Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Jul-2017

زعيم الهند غاندي: لقمة العيش أولاً - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - لزعيم الهند غاندي مقولة شهيرة قرأتها وانا ما زلت طالباً، وحتى اليوم استعيدها كلما رأيت جائعاً. وما اكثر الجياع في عالمنا!
 
سأل شاعر الهند طاغور زعيم الهند غاندي: يا سيدي انتم لا تعيرون الفن والأدب اهتماماً يليق بهما، فتبسم غاندي وأجابه: حين نوفر لقمة العيش لكل هندي، سنلتفت الى تشجيع الفن والأدب!
 
وهنا اذكر انني في منتصف خمسينات القرن الماضي اوردت هذه المقولة البالغة الحكمة في مقال نشرته آنذاك في جريدة «الجهاد» المقدسية. أما المفاجأة فكانت حين قابلني أحد رجالات المباحث في مدينتي، وبابتسامة غير بريئة قال لي: مقالتك هذا اليوم خطيرة «دير بالك»! لحسن الحظ هذه «الذهنية» المنغلقة فارقت اليوم مجتمعنا.
 
هل ما قاله غاندي غير صحيح؟ وهل مقالتي آنذاك كانت تدور في فلك الممنوع؟
 
اقول إن الواقع الاقتصادي أولاً، دون توفير لقمة العيش للإنسان، فإن دعوته الى الاقبال على الادب والفن تبدو مجرد نكتة سمجة!
 
وهنا اخاطب الذين يريدون رفع سوية مواطننا تربوياً ان يحلوا اولاً مشكلاته الاجتماعية والاقتصادية. كيف لطالب مثلاً امعاؤه خاوية نتيجة الفقر ان يفهم شرح معلمه او يحسن الاستيعاب! هذه حقيقة ينبغي ان يدركها كل من يدعو الى تحسين سويّة طلابنا الفقراء!
 
الهروب من الواقع لم يعد مجدياً. ترك المشكلات الاقتصادية تتفاقم دون حلها معناه الفوضى وحدوث ما لا تُحمد عقباه! معناه أننا نخاصم طبيعة الحياة!
 
الذي تمتد يده فيسرق رغيفاً او ما شابه ليسدّ به جوعاً، لا يجوز أن نقيم عليه الحدّ ونتهمه بالسرقة. الجائع انسان غضبان!
 
ذات مرة مرّ احد كبار الاتقياء من المسلمين في زمن مضى على جماعة تجمهرت، فلما سأل عن الأمر، قيل له: إن أحدهم يقيم الحدّ على سارق، فقال هذا التقي باستياء: سارق السّر يقيم الحدّ على سارق العلانية! بالطبع فمضمون هذه العبارة يفهمه كل انسان لبيب!
 
في مجتمعاتنا العربية والاسلامية يحدث الكثير من هذه الامثلة. سارقون كبار لقوت الشعب وماله ينجون من المساءلة لأنهم كما يقال «واصلون» او من علية القوم بينما فقراء وغلابى اذا ما دفعتهم الحاجة الى السطو على شيء بسيط للتغلب على مشكلة اقتصادية يعانون من أزمتها يقام الحدّ عليهم او يتم التشهير بهم!
 
مفارقات يعيشها عالمنا العربي من أقصاه الى أقصاه! كم في بلداننا العربية والإسلامية من مفارقات! نتحدث عن «العدالة الاجتماعية» في بلداننا العربية والاسلامية، وبيننا وبينها بون شاسع!
 
كيف تتوفر عدالة اجتماعية في مجتمعاتنا وهي مع الأسف تعاني من الاضطراب وعدم الاستقرار، بل التمزق والتشظي!
 
كيف تكون لدينا عدالة اجتماعية والوجود العربي في شموليته بات مهدداً في عين العاصفة!
 
إن الحديث عن إصلاح هنا أو إصلاح هناك لم يعد يقنع المواطن العربي الغلبان! «الرؤية الشاملة» للهموم العربية تنقصنا. لا شفافية لدى الكثيرين منا. ما أسوأ ان تغيب «الشفافية» او ان تغدو مجرد شقشقة لسان! ما أمر ان يدفع المواطن البسيط ثمن نهم الكبار!
 
يا قوم حذار من دعوة مظلوم، فليس بينها وبين الله حجاب.