Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2019

منسوب الأمن المتوفر والمطلوب*علاء مصلح الكايد

 الراي-كلامٌ من فوق الحناجر يخالف يقين القلوب، يردّد أصحابه أنّنا نفتقد الأمن وغادرنا مربّع الطمأنينة، رغم حقيقة شعور الملايين منّا في الحلّ والتّرحال، الغدوِّ والآصال، أنّنا بخيرٍ وسلمٍ وأمان.

 
خرج أصحاب الإختصاص ليبثّوا الشعور بالأمن في نفوس المواطن والمقيم وحتّى المغترب والسائح، والواقع أن زخم الأحداث التي وقعت نهاية الأسبوع في العاصمة ونوعيّتها لم تزهق–لا قدّر الله–حياة إنسانٍ بريءٍ صالحٍ أو تعرّضه لخدشٍ أو رضٍّ من غير الخارجين عن القانون ورجل أمنٍ تفرض طبيعة واجبه المقدّس تلقّيه الأذى في سبيل حماية الآمنين، وفي المحافظات تكرّر سيناريو تصفية الحسابات داخل الوسط العائليّ لكن بوتيرة أعلى قليلاً.
 
قد يكون من لزوم ما لا يلزم أن نذكر إحصائيّاتٍ تبيّن أنّنا أكثر أمناً ممّن يقيمون بأكثر دول العالم تحضّراً وصرامةً في تطبيق الأنظمة والقوانين، ومن نافلة القول أن نذكّر بالحساسية المرتفعة للدولة تجاه منظومة الأمن العامّ.
 
حُظِرَت لعبة «ببجي» لأسباب تتعلق بالسلامة العامة وحظّها على العنف، وفي هذا تحوّطٌ مبكّر لتطويق محفّزات العنف ومنابعه، ولا يُنكر أيٌّ منّا الإنتشار الأمنيّ بنوعيه المرئيّ والخفيّ الذي يترك لدينا جميعاً الشعور بأنّ الوقاية وسرعة الإستجابة لدى الحاجة متوفرة لكنها باتت كالهواء الذي لا نشعر به ولا نستغني عنه.
 
أمّا أسباب العنف فمتعددة، منها ما حذّرنا منه كخروج كمٍّ كبيرٍ من أرباب السوابق في العفو العامّ، وانتشار السّلاح غير المرخّص وغيرها ممّا نعلم.
 
ولا شكّ أن الأمر يحتاج دراسة شمولية تعالج مكامن الخلل، لكنّ الضابط المتّفق عليه هو في تحقيق عنصريّ الردع الخاصّ والزجر العامّ، وهذه مسؤولية جماعية يشترك فيها القضاء والإعلام الذي عليه أن يتابع مجريات المحاكمات وينشر أحكامها ليثق المواطن بأن المعتدي ينال الجزاء العادل، ويتّقي كلُّ مَن تسوّل له نفسه التجاوز جزاء القانون، كما يتوجب مراجعة الأعراف والمؤثّرات الإجتماعية الضاغطة على أصحاب الحقوق للصَّفح كَرهاً والتي تخدم الجاني لا الضحية، ولندرك بأن ميقات التّعديل الشامل لقانون العقوبات قد حان إذ ما زالت لدينا عقوبات بغرامة قدرها يساوي ثمن علبتيّ سجائر!
 
لم نغادر مربّع الأمان، لكنّ وتيرة الخلل بدأت تتصاعد، وإنّ الحقّ بالأمن جزءٌ أصيلٌ من الكرامة التي تُميّزُنا ولا نقبل سواها، لكنّ ذلك لن يستمرّ مالم تتّسع الصّدور للإجراءات الواجبة على الدولة كي تبقى قادرة على تطويق العنف بشتّى أشكاله.