الغد-يديعوت أحرونوت
سيفر بلوتسكر
مقال في مجلة إسرائيلية بدأ مؤخرا بجملة “أمام الارتفاع في تأييد الكفاح الفلسطيني في العالم”. ارتفاع؟ التأييد العالمي لـ “الكفاح الفلسطيني” 95 % من الحكومات في الشرق الأوسط اعترفت رسميا بإسرائيل وارتبطت بها بعلاقات علنية، أو تعترف بها وتتعاون معها دون معاهدة موقعة. التطبيع حقيقة ناجزة، في الوقت الذي هو مشروع الحرب ضد إسرائيل شطب عندها عن جدول الأعمال بل وكف عن أن يكون ضريبة لفظية لتهدئة الشارع، الغارق في هموم أخرى.
هاكم شهادة عددية. في استطلاع أخير لصندوق النقد الدولي عن الوضع الاقتصادي في السلطة الفلسطينية يعدد اقتصاديو الصندوق أسباب أزمة الاقتصاد الفلسطيني التي لا تنتهي (الناتج للفرد الفلسطيني يقدر بـ 3.200 دولار، مقابل 52 ألف دولار للفرد في إسرائيل). السبب الأول هو تدهور عميق في الحوكمة الذاتية الفلسطينية، في كل الجوانب. السبب الثاني هو انخفاض متواصل في التحويلات وفي التبرعات الخارجية لميزانية السلطة الفلسطينية: في العام 2013 مولت المنح الأجنبية أكثر من 10 % من هذه الميزانية، في العام الماضي أقل من 2 %. هذا هو التعبير الأكثر ملموسية لتعب العالم، بما فيه العربي، من الفلسطينيين في المناطق: هم معزولون، مرفوضون، عديمو القيادة، مكبوتون وبلا مستقبل. وهذه هي الخلفية لانفجارات العمليات.
ومن مذنب في الانفجارات؟ معارضو نتنياهو يقولون نتنياهو، مؤيدوه يقولون بينيت، وهكذا عدنا إلى المحور الشخصي الذي دارت عليه الخلافات الكبرى في مطارحنا في السنوات الأخيرة، بيبي أو ضد بيبي. الواقع الوحشي أكثر بشاعة: العمليات كانت موجودة وستكون، ولا يهم أي ائتلاف يحكم في القدس ومن رئيسه.
من يبحث عن الأخطاء التي ارتكبتها القيادة السياسية لإسرائيل على أجيالها في موقفها من الفلسطينيين في المناطق سيجدها بكثرة. وضع الاحتلال هناك كان ينبغي أن ينتهي قبل سنين، قبل أن يصبح أبرتهايد من نوع جديد، وقبل تبني القول التاريخي لارئيل شارون، “الاحتلال سيء لإسرائيل”. وهو بالطبع أسوأ حتى بأكثر من ذلك للفلسطينيين أنفسهم. ومع ذلك، الشعب الفلسطيني لا ينجح في أن يجد لنفسه قيادة سياسية منتخبة، متفق عليها وباعثة على الثقة. في غزة تسيطر “حماس” بعدما استولت على الحكم بانقلاب، في السلطة الفلسطينية تسيطر “فتح” “الفاسدة”، التي تنافست آخر مرة في انتخابات قبل عشرات السنين، وخسرت. رئيس النظام الحماسي في غزة هو سجين محرر حكم مؤبدات مضاعفة. رئيس النظام المدني لـ منظمة التحرير الفلسطينية هو رئيس مسن فقد منذ زمن بعيد شرعيته القانونية والتأييد الشعبي. الخطاب الفكري الثائر الذي كان يجري في الماضي في الرأي العام الفلسطيني صمت في معظمه، واستبدل بتزمت ديني، بأفكار هاذية وبأوهام. خطة السلام الطموحة التي طرحها ترامب في العام 2020 ردت باحتقار في رام الله وفي غزة، ولم يطرح أي بديل معقول محلها هناك.
لا يمكن أن نتنبأ متى ستقوم للشعب الفلسطيني قيادة سياسية تتمكن من الحديث بإسمه؟ غيابها لا يعفي إسرائيل من خطوات سريعة وذات مغزى لإنهاء وضع الاحتلال. ولكن حذار من أن نوهم أنفسنا. فالمقاومة لن تتبدد كنتيجة لانسحاب من طرف واحد أو تسوية سياسية متعددة الأطراف. فستتواصل المقاومة والعمليات وستكون، أقل، لكنها ستكون.