Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Aug-2019

جدل مجتمعي حول الأمن* مكرم الطراونة

 الغد-الآراء والتعليقات بشأن الأحداث الأمنية التي شهدتها مناطق في عمان خلال اليومين الماضيين، عكس كثير منها صورة سلبية عن الوضع الأمني في العاصمة، حتى أن بعض التعليقات شبهت الأمر وكأننا نعيش حالة من الانفلات الأمني التي لا أمان فيها على المواطن، وأخرى صورت الأمر وكأن الناس التزمت بيوتها ولم تغادرها خوفا على حياتهم، وفي ذلك مبالغة وتهويل كبيران لا يستقيمان مع الواقع الذي ننعم في ظلاله.

المشاجرات ليست اختراعا جديدا يشهده الشارع المحلي، وليست أيضا حكرا على الأردن، وهي لم تصل لمستوى أن تكون فيه ظاهرة، وإنما حالات فردية لا يجوز بسبب حدوثها أن نطلق العنان للأحكام المسبقة، ولا أن نطلق الاتهامات بأن ثمة تقصيرا أمنيا أو حكوميا تجاه لجمها، أو أن هناك خللا في المنظومة الأمنية ككل.
ومع ذلك، فما حدث خلال الأيام الماضية يجبرنا أن نتعامل مع تلك الحوادث بكل حزم عبر تطبيق القانون في حق المشاركين فيها ومحاسبتهم بهدف الحد منها، رغم اعترافنا بصعوبة ذلك كونها تنتج عادة جراء سلوكيات خاصة بمرتكبيها، فمن غير المعقول أن يتم تخصيص رجل أمن لمراقبة تصرفات كل شخص، أو رجل دين لتوعية كل مواطن.
تطبيق سيادة القانون هنا يجب أن يكون بلا استثناء، وهو مطلب أزلي مشروع، إذ سيمثل رادعا لآخرين سيعمدون إلى التفكير بعمق قبل انسياقهم في مثل هذه الأنواع من السلوكيات، أو كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن والاعتداء على الآخرين وحرياتهم، وهو كفيل، أيضا، بالحد من عدد كبير من الجرائم التي يتم ارتكابها باستمرار.
المشاجرات أمر واقع، وهي مشاكل ثانوية، ويحدث منها العشرات كل يوم، فلا تخلو ساعة من حادثة، لذلك أنشئت المراكز الأمنية في جميع أنحاء المملكة، والتي تهدف في الأساس إلى منع الجرائم وإنفاذ القانون وحل الخلافات بين المواطنين، حيث يتم التعامل بشكل روتيني ولحظي مع مثل هذه الحوادث دون تهويل أو مبالغة أو تضخيم، ودون أن يكون هناك أي لبس يضطر بعض الأصوات إلى الجهر بأن الوضع الأمني في تراجع خطير، كما وصفه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، وكأن كل أردني يحمل إلى جانب هاتفه سلاحا وذخيرة.
من غير المنطقي أن تعكس مشاجرة بين أصحاب سوابق من أجل فتاة صورة سلبية بحق وطن يتغنى بأمنه واستقراره، لم لذلك من تأثير كبير على الانطباع الأولي الذي قد يتملك أي شخص يفكر بزيارة المملكة بقصد السياحة. فكيف يمكن لأي زائر أن تكون المملكة ضمن خياراته لقضاء إجازة فيها وهو يتابع ما ينشر عنها أمنيا على صفحات الأردنيين على “فيسبوك” أو “تويتر”، أي عاقل لن يفكر بزيارة الأردن حينها!.
لا نتوانى أن نضر بسمعة البلد من أجل إبداء رأي على مواقع التواصل الاجتماعي، ننشر دون تفكير أو تروٍّ، وفي ذلك خطورة كبيرة، وقد تجرعنا المر سابقا عندما تسابقنا في المبالغة بالحديث عن منتجات زراعية ملوثة دون أن ندرك أن المملكة تصدر منها أطنانا ترفد خزينة الدولة بالأموال، لتسارع الدول المستوردة لخضارنا وفاكهتنا إلى التوقف عن ذلك، قبل أن تعود عن قرارها عقب تشديد إجراءاتها الرقابية.
التعبير عن الرأي حق لكل أردني، ولا يستطيع أيا كان أن يحجر عليه، لكن لا بد وأن يكون تعبيرا مسؤولا يخضع للمنطق والواقعية، ففي عالم افتراضي أصبح المجتمع فيه قرية صغيرة ولكل كلمة تصاغ فيه وقع كالسيف يجب الحذر عند التعامل معه، وإلا سيكون الجرح عميقا من الصعب مداواته.