40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة والغائب في »الأقصى«... رغم اجراءات الاحتلال العسكرية
الراي - كامل إبراهيم
رغم الإجراءات العسكرية المشددة التي حولت القدس إلى ثكنة عسكرية، أدى أكثر من 40 ألف مصلٍ، يوم أمس، صلاتي الجمعة والغائب على أرواح شهداء غزة والضفة الغربية في المسجد الأقصى المبارك.
انتشرت قوات شرطة الاحتلال منذ ساعات الفجر الأولى في كافة أرجاء البلدة القديمة، مانعة الشباب من أداء صلاة الفجر في المسجد. وفرضت قيودًا مشددة حالت دون دخول من تقل أعمارهم عن أربعين عامًا إلى المسجد الأقصى.
وأعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أن نحو 40 ألف مصلٍ تمكنوا من الوصول إلى المسجد وأداء الصلاة فيه، رغم القيود والعراقيل والحواجز التي فرضها الاحتلال.
وفي سياق متصل، أعلنت شرطة الاحتلال أنها اعتقلت 18 مواطنًا من سكان الضفة الغربية والقدس، بزعم دخولهم إلى القدس دون تصاريح صادرة عن سلطات الاحتلال، وبدعوى إثارة الأوضاع الأمنية. كما اعتدت قوات الاحتلال على المصلين في مناطق الواد، باب المجلس، وباب الأسباط، حيث قامت بدفع المسنين والشبان ومنعتهم من الدخول، في ظل الأزمة التي أفرزتها إجراءات الاحتلال في البلدة القديمة، والتي شملت نصب الحواجز الحديدية لمنع وصول المصلين إلى الأقصى.
وامتدت اعتداءات الاحتلال إلى مجموعة من المصلين عند مدخل مقبرة باب الرحمة، حيث منعتهم من إتمام صلاتهم. وخلال مغادرتهم، تعرض أحدهم للضرب بالهراوات. كما منعت العشرات من الدخول إلى المسجد عبر بوابتي الغوانمة والحديد، وهددتهم بالسلاح والاعتقال لإجبارهم على المغادرة.
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة، تحرم سلطات الاحتلال عشرات الآلاف من المواطنين من سكان الضفة الغربية من دخول القدس والصلاة في المسجد الأقصى.
بدوره، خطيب المسجد الأقصى، القاضي محمد سرندح، قال في خطبته التي جاءت بعنوان «قضايا الإسراء والمعراج»، حيث تطرق إلى الأبعاد الدينية والتاريخية لهذه المعجزة العظيمة، مستعرضًا معانيها الروحية وأهميتها للأمة الإسلامية، والربط الذي عقده الله عز وجل بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام.
وأكد القاضي سرندح على مكانة المسجد الأقصى في العقيدة الإسلامية، مستشهدًا بآيات قرآنية تبرز قدسية بيت المقدس وبركته، ومنها قوله تعالى: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ».
وأوضح أن هذه البقعة المباركة كانت مركزًا للأحداث الكبرى، حيث جمعت الأنبياء في صلاة واحدة تحت إمامة النبي محمد، في تأكيد على وحدانية الرسالة وتاريخية الإسلام.
وأشار الشيخ سرندح إلى أن معجزة الإسراء والمعراج جاءت لتثبيت قلب النبي، وهي تحمل رسائل عظيمة للأمة الإسلامية.
ودعا خطيب المسجد الأقصى إلى الصبر والمصابرة في مواجهة المحن والابتلاءات، متخذًا من صمود أهل فلسطين وأهل غزة خاصة نموذجًا للصبر والرباط.
وقال: «إلهي يا ملاذ اللائذين ويا معاذ العائذين ويا منجي الهالكين، أدم أمنك وأمانك على عبادك في غزة وفلسطين، أذهب عنا وعنهم سفك الدماء والدمار، واجعل شعبنا إخوة متحابين يا مجيب المضطرين ويا كنز المفتقرين ويا جابر المنكسرين، آوِ النازحين المستضعفين، أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، يا عاصم البائسين ويا راحم المساكين».
وتابع قائلاً: «اجبر قلوب الأسرى كلهم... والمعتقلين، وارجعهم جميعاً لأهلهم مستبشرين، إلهنا».
وأكد القاضي سرندح أن بيت المقدس–الأرض المباركة التي بارك الله فيها للعالمين، وهو مركز الأنبياء والرسل–كانت دائمًا مطمعًا لقوى الشر والطغيان، لكنها كانت وستظل مقبرة للغزاة والمعتدين.
ودعا الشيخ المسلمين في كل مكان إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى، قائلًا إن الدفاع عنه واجب ديني وتاريخي، وهو رمز وحدة الأمة الإسلامية. واستشهد بحديث النبي: «لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتي على الحقِّ ظاهرين، لعدوِّهم قاهرين، لا يضرُّهم مَن خالفهم، إلى يوم القيامة».