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ41 الأخيرة، ويؤدي فيه الممثل “رؤوف بن عمر” دور الأب الذي عمل خياطا يسعى لتوفير احتياجات عائلته الصغيرة المكونة من الابن سيف “الممثل مجد مستورة” وهاجر الابنة “الممثلة سلمى محجوبي”، والزوجة بايا الممثلة “ربيعة بن عبدالله”.
انهيار كامل
زمن الفيلم ليلة واحدة فعليا، لكن التصوير استغرق 16 يوما، بحسب المخرج لخضر في منزل يعود عمره لـ100 عام، وهو في الحقيقة بحالة يرثى لها، وصور كامل الفيلم في 16 يوما بعد تحضيرات دامت 6 أشهر.
الانهيار يبدأ بسقوط جزء من سقف غرفة المعيشة في المنزل المتهالك، ما يدفع الأم لحالة هستيرية وتبحث عن زوجها الذي اعتاد الهروب لغرفته كل ليلة، ويغلق الباب بالقفل، وبعد دقائق من الطرق والنداء بشكل حاد يفتح الباب.
حالة من البرود تعم، وتتوالى بعدها الأحداث بانهيار وسقوط كامل السقف، ورفض الأم أن تمضي دقيقة واحدة في المنزل، لتلجأ العائلة لغرفة الأب التي تحمل السر.
تكتشف الأسرة سبب تشبث الأب بالمنزل؛ إذ إنه يبحث عن كنز تحت أرضية المنزل، ويحاصر الجميع في مكان ضيق، الجميع غير قادر على التنفس.. لا صوت.. ليلة صعبة لا يلوح لها نهاية في الأفق.
صورة مهزوزة
التصوير الذي تم بكاميرا محمولة يعبر كثيرا عن واقع الأسرة، فكافة المشاهد التي تبدأ في غرفة كبيرة تضيق شيئا فشيئا، تتحرك مع الجلبة التي تحدث بين انهيار وحريق وشجار.
ففي لحظات حفر الأب لأرضية الغرفة المغلقة: السر، غبار السقف المنهار، دخان الحريق والهرب منه، وحتى محاولة إنقاذ الأبناء، جعلت من الكاميرا جزءا من الممثلين.
مزعجة هي في الحقيقة، وقد تدفعك للغضب والشعور بالتعب والاختناق، وهذا مرتبط في رغبة المخرج بوضع المشاهد داخل العمل، وليس مجرد متفرج، وارتباط المكان بوقوع الأحداث في منطقة واحدة.
الخلاص في الكنز
رمزية الكنز التي ترتبط بحكايات وخرافات عن وجوده في المنازل القديمة هي مبرر تمسك الأب بالمنزل القديم، وإخفائه السر طمعا في إيجاد ثروة، وبنفس الوقت بحثا عن خلاص له للخروج من الفقر.
وليس هذا وحسب؛ بل هو مرتبط بالحالة العامة والاجتماعية للواقع السياسي، وكل ما يعيشونه وبدون أي ذكر مباشر.
ويعكس ما هو رغبة باستعادة حالة توازن لما مرت به تونس بعد ثورة الياسمين التي وقعت في كانون الأول (ديسمبر) 2010، وانتهت في كانون الثاني (يناير) 2011.
فالنفق الذي كان يحفره الأب بيد ترتجف، وهو ممسك الفأس يمثل ربما تلك الحالة المحيطة المربكة من بعد الثورة، والبحث عن طوق نجاة والبحث عن استقرار وملامح أكثر وضوحا لحالة طال وجودها، وما تزال مستمرة مرت خلالها بانتكاسات متعددة.
“قبل ما يفوت الفوت” الذي نافس في مسابقة أسبوع النقاد في “القاهرة السينمائي”، جاء عنوانه من التحول الذي طرأ على الأب بعد أن فتح عينيه لما أوقع به أسرته بنفس المكان الذي كان سبب الانتكاسة أصبح طوق نجاة بالخير للجميع من بعد الحادث.
وكان الفيلم قد حصل على منحة ما بعد الإنتاج في أيام القاهرة لصناعة السينما، ودعم من مهرجان الجونة السينمائي لإنهائه، وكتب السيناريو والحوار مع المنتجين محمد علي بن حمرة، وسمية الجلاصي.