Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2018

نتنياهو في «الهند»: عندما يدمن العرب.. «الهزائِم»! - محمد خروب

الراي -  زيارة رئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني نتنياهو للهند المتواصلة منذ خمسة ايام (تنتهي يوم غد الجمعة), يمكن وصفها بانها زيارة بدرجة «سوبرديلوكس»، اذا ما اخذنا في الاعتبار حجم «الحفاوة» التي يُحيطه بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والإحتضان «الحار» الذي قابَله به عند نزوله سلّم الطائرة, فضلاً عن مرافقته الشخصية لنتنياهو في معظم برنامج زيارته الحافل وغير المسبوق... على ما تقول وسائل اعلام هندية, وخصوصا عند زيارته لولاية غوجارات التي كان يرأسها مودي قبل وصوله الى رئاسة الحكومة, والتي بدأ اسرائيل، والتي تُوِّجت في تموز الماضي بأول زيارة لرئيس منها – مِن غوجارات – رحلة نسج علاقاته «المتميّزة» مع وزراء هندي الى دولة الاحتلال, في اشارة على بدء نيودلهي رحلة الإنفكاك عن الصداقة العربية الهندية التقليدية, وإن في شكل تدريجي وبطيء, ولكن بالمقابل عبر تعميق العلاقات مع تل ابيب, التي وصلت ذروتها الان وفي عهد حكومة حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي اليميني المتطرف, الذي هو المقابل الأيديولوجي – في بلاده – لحزب الليكود الصهيوني في المعادلة الاسرائيلية.. حيث اقتربت من التحوّل الى علاقات شراكة استراتيجية على المستوى الأمني والعسكري والتجاري (وصل حجم التبادل التجاري بينهما الى 3ر4مليار دولار، بعد ان كان لا يتجاوز 200مليون دولار, اما الصفقات العسكرية فتجاوزت ملياري دولار) وبخاصة انهما يرطنان بلغة مواجهة «الإرهاب الاسلامي» الذي يواجهه البلدان.

 
صحيح ان الهند كانت في مقدمة الدول التي ناصرت القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية، وصحيح ان الهند صوتت في الجمعية العامة مؤخراً لصالح القرار الرافض لقرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدو، الا انه صحيح ايضا ان الحماسة الهندية في عهد حكومة مودي وايديولوجية الحزب الحاكم بهاراتيا جاناتا اليميني, قد فتَرَت ازاء هذه القضايا, ليس فقط في ان مودي كسر قاعدة الحياد «الايجابي» التي كرستها السياسات الهندية منذ استقلال البلاد قبل 70عاماً, بل وايضا في انه وعند زيارته «التاريخية» لاسرائيل في تموز الماضي بمناسبة مرور ربع قرن على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين نيودلهي وتل ابيب، لم يقم بزيارة «رام االله» ,حتى للمجاملة وتكريسا لعرف دبلوماسي مارّسه الكثير من قادة ودبلوماسيي دول العالم, ممن حرصوا على إبداء نوع من الكياسة واعلان «الحياد»..ولو الظاهِري منه, ازاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
 
أيضاً سيكون من السذاجة تحميل نيودلهي وحتى حكومة حزب بهاراتياجاناتا اليميني المتطرف, مسؤولية الفتور ازاء العلاقات العربية الهندية، وتسارع الدفء وربما التحالف لاحقا – اذا ما طرأت مناخات استقطاب في منطقة المحيط الهندي وارتفاع منسوب التوتر بين باكستان والهند او الاخيرة والصين ـــ ان ينهض تحالف هندي اسرائيلي بدعم ومباركة وربما مشاركة أميركية, حيث وصلت علاقات نيودلهي بواشنطن مستويات غير مسبوقة من «الحرارة» والتنسيق, يتجاوز مستوى العلاقات بين الهند وروسيا (والصين ايضا) رغم عضوية الدول الثلاث في منظمة «بريكس» التي تضم الى جانبهم ايضا... جنوب افريقيا والبرازيل.
 
يتحمّل العرب وخصوصا مَنْ كانت علاقاتهم «تاريخية» مع الهند, مسؤولية وصول مستوى العلاقات الهندية الاسرائيلية هذا المستوى من الشراكة والتنسيق, حيث يصعب وضعهما تحت ذريعة التحولات الدولية التي طرأت بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، بل يجب التوقف عند مسلسل الإنحدار والانكسارات العربية التي بدأت منذ انعقاد مؤتمر مدريد اواخر العام 1991 ,وانخراط العرب انفسهم في مسلسل تطبيع العلاقات مع اسرائيل، فيما الاخيرة لم تقدم اي «تنازلات» جوهرية تُذكَر, بل استفادت من الهرولة العربية كي تقتحم «الحصون» التاريخية التي وقفت بصلابة الى جانب القضايا العربية (دون ان تجني تلك الحصون الصديقة.. اي فائدة تذكر, لان العرب ينظرون الى الغرب دوما, ولا يعيرون اصدقاءهم اية اهمية ما داموا «مضمونين») مثل الصين وفيتنام والهند ودول شرق أوروبا وبعض دول اميركا اللاتينية ودائما افريقيا, حيث يحلّ نتنياهو «ضيف شرف» على معظم عواصم تلك الدول, ولا يتورع عن طلب انضمام «بلاده» الى عضوية منظماتها القارِّية كعضو «مراقِب» كما فعل ذلك مع الاتحاد الافريقي.
 
يقول افرايم عنبر في مقال له بصحيفة اسرائيل اليوم بتاريخ 1/15 تحت عنوان «نتنياهو في الهند: فرص ومصالح»: «...الشراكة بين الدولتين, تنبع من عقيدة تهديد عالمية ومن اجندة استراتيجية مشتركة. الدولتان تخافان من الإسلام المتطرف, الذي معظم مراكزه تقع في العالم العربي. الهند تخاف من ان السلاح النووي للباكستان سيقع في نهاية المطاف في ايدي الاسلاميين. في حين ان اسرائيل تعتبِر ايران تهديدا وجودياً, بسبب الدمج بين التعصب الديني والمشروع النووي. ايضا نشطاء داعش – يُضيف – الذين ظلّوا مُهددين لجيوش جارات اسرائيل، ويشكِّلون مصدرا للقلق في جنوب شرق آسيا، ليخلص الى القول: نيودلهي ترى علاقاتها مع «القدس».. مصدراً يمكِنه مساعدتها في واشنطن».
... تأمّلوا.
kharroub@jpf.com.jo