Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2017

القدس الموحدة - عميره هاس

 

هآرتس
 
الغد- أحد الشبان العلمانيين من منطقة رام الله عبر عن إعجابه بالقدس التي توحد الشعب وشبه منفذ العملية في حلميش، عمر العبد، من قرية كوبر، بصلاح الدين. وهذا تشبيه غبي بكل معنى الكلمة. ورغم ذلك فإن الحاجة إلى ذكر اسم صلاح الدين تلخص الحد الأدنى من الملل في أوساط الفلسطينيين تجاه من يعتبرون أنهم صليبيون.
 إن هذا الفتى العلماني لا يمكنه الوصول الى شرقي القدس والبلدة القديمة التي تبعد عن منزله أقل من 30 كم. لأنه في الايام العادية ايضا لا تمنح اسرائيل تصاريح دخول للشباب في عمره، وقد يكون هو من هؤلاء الذين يعتبرون طلب التصريح من أجل الدخول الى القدس إهانة. والمرة الاخيرة التي زار فيها القدس كانت وعمره 13 سنة، وهذا كان قبل 13 سنة.
 لذلك لم يسمع هذا الشاب أول من أمس بعض مواضيع خطبة الصلاة في القدس حول صلاح الدين. لأن المنع الفلسطيني لدخول المسجد الاقصى عن طريق البوابات الالكترونية ما زال قائما. وقد تحدث الخطباء بمبادرة شخصية منهم الى المصلين الذين تجمعوا في شوارع شرقي القدس وفي البلدة القديمة، حيث أنه من حولهم ومن فوقهم وقف جنود حرس الحدود الذين وجهوا اليهم بنادقهم الطويلة. وقال أحد الخطباء إنه لولا مواقف واعمال الانظمة المختلفة في العالم، في الماضي والحاضر، لما استطاع اليهود التغلب على الفلسطينيين. وأضاف: "لولا أن السلطة الفلسطينية متعاونة لما كانت يد اليهود هي العليا". وتساءل "هل يعقل أن جميع الجيوش الاسلامية لا يخرج منها الآن صلاح الدين؟". ووعد بأنه سيأتي اليوم الذي ستأتي فيه الجيوش من جاكارتا واسطنبول والقاهرة من اجل تحرير فلسطين والقدس والمسجد الاقصى. أمور مشابهة قالها خطيب آخر لسائحة تركية قبل الخطبة. الاساس والاسلوب يذكران بحزب التحرير الاسلامي السلفي الموجود في القدس وفي الضفة الغربية: لا يوجد تحريض على استخدام السلاح ضد المحتل الاسرائيلي، لكن الايمان قوي بأنه سيأتي اليوم ويتجند فيه العالم الاسلامي ويقوم باسقاط "الصليبيين اليهود".
 عدد قليل فقط انضم بعد انتهاء الصلاة الى الدعوة التي أطلقها أحد المصلين، وحذر فيها اليهود من أن "جيش محمد سيعود"، لكن أحدا لم يحتج على التعاطي مع السلطة الفلسطينية على أنها متعاونة. فعملها في القدس ممنوع أصلا. واسرائيل قامت باستبعاد (م.ت.ف) عن أي دور توحيدي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي كانت تقوم به حتى العام 2000. والفراغ يمكن أن يمتلئ فقط بجهات ومتحدثين متدينين يقومون باعطاء الحياة مغزى مليئا بالمعاناة. الموقف المنهجي لـ (م.ت.ف) والسلطة الفلسطينية بأنه ليس هناك صراع ديني ومحظور السماح لاسرائيل بأن تحوله الى صراع ديني لا يبدو مقنعا في القدس، المليئة بمبادرات دخول اليهود الى الحرم.
 ونظرا لأن الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية لا يمكنها الوصول الى القدس، فان القدس، والمسجد الاقصى خصوصا، يبقيان مواقع مجردة، فكرة أو صورة على الحائط وليس واقعا يتم التعاطي معه. ولكن هذا المكان المجرد – المسجد الاقصى – يفعل ما لا يفعله الحصار على غزة وأسراها البالغ عددهم مليونين، أو توسيع المستوطنات أو مصادرة ادوات الكهرباء التي تعمل بالطاقة الشمسية في المناطق ج. المسجد الاقصى موحِّد. والنقاش المناهض للكولونيالية الذي هو قومي وسياسي وعلماني في أساسه يتجسد في المدونات في الفيس بوك وفي المقالات التي لا تصل الى الجمهور الواسع، وهو شعارات فارغة من قادة انتهت مدة صلاحيتهم منذ زمن. بكلمات اخرى، النقاش القومي والقيادات القومية القديمة لم يعودا صالحين الآن. أما المسجد الاقصى فينجح في خلق المقاومة الشعبية ضد اسرائيل واشعال خيال وتأييد الجموع التي لا يمكنها الوصول الى القدس. وليس فقط غير المتدينين الذين لا يصلون جاءوا أمس الى اماكن الصلاة في القدس لمشاركة أبناء شعبهم، بل ايضا بعض الفلسطينيين المسيحيين انضموا الى المصلين المسلمين وصلوا صلواتهم، باتجاه الاقصى ومكة.
 هذه بالطبع هي قوة الايمان الديني. فمثل عمق الايمان يكون عمق الاعتداء على القداسة. ولكون المسجد الاقصى هو مكان لجميع المسلمين فان هذا الامر له تأثير. وايضا: في القدس يوجد التركيز الاكبر للفلسطينيين الذين يحتكون طوال الوقت مع الاسرائيلي الغريب مع ما يعنيه ذلك من ناحية الاعتداء على حقوقهم واهانتهم. إنهم ليسوا بحاجة الى مواقع رمزية للاحتلال مثل الحواجز العسكرية، من اجل تذكر الاحتلال أو التعبير عن الغضب. ساحة الاقصى من جهتها تُمكن العدد الاكبر من المقدسيين من التجمع معا في مكان واحد والشعور كجماعة. وعندما يحرمون من هذا التجمع فهم يحتجون كجمهور واحد يذكر الفلسطينيين الآخرين أنهم جميعا جمهور واحد يعاني من نفس المحتل الاجنبي.
 ولكن ذلك الجمهور الواحد لا يمكنه التعبير عن كونه جمهورا واحدا في عمل جماعي كبير: هو منغلق ومنفصل في كانتونات ومنقسم الى طبقات اجتماعية توجد بينها فجوات اقتصادية عميقة. وطريقه الى الاماكن المقدسة مغلقة من قبل الاجهزة الامنية الفلسطينية، وبسبب التأقلم مع الحياة في الكانتونات.
هذا هو الاساس السياسي لاستمرار وجود منفذي العمليات الافراد، بدون أي صلة بنتائج اعمالهم: أولا، استمرار الاحتلال الذي لا يمكن تحمله. وبعد ذلك الالهام من المسجد الاقصى كمكان ديني واجتماعي موحد، وقيادة مخيبة للآمال، ضعيفة، والاستعداد للموت ايضا، الذي يدمج بين الايمان بجنة عدن واليأس من الحياة.