Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2018

«المتصهينون العرب».. إذ يُطِلّون برؤوسهم! - محمد خروب

الراي -  على نحو غير مسبوق, تشتد وطأة «المتصهينون» العرب في هذه المرحلة الكئيبة والكارثية التي تعيشها المنطقة العربية, بعد أن اختار البعض إدارة ظهره لأمته والإُمعان في التنكّر لها, والأخذ على عاتقه مهمة تقويضها وإرجاعها الى عصر داحس والغبراء, واستعادة سيناريو الانكسارات والهزائم التي ميزت الحقبة الاخيرة من الوجود العربي والاسلامي في الاندلس، على ما شاهدناه خلال السنوات السبع الاخيرة، التي دخل هؤلاء فيها «مبارزة» وسباق ماراثون طويل, للفوز بجائزة صهيواميركية لكُلِ مَن يُسقِط نظاماً عربياً او أكثر, ومَن ينجح في نشر الفوضى والخراب في اكثر من دولة عربي؟, وخصوصاً من يبزّ الآخرين في استصدار قرارات طرد وحصار وعقوبات وشيطنة لحاكم هذا القطر العربي او ذاك, وبخاصة من قبل الأمم المتحدة واجتماعات مجلس الأمن ودائماً في الهيكل المتداعي الآيل للسقوط, والمسمى جامعة الدول العربية.

 
هؤلاء الذين اخذوا على عاتقهم دوراً اكبر من حجومهم وامكاناتهم وقدراتهم وتحالفاتهم وتاريخهم الذي لم يبدأ في واقع الحال كدول حديثة وذات حضور في التاريخ والجغرافيا, اللهم إلاّ على ضفافه وشطآنه البعيدة..مؤخراً, معروفون ومحددون وهم الان في محنتهم الراهنة في اوضاع لا يحسدون عليها, بعد سلسلة الهزائم والإخفاقات التي لحقت بهم, وبعد ان دارت عليهم الدوائر وباتوا في خوف ورعب مقيمين, خشية الاقتلاع والطرد وربما المحاكمة.. لكن الذي يبرز في الطرف المقابل للمشهد الكارثي الذي أسهم هؤلاء بتشكّلِه في المشهد العربي الأخير, ويبدو في وضع من يهتبِل الفرصة الراهنة.. هم اؤلئك المتصهينون العرب, من افراد وتنظيمات واحزاب وجمعيات ومراكز أبحاث, يتخفّى اعضاؤها خلف شعارات وخطاب مُضلِّل يغرف (كذِباً) من قاموس الحريات وحقوق الانسان والدولة المدنية والمواطَنة, ويخلط حابل التاريخ والدين بنابليهما, كي يبدو في علاقاته المشبوهة مع الدوائر الامبريالية والصهيونية وكأنه يغرد خارج سرب النظام العربي الرسمي، ويتوسَّل عقد ندوات واجتماعات وتنظيم مؤتمرات حول ما تعانيه الشعوب العربية من صعوبات ونكد, وخصوصاً المرأة من قمع وتنكيل وانتهاكات لحقوقها وغيرها مما نجحت المراكز والمعاهد والمنظمات (غير الحكومية غالِباً) في تسريبه الى الفضاء العربي, ودائماً الاعتماد في تمويلها على «الوقفيات» الغربية, التي في معظمها اميركية ذات ارتباطات صهيونية مُعلَنة.
 
يبرز في الاثناء أكاديميون وسياسيون وبرلمانيون ونقابيون و»مثقفون» وعلماء واساتذة جامعات وصحافيون وكتّاب وادباء و»رجال سينما» وممثلون، معظمهم مغمورون باحثون عن الشهرة بأقنعة ليبرالية, واخرى تتوسل رواية تاريخية او دينية مُفَّتعَلة ا وخارجة عن اطارها التاريخي... الزمني والروحي على حدٍ سواء, لتذهب بعيداً في شرعنة الرواية الصهيونية وتسويغ احتلال فلسطين واقتلاع شعبها وتبرير جرائم الحرب والإبادة وتلك الجرائم ضد الانسانية التي قارفتها الدولة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني ومعظم الشعوب العربية, ليُغطّي كل هؤلاء على «صهيَنتهِم» وارتدادهم, بأقنعة مُزيَّفة ومضلِّلة, تحت شعارات «الحوار والاعتراف بالآخَر» وغيرها من الترّهات والمصطلحات المتهافِتة, ليشيعوا في الاوساط العربية – التي تعاني شعوبها الإحباط والشعور بالاغتراب وضغوطات الحياة اليومية وتكاليف المعيشة المتصاعدة الوطأة – اجواء من الاستسلام والإستعداد للتسليم بوجود اسرائيل «الشرعي» والأخطر من ذلك, هو لجوء هؤلاء المتصهينين»العرب» الى نفي حقوق الشعب الفلسطيني ووجوده، واعتباره طارئاً على بلاده وان الوجود «اليهودي» سابق على اي وجود عربي او اسلامي... ما بالك فلسطيني؟
 
يخرج في الاثناء وبالذات في اجواء الإنحياز الاميركي المُعلَن لإسرائيل – وغير المسبوق في صفاقته وعدوانيته وابتزازه – واعترافه بالقدس عاصمة لدولة العدو الصهيوني وقطعه «الأموال» عن سلطة اوسلو وتلويحه بتصفية وكالة الغوث الدولية الاونروا كمقدمة لتصفية الحق الاصيل للفلسطينيين وهو حق العودة، د. سعد الدين ابراهيم عالم الاجتماع ورئيس مركزابن خلدون للدراسات الإنمائية في القاهرة، الى «الاضواء» ولكن هذه المرة من اسرائيل, وعبر ورشة نظمها مركز «موشيه ديان لدراسات الشرق الاوسط وافريقيا» بجامعة تل ابيب الاسرائيلية.. ليتحدث – للمفارقة – عن ثورات الربيع العربي وكان عنوان محاضرته «دروس من قرن الاضطرابات في مصر» اضاء فيها عن التغييرات التي تشهدها مصر.
 
عناوين الورشة مُضلِّلة ومكرَّسة لأهداف سياسية يخفيها اصحابها تحت غطاء أكاديمي، لكنها في الوقت نفسه لا تنطلي على عالم الاجتماع الشهير, الذي لعب ادواراً مشبوهة في نسج علاقات لم تعد سراً بين نظام مبارك والاوساط الاكاديمية والحزبية اليهودية في اسرائيل, كذلك في «وساطته» المشهورة بين جماعة الإخوان المسلمين المصرية والإدارات الاميركية المتعاقِبة بهدف تأهيل «الجماعة»لأدوار رأيناها بأم اعيننا خلال وبعد ثورة 25 يناير, التي ستحتفِل مصر بذكراها السبعة بعد اسبوعين,في الوقت ذاته الذي كانت دراسات وابحاث مركز ابن خلدون حول مشكلات وطبيعة وخصائص المجتمع المصري في متناول السفارات الغربية ومَن يطلبها (مدفوعة الثمن بالطبع).
 
كما واصل سعد الدين ابراهيم مشواره المُقنَّع بالدفاع عن الحريات والحوار ولكن دائماً على قاعدة الارتباط الوثيق بالدوائر الاميركية والصهيونية, مُقدَّماً اياها على اية مصلحة مصرية او قومية, وإن كانت تفوح من كتاباته في الصحف والمجلات (المصرية والعربية فقط) انه مسكون بالدفاع عن حقوق الانسان والدولة المدنية والمرأة.
 
ان يرفع «المتصهينون» العرب من شخصيات اكاديمية وسياسية واخرى تتقلد مناصب وزارية رفيعة, رؤوسهم في هذه المرحلة.. ليس مفاجِئاً, لكن الاخطر.. هو لجوء بعضهم الى «روايات دينية» واساطير توراتية, كي يبرِّروا في وقاحة ونذالة وخِسَّة عمالتهم وتنكرهم لأمتهم, وليُضفوا الشرعية على اسرائيل, وليمضوا بعيداً في تطبيعهم مع دولة الإجرام الصهيونية.
kharroub@jpf.com.jo