Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Aug-2017

مسرحية رعب - نداف ايال
 
يديعوت أحرنوت
 
الغد- دونالد ترامب ما كان ينبغي أن يجيب على الإطلاق على الاسئلة هذا الاسبوع، في المؤتمر الصحفي في برج ترامب. فقد اعتزم الإعلان عن خطته لتمويل البنى التحتية المتهالكة. الخطة نفسها كانت بالطبع فارغة من المحتوى، بدون جدول زمني، مصدر التمويل، وتيرة التشريع، الأهداف الواضحة. ولكن كانت هذه هي طريقة الإدارة لاعطاء احساس – زائف، بالطبع – بان شيئا ما يتم عمله. بشكل عام، وفضلا عن عمل المدعي العام جث سشنس (الذي يحاول ترامب تصفيته) ادارته فعلت القليل جدا منذ كانون الثاني (يناير).  
ولكن عندها، في منتصف حدث كان يفترض أن يخدم أجندته الجدية، بدأ ترامب يصطدم بالصحفيين في الغرفة الذين سألوا عن رد فعله البطيء والمتردد على الاضطراب في شارلوتسفيل. كانت هذه مسرحية مخيفة جدا. أحد مسؤولي البيت الابيض قال: "الرئيس ببساطة عربد". رئيس الطاقم جون كيري، الذي كان عين في منصبه لتوه، دفن رأسه عميقا في صدره. فهو على ما يبدو لم يعرف إلى أين سيحمل العار حين شرح الرئيس بانه كان في شارلوتسفيل "طرفان" (طرف واحد هم النازيون، كما يجدر بالذكر) وواصل بالمقارنة بين جورج واشنطن، ابي الامة، وبين الجنرال روبرت آي.لي ، قائد جيش الاتحاد الجنوبي – الذي قاتل من أجل الابقاء على العبودية. واشنطن كان يملك عبيدا، ولكن المقارنة كانت سخيفة على نحو مخيف: في عهده لم تكن العبودية موضع خلاف، وعلى أي حال لم ينطلق إلى الحرب كي يدافع عنها.
مواجهة ترامب في المؤتمر الصحفي كانت الدفاع الأكثر بروزا الذي يقدمه سياسي أميركي كبير للعنصرية ولتفوق العرق الابيض منذ الستينيات: كانت هذه مرافعة دفاع للنازيين الأميركيين. ترامب سأل إذا كانوا في المرحلة التالية سيزيلون تماثيل توماس جفرسون. وحدد اصطلاحا جديدا "اليسار البديل" على وزن اليمين المتطرف "اليمين البديل". وتناول الرئيس اجتماع النازيين وهم يحملون الصلبان المعكوفة، كذاك الذي انتهى بالموت دهسا لمتظاهرة يسارية يوم السبت، وقال انه كان "اناس طيبون" في الطرفين. وفي هذا الاطار، صرخ على الصحافيين بانهم "انباء ملفقة". دافيد ديوك، العنصري المعروف والمسؤول السابق في جماعة كو كلوكس كلان، سارع إلى مباركة الرئيس. قل لي من يثني عليك، اقول لك من أنت.
حسب الاستطلاعات فان ترامب في الوضع الاسوأ للرئيس منذ جورج بوش. وبوش وصل إلى الوضع اياه بسبب حرب فاشلة في العراق. أوباما وكلينتون لم يصلا ابدا إلى مثل هذا الدرك في الاستطلاعات، وقد توليا منصبهما ثماني سنوات. اما ترامب ففي المنصب فمنذ اقل من سنة. فقد العديد من النقاط بسبب رد فعله على شارلوتسفيل. صحيح، انتخاب ترامب يجسد بانه لا ينبغي أخذ الاستطلاعات على محمل من الجد اكثر مما ينبغي، ولكن جدير قراءتها؛ فهي  مؤشر على الموقف العام، وهذا الموقف هو الرفض. الامور سيئة من ناحيته لدرجة ان حتى "فوكس نيوز" انتقدته هذا الاسبوع.
السؤال المطروح في الدوائر السياسية في الولايات المتحدة، هو ما العمل مع ترامب؟ حتى عندما يكون محوطا باناس متوازنين نسبيا مثل الجنرالات كيلي، ماكماستر وماتس، لا يتردد ترامب عن مواجهات التويتر مع كوريا الشمالية. على الكفة حرب نووية، ليس  اقل. وحتى عندما يعد رئيس  طاقمه الجديد له تصريحا مكتوبا في موضوع البنى التحتية، ينتهي الأمر في المؤتمر الصحفي الذي يساند الرئيس فيه جزء من ادعاءات النازيين الأميركيين. بتعبير آخر: انهارت الفرضية بان المنظومة الأميركية المحملة بالتوازنات والكوابح ستنجح في ضبط ترامب. وانهار الادعاء بان الرئيس ليس اكبر من مجموع كل إدارته. في هذا الوضع، على أميركا ان تفكر كيف تحافظ على الريادة العالمية عندما يكون القائد الأعلى يشاهد تلفزيون الكوابل كثيرا ولا يستمع لمستشاريه المتناقصين.
هذه  مهامة صعبة للغاية لان من صاغوا الدستور خلقوا بشكل مقصود وضعية ملك منتخب؛ ذو صلاحيات هائلة ومع امكانيات محدودة للاطاحة به في اثناء الولاية.  أميركا ليست مجرد دولة اخرى؛ هي الأمة الاقوى في العالم وذات نفوذ عالمي استثنائي مقارنة بقوى عظمى في الماضي. والزعيم الذي يقف على رأسها يلوح كنوع من نيرون حديث، شخصية حذر الاب المؤسس الكسندر أملتون منها: "الحقيقة بلا  شك هي أن السبيل الوحيد لتشويه منظومة الجمهورية السياسية هو من خلال التملق لاراء الناس المسبقة، تحفيز تزمتاتهم وأحقادهم".
الولايات المتحدة باتت هناك. وهذه ليست فقط مشكلة أميركا الآن، بل الغرب كله، ومشكلتنا، في الاطراف البعيدة من الامبراطورية الأميركية.