Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Oct-2017

ما هو التمويل المناخي وما مصادره؟ - أحمد أبو حمور
 
الراي - يعرف التمويل المناخي بأنه الدفق المالي الذي تتلقاه الدول النامية من الدول المتقدمة لمساعدتها على مواجهة آثار التغير المناخي مثل الكوارث الطبيعية ومساعدتها لتقليل انبعاثاتها من الملوثات في الجو وقد تم انشاء عدة مبادرات وصناديق دولية لجمع هذا التمويل.
 
قد يبدو الموضوع كبيراً وخارجاً عن اهتماماتنا اليومية لكن هذا ليس صحيحاً، فهو يلامس حياتنا من عدة جوانب. اذاً ما أهمية هكذا تمويل؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في فهم التغير المناخي وأخطاره؛ ببساطة، بدأت الظروف المناخية بالتغير وأصبحنا نعيش كوارث طبيعية وموجات حر أكثر، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب مياه البحر. يرجع السبب في ذلك إلى كميات الكربون والملوثات التي تضخها الأنشطة البشرية في الهواء. هذا هو التغير المناخي، وتقدر أن تصل الوفيات المرتبطة به إلى 600 ألف شخص سنوياً بحلول عام 2030، أما بالنسبة للمنطقة العربية، فيعد التغير المناخي بالتأكيد موضوعاً يستحق البحث والاهتمام؛ ذلك أن 19 دولة عربية تقع تحت خط الاجهاد المائي بأكثر من 40% وتلك النسبة ستنمو وتتسارع مع توقع تراجع كميات الامطار وازدياد نسب التبخر.
 
من الجدير بالذكر أنه وطبقاً للمؤشر الدولي للخطر المناخي الصادر عن منظمة جيرمان ووتش، فإن أكثر الدول تأثراً بالحوادث التي قد تُعزا لتغير المناخ إلى الآن هي دول نامية وفقيرة لم تسهم بما يذكر في انبعاثات الكربون، بخلاف الدول الصناعية الكبرى المتسببة بمعظم ذلك. بطريقة أو بأخرى، يعني هذا أن الدول النامية هي من يدفع فاتورة تقدم الدول الكبرى. لهذا الغرض تم استحداث التمويل المناخي؛ لإعادة التوازن إلى هذه المعادلة المختلة حيث «يجب على الملوث أن يدفع».
 
يقسم التمويل المناخي إلى قسمين: تمويل التأقلم وتمويل التخفيف؛ يعود التأقلم على كل ما يصرف للتكيف مع الأوضاع المناخية الجديدة؛ مثل بناء سدود لصد الفيضانات. أما التخفيف فيعود على ما يصرف للمشاريع التي تبطئ من تفاقم التغير المناخي (تقليل الانبعاثات) مثل مشاريع الطاقة المتجددة.
 
تم طرح عدة مقترحات وحركات رسمية لدعم التمويل المناخي، لعل أهمها ما يعرف بـصندوق المناخ الأخضر الذي انشئ بهدف جمع 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2020. لازال الصندوق خلف الهدف المرحلي المنشود لهذا العام، وقد يُعزا ذلك إلى أن الصندوق لم يحدد كمية المال المرجوة من كل دولة أو منظمة وانما ترك ذلك لتقدير الحكومات بنفسها.
 
حل آخر قد يسهم في التمويل هو تسعيرة الكربون؛ وهو ببساطة فرض رسوم على الكربون الذي يطلق إلى الجو، ويمكن تطبيق ذلك بطريقتين:
 
الطريقة الأولى: فرض ضريبة على الكربون؛ حيث تدفع الشركات والمصانع ضريبة للحكومة بناءً على المقدار الكامل لانبعاثاتها من الكربون مما يحفزها على العمل على تقليل تلك الانبعاثات. ذلك يمكّن الحكومة من استخدام العائد المادي ليصرف على المشاريع المناخية، ولعل التجربة السويدية تستحق الثناء حيث فُعّلت ضريبة على الكربون منذ 1991 واليوم تسهم ضريبة الكربون بتقليل الانبعاثات بما يقدر بـ 20% ومع ذلك تمكن اقتصاد السويد من النمو 44% خلال نفس الفترة. قد يكون هذا الحل فعّالاً على المستوى المناخي والاقتصادي كما يبدو في الدول الصناعية، لكنه لن يكون فعالا في الدول الفقيرة والدول النامية التي لا تقوم بأنشطة صناعية تذكر كمعظم الدول العربية وهذا ما يقودنا إلى الطريقة الثانية وهي:
 
تحديد حد أعلى لكمية الانبعاثات المسموحة فتعين كمية مقطوعة من الانبعاثات لكل دولة سنوياً، ويمكن للدول التي لم تصل إلى ذلك الحد من بيع رخص الكربون المتبقية لدول أخرى، وذلك خلال سوق عالمي للكربون كما نصت المادة السادسة من معاهدة باريس 2015. يرجح أن هذا هو الحل الأكثر نجاعة، ويمكن أن يحقق أهدافاً مناخية بأقل التكاليف، ففي تقرير صادر عن البنك الدولي ذُكر أن انشاء سوق عالمية للكربون قد يقلل تكاليف التخفيف بنسبة 31% بحلول 2030 وقد يوفر دفقاً ماليا بنسبة 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الفقيرة من خلال بيع رخص الكربون.
 
على المستوى العربي، تلقت المنطقة تمويلا مناخياً من 15 مصدرا، كان أكثرها سخاءً صندوق التكنولوجيا الخضراء الذي وفر أكثر من 800 مليون دولار إلى الآن. لكن هناك مشكلتين رئيسيتين في التمويل هنا:
 
أولاً: لم يكن التوزيع عادلاً حيث تلقت دولتان عربيتان؛ المغرب ومصر أكثر من 80% من التمويل في المنطقة في حين لم تتلق سبع دول عربية دولاراً واحداً.
 
ثانياً: نالت مشاريع التخفيف حصة الأسد من التمويل (أكثر من 80%)، إلا أن المنطقة في حاجة ماسة إلى التأقلم أيضاً؛ فيتوقع نشوء عجز مائي في القطاع الزراعي بمقدار 20% في الأردن في حال ارتفع متوسط درجات الحرارة 2 س، وستختفي عدة مدن ساحلية عربية وأراض زراعية خصبة بارتفاع منسوب مياه البحر. من تلك المعطيات تبدو جلياً حاجة المنطقة إلى مزيد من دراسة الأولويات وسياسات التوزيع.
 
أخيراً، هل سيثمر التمويل المناخي؟
 
يثير هذا السؤال الكثير من التعقيدات، فهناك تحديات في طريق التأكد من أن المال المصروف سيتم استخدامه لما خصص له دون أن يمنع الفساد ذلك، لهذا هناك توجه بإدخال أطراف ثالثة في هذه العملية؛ لتكون مسؤولة عن التدقيق والمراجعة. لكن يمكن الافتراض أن التمويل يؤتي أكله عموما، فلنأخذ المغرب كمثال: بفضل التمويل المتحصل تمكنت المغرب من وضع خطة لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري بـ 52% بحلول عام 2020! هذا يستحق الاعجاب!
 
يبقى موضوع التمويل المناخي مسؤولية الحكومات والمنظمات، لكن لطالما كان وعي الشعب وادراكه وسيلة ضغط وتدقيق لتوجيه الحكومات إلى الطريق السليم. لذا لا تتردد، انشر الوعي وشارك هذا المقال! سيعود بالفائدة بالتأكيد وإن لم تكن فورية!