وتتسم اشتغالات نعمات بذلك التدفق العفوي بحضور اللون وتكويناته على مسطح اللوحات في رؤى انطباعية وواقعية وتجريدية تفسح لخيوط الضوء النفاذ بسلاسة وحيوية من بين عشوائية وازدحام اجواء وقتامة وصخب مناخاته.

يحفر الفنان في لوحاته على موضوعات الالم والامل يبديها تارة ويخفيها تارة اخرى في سعي لان تدركها مخيلة المشاهد وهي تعاين ظروفا سياسية واجتماعية مجبولة بالهموم والرغبة في الانعتاق والانطلاق وكانها تفك قيدها الذي تصوغه ريشة الرسام مغلفة بحواجز وسواتر لونية وهي تغطي بنية اللوحة واشاراتها ومعانيها البليغة في نأي عن التعاطي المعهود باللوحة التجريدية .

يرى الفنان التشكيلي عمار خماش في اعمال نعمات بانها تعكس واقع الحال في حقبة الربيع العربي وما تمخض عنه حيث تكشف على دينامية المادة بضوئها وظلالها في انتظار تجلي لحظة ولادة العمل الفني بمعزل عن الاساليب النمطية او التقنيات المقولبة التي يجد كثير من الفنانين انفسهم اسرى لها.

ويضيف انه في كل من اعمال نعمات ثمة عمليات شطب وتلثيم وكشط متكرر لطبقات لونية تتراكم ثم يجري التنقيب فيها واعادة بنائها مبينا ان السياق السياسي والاجتماعي للمنطقة العربية عايشه نعمات على مدى ثلاثة عقود بتفاصيل مؤلمة ومثيرة .

ويقول الناقد والفنان غسان مفاضلة : مع المذاقات الجمالية والحسية التي يشيعها سطح اللوحة عند نعمات نتعرف على مرئيات المشهد , وهي تؤثث بسلاسة واقتدار مسارات التعبير بعيدا عن ترسيمات التنميط والتأطير لافتا الى ان الفنان ظل وفيا لهواجسه وتأملاته الفنية التي اعاد انتاجها تنويعات بصرية وتعبيرية مشرعة على فاعلية التجريب والتجديد .

ويؤكد الفنان فؤاد ميمي ان مهارة نعمات لم تخذله في انتاج فن متميزعلى الدوام وهو قادر على منح لغة الرسم وجودا ذاتيا متمثلا في الشكل واللون والمساحة , فهو يدرس كل واحدة من مقومات الرسم ويحللها وفقا لجوهرها بهدف ايجاد العلاقة بين جميع الالوان .

يشار الى ان مسيرة نعمات مع الفن التشكيلي بدأت ابان دراسته الابتدائية متأثرا باعمال زميليه عمار خماش وفؤاد ميمي والحركة الانطباعية عموما , وعلى الرغم من انه اقام معرضه الاول العام 1981 الا ان ظروفه الخاصة حتمت عليه التوجه الى العمل في الحقل الاعلامي حيث امضى فيه ثلاثة عقود من الزمان ليعود حديثا الى ممارسة الابداع التشكيلي طارحا فيه رؤيته التعبيرية المغمسة بهموم السياسة وقضايا الحريات وموضوعات الذات.