Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-May-2020

عندما خافت أمي من “الحزب الشيوعي السعودي”!* أحمد ابو خليل

  الأول نيوز -

 
 
أمي تفتح أرشيفها..
 
صفحة من التاريخ الموازي للعمل السياسي السري:
 
كنا أسرة هادئة بالكامل سياسياً، لدرجة لم يكن منا حتى ولو موظف في الحكومة. فجأة ومن دون سابق إنذار وجدت الأسرة نفسها أمام ابن معتقل لأنه حزبي ولديه أوراق يقرأها ويوزعها. كانت الاعتقالات قليلة عموما آنذاك (1981) ولهذا كان الأمر صادماً.
 
أمي من مواليد عام 1930، وكان عمرها حينذاك 51 عاماً. كانت أمية بالكامل، لا تجيد القراءة ولا الكتابة.
 
خرجتُ من السجن بعد حوالي سنة ونصف فوجدتها تقرأ وتحاول الكتابة. لقد تعلمت في البيت بمساعدة شقيقاتي. قالت إنها تصر على تعلم القراءة لهدف أساسي بعد قراءة القرآن الكريم، وهو معرفة ما هي هذه الأوراق التي سجن ابنها بسببها.
 
أمي ذكية، تعرف مخابئ الأوراق، وكثيرا ما كان تعثر على بعضها..
 
ذات يوم جاءتني تضحك بشدة. كانت قد قرأت في إحدى اوراقنا عبارة تهاجم الإخوان المسلمين وتصفهم: “يتمسحون بالدين والدين منهم براء”! كانت تضحك وتقول لي: “كلكلاه الدين بنقّط من اجنابك!” (كلمة كلكلاه معناها “وكأن”).
 
مرة ثانية جاءتني خائفة، فقد قرأت خبرا عن الحزب الشيوعي في السعودية! لقد فاجأها أن بلد الرسول صلى الله عليه وسلم فيه شيوعيين.. “الله لا يوفقكوا”.
 
مرة ثالثة جاءتني قلقة، فقد قرأت لقاء مع المرحوم الروائي إميل حبيبي، وربما كان عمره قارب السبعين. مصدر قلقها أنها كانت تعتقد أن الحزب يضم فقط الجُهال (أي الشباب) فإذا كان هناك مثل هذا الحجي فإن الأمر مقلق حقاً.
 
هذا لا يكفي لأخذ انطباع كامل عن أمي، فقد قالت لي بعد سنوات أنها عندما سمعت المسؤول عن الاعتقال يقول لها: “ابنك تبع مشاكل”، أجابته: “لا والله، الخيل الأصايل تربطون والكُدش بالميدان تسرح”، وأضافت أنه سمع ذلك وسكت.
 
(الكدش جمع كديش).
 
أطال الله عمر أمي ومتعها بالصحة.