Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Nov-2018

جائزة "تمبلتون" فخرٌ لنا - عبد الله توفيق كنعان
 
الغد- يرتكز الفكر الهاشمي في منطلقاته على أسس متينة، تمثل بجوهرها حقيقة مفهوم الانتماء للأمة العربية والإسلامية، ويتجسد هذا الانتماء في الدور الهاشمي وبشكل عملي بارز في الحفاظ على الحضارة العربية الإسلامية والعمل على حمايتها من أي خطر، من خلال نشر أخلاقيات هذه الحضارة المتصلة بنشر الوفاق والوئام الديني بين الأمم، ومواصلة الوصاية والرعاية الهاشمية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
ولهذه الوصاية تاريخ أصيل يمتد لقرون عديدة، وقد تضمنت الخطابات الملكية للملك عبد الله الثاني ابن الحسين في كافة مشاركاته الدبلوماسية ومقابلاته النشطة والمستمرة بالمحافل الدولية والعالمية حقيقة رمزية وعالمية القدس كنموذج يفترض أن يعمم بمجال نشر السلام والتسامح الديني بين الأمم التي تحترم الانسانية، والذي يجب أن يستند على احترام الحق الشرعي والتاريخي للشعب الفلسطيني بأرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية.
ونظير دور جلالة الملك بإيجاد الانسجام الديني داخل الإسلام، وبين الإسلام والأديان الأخرى، تسلم مساء الثلاثاء في واشنطن جائزة تمبلتون 2018، وهذه الجائزة جاءت نتيجة لسلسلة من المبادرات والأنشطة التي أطلقها جلالته في حقل الوئام الديني منها "رسالة عمان" التي أطلقها جلالته عام 2004، ومبادرة "كلمة سواء" عام 2006، إلى جانب دوره برعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحول صلة أعماله هذه بالفكر والدعوات التي نادى بها الإسلام يقول جلالته في خطاب تسلمه الجائزة: "لطالما حرص الأردن على الاحترام المتبادل بين جميع الأديان. فأولو العزم من الرسل، كما وصفوا في القرآن الكريم، والذين حملوا رسالة التوحيد والدعوة إلى اليهودية والمسيحية والإسلام، قد باركوا "عليهم السلام أجمعين" أرض الأردن بمسيرهم فيها. فقبر سيدنا نوح (عليه السلام) في الكرك. وسيدنا إبراهيم (عليه السلام) جاء من العراق عبر الأردن في طريقه إلى الخليل. وسيدنا موسى (عليه السلام) توفاه الله في جبل نيبو في الأردن. وعمّد سيدنا المسيح عيسى (عليه السلام) في الأردن على الضفة الشرقية لنهر الأردن على يد يوحنا المعمدان". يشير جلالته إلى أن الرباط المكاني والروحي بين الرسل والأنبياء وأرض الأردن وثيق، ودليل على دور هذه البقعة المباركة في نشر السلام والوئام والمحبة بين شعوب العالم.
ولأن القدس ما تزال على عهدها ركيزة في فكر الهاشميين في حلهم وترحالهم، يحرص جلالته على بيان مكانتها ورمزيتها في إحلال السلام المنشود والمأمول أو المرتقب، فبدون السلام فيها سيكون التوتر والاضطراب سمة هذا العصر وبؤرة تتشكل فيها المشاكل والأخطار، يقول جلالته عن محورية ورمزية القدس في إحلال السلام والوئام في خطاب تسلمه الجائزة أيضاً: "وعندما نتحدث عن الأمل والوئام، فما من مسألة أكثر أهمية من القدس الشريف، وهي المدينة المقدسة لدى أكثر من نصف سكان العالم، من مسلمين ومسيحيين ويهود. والقدس للمسلمين هي أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين مع مكة والمدينة المنورة. ويربطني ويربط كل الأردنيين واجب جليل تجاه القدس الشريف ضمن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها ويتوجب علينا جميعا المحافظة على القدس الشريف، بتاريخها العريق المبني على تعدد الأديان، كمدينة مقدسة تجمعنا وكرمز للسلام".
ان مضامين خطاب جلالة الملك نجد فيها من العمق والدلالة ما يجعل إمكانية الإحاطة بها جميعها وإدراك شموليتها ضرورة تحتاج منّا التمعن بها، غير أن لغة الحق والسلام ومحاولة تغيير قناعات البعض ممن يقفون مع إسرائيل ودعوتهم بلغة سلمية وعقلانية الى محاولة ثنيها عن انتهاكاتها وتعدياتها اليومية ومطالبتها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية جميعها منطلقات لجلالته تتجسد في الخطابات واللقاءات التي ألقاها وأجراها، كما أن ميراث جلالته لمواقف وتضحيات الهاشميين ودعوتهم في النهضة العربية للأمة أن تتعاون وتتحد تشكل هي الأخرى محوراً فعالاً في فكر جلالته.
 ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستهدي بالمواقف الثابتة للهاشميين تجاه فلسطين والقدس، لتضع كلمات جلالته وثوابته دستوراً تعمل به وتطلب من الجميع الاهتداء والعمل بكل ما جاء فيه من لغة حوار عقلانية تدعو للسلام، كما تمدنا الروح المعنوية العالية الواردة فيه جميعاً بالطاقة وتدعونا ونحن نرصد وننشر الوعي للأمة والأجيال ببذل المزيد من الجهد في عملنا من أجل القدس، كما أننا نؤكد على ما جاء في خطابات جلالته حول حق الشعب الفلسطيني في دولته وعاصمتها القدس الشرقية، إننا ونحن جزء من الأمة العربية والإسلامية والمجتمع الإنساني العالمي الباحث عن السلام والوئام لنفخر ونعتز بحصول جلالته على هذه الجائزة العالمية والتي تبرع بها لأجل القدس والمقدسات، فهي جائزة لكل أردني وعربي ومسلم ومسيحي يجعل الوئام والسلام شعاراً له، ونقف خلف جلالته بدعوة العالم الحر بضرورة دعوة إسرائيل لتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على الحق الفلسطيني في أرضه والعيش بسلام، ولأجل كل ما ذكرناه من انجازات لجلالة الملك من أجل الوئام الديني والسلام في القدس كانت جائزة تمبلتون، ولا بد من القول أن تأييد واعتراف العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي بالوصاية والرعاية الهاشمية للقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية هي جائزة أخرى موضع فخرنا واعتزازنا.
 
 
*أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس.