Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2018

العلم التركي في شمال سوريا - د. صفوت حدادين

الراي -  الجيش التركي بدأ عملية «غصن الزيتون» و الضوء الأخضر في جيبه من «موسكو» و «دمشق» رغم نفي الحكومة السورية، فلربما أن الأتراك لم يتحدثوا إلى النظام السوري مباشرة لكنهم لم يفعلوا ما فعلوا دون أخذ الإذن من «الروس».

الجيش التركي تحرك بقوة جواً و برّاً ضد الأكراد دون قلق حقيقي من وجود دعم أميركي للأكراد ووصل الأمر بالأتراك أن أعلنوا أنهم استولوا على أسلحة أميركية من الأكراد!
المريب فيما يحدث هو التجاهل الأميركي للتحركات التركية و كأنها ضوء أخضر آخر و يذّكر الأمر بسيناريو عام ١٩٣٨ عندما دخل الجيش التركي إلى لواء الاسكندرون و احتلها رغم وجود قوات الانتداب الفرنسي و تبين فيما بعد أن ما جرى مؤامره حيكت في الخفاء لمنح اللواء إلى «تركيا» مقابل اصطفاف «تركيا» مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
صمت «موسكو» و «دمشق» مفسّر، فالطرفين في مصلحتهما وجود طرف ثالث يُضعف الأكراد و يحجّم مساحات الأرض التي احتلها مسلحينهم و هي مصلحة يجتمع عليها الأتراك الساعين أساساً لهدم الوجود الكردي في الشمال السوري.
«دمشق» مرتاحة لما يجري فهي تظن أن الأتراك سيخرجون حالما تطلب منهم «موسكو» ذلك فيما الخطة التركية تتجاوز «عفرين» التي ارتفع فيها العلم التركي و تتعداها إلى «منبج» و «ادلب» و «الحسكة» و ربما تصل بعدها إلى الحدود العراقية و الأتراك يتحدثون بصوت عالٍ عن عملية لا تتوقف حتى ينتهي ما سمّوه «خطر الارهابيين» اشارة إلى المسلحين الأكراد.
كان من الممكن لاميركا أن تفعل الكثير لتصد التحرك التركي و حتى لتمنعه قبل أن يحدث، و الهدوء على هذا المحور يتضمن احتمالات أبعد من تجنب استفزاز «موسكو» التي يحتفل فيها «بوتين» بانتزاع سبع سنوات اضافية في الحكم. التوغل التركي الذي سيزيد عمقه على مدى الأسابيع القادمة قد يبلور تطور عسكري أميركي في نقطةمعينه ضد الجيش  التركي سيما و أن الأتراك يضعون عدة و عتاداً مهماً في «غصن الزيتون»، و إن حدث هذا تكون «تركيا» تلقت ضربة عنيفة ستلحق بها أضراراً عسكرية و سياسية كبيرة لا مناص من أن تنعكس على الداخل التركي و تقوض القوة السياسية التي يتمتع بها حزب العدالة و التنمية فخسائر معارك بهذا الحجم ستكون أكبر من أن تحتملها «تركيا» خصوصاً إذا استغرقت وقتاً أطول من المتوقع. «الأتراك» يعولون على توافق المصالح مع «الروس» و لكنهم في ذات الوقت لا يمانعون من الحفاظ علىالمكتسبات في  الشمال السوري و هي بمثابة مناطق عازلة ستمنع أية أخطار مستقبلية من الأكراد و هذا معناه أن المناطق التي احتلها و سيحتلها الجيش التركي ستمر في ذات مراحل «تتريك» لواء الاسكندرون.
الحقيقة المرّة أن تصويت السكان في «الاسكندرون» كان في اتجاه الانضمام إلى «تركيا»، و هذه قد تكون ببساطة نتيجة أي تصويت في «عفرين» و «منبج» و غيرها لو يجري الآن!
قد يأتي يوم ندرك فيه أن حجم المكر السياسي الذي احاط بالأزمة السورية من أخطر ما عرفه التاريخ!
sufwat.haddadin@gmail.com