Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2021

النص الغائب في مناهجنا المدرسية

 الدستور-نايف النوايسة

حينما نتحدث عن التربية والتعليم في الأردن لا يكتمل الحديث إلاّ إذا دققنا في أمور رئيسة تشكّل قوام هذا المرفق الحساس الذي يفتحُ أبناؤنا عيونَهم على ما تقدمه من معارف وعلوم.
 
ومن أهم هذه الأمور ولعلها من أخطرها هي المنهاج المدرسي وقد تحدثنا عن أهميته مراراً في الصحافة والندوات، ذلك لأنه الحقنة المعرفية التي نزرعها في عقول أبنائنا منذ الصغر، فهل وُفقنا في تأليف منهاج يلبّي حاجة هؤلاء الأبناء ويحقق معنى الدولة التي نتغنى بها وسنحتفل بمئويتها قريباً، بمعنى هل مناهج مدارسنا تشعرنا بأننا في وطن له تاريخه وثقافته وهويته؟
 
فإذا كنت أحسب نفسي من أبعد الناس عن التشكيك بالعمل الجاد، وإن شابَهُ بعض النقص فإنني لست ممن يشفع للخلل المتعمد الواضح في مناهجنا، وأنا هنا لا أسيء لأشخاص بقدر ما أطرح وجهة نظر عن عملٍ أراه لا يتفق وثوابت الهوية الثقافية الأردنية، كما أنني لا أغمز من جانب لجان التأليف والإشراف والمراجعة والتدقيق.. إنما هي إضاءات أرسلها بين يدي أولياء الأمور والقراء والمهتمين.
 
هنا، ينبغي عليّ أن أشير إلى غياب النص الأدبي الأردني عن هذه المناهج، وقد يسأل سائل: وكيف ذاك؟ فأقول له: عدْ إلى كتب الطلبة وانظر فيها فإنك ستصل إلى أكثر مما أذكر هنا.
 
وبين يدي هذا الحديث عليّ أن أذكر قصة حصلت معي قبل عشر سنوات، وكان لي قصة في منهاج الصف الثامن عنوانها (قلب أمي)، فاستضافتني إحدى المدارس لأتحدث عن هذه القصة أمام الطالبات اللواتي حضرن من الصف الثامن حتى التوجيهي، وقبل التعريف بي سألت المعلمة: من مؤلف قصة قلب أمي وما جنسيته؟ فقامت طالبة وذكرت اسمي وأن جنسيتي سورية، فعارضتها طالبة أخرى قائلة: لا بل هي مصرية.. وبان الخجل والغضب على وجه المعلمة، لكنني هدّأت من روعها بقولي: إن الأمر عادي، وبساطة هو أننا أعتدنا منذ القديم على أن تكون معظم النصوص في مناهجنا لأدباء عرب وقلما تجد نصاً لأديب أردني، لذلك درج الطلبة على التعميم واعتادوا عليه حتى يتجنبوا الخطأ وقد رسخ في أذهانهم أنْ الأردن لا أدباء فيه، وليس في كتبهم أي نص لأديب أردني.
 
عدت إلى كتاب اللغة العربية لصفوف الخامس والسادس والثامن، فلم أجد إلاّ نصاً واحداً لشاعر أردني في كتاب الخامس من بين عشرات النصوص، أما السادس فكان هناك نصان من تسعة عشر نصاً، وفي كتاب الثامن أربعة نصوص من خمسة عشر نصاً.
 
وعندما أستعرض أسماء الأدباء الأردنيين وما أنتجوه من أعمال طوال المئة سنة الماضية سأجد كمّاً كبيراً من هذا النِتاج لأسماء لامعة ومعروفة محلياً وعربياً وعالمياً مثل عرار وصبحي أبو غنيمة وحسني فريز وسليمان موسى وروكس بن زايد العزيزي ويعقوب العودات وأمين شنار وعيسى الناعوري ويوسف العظم وتيسير السبول وابراهيم العجلوني وأديب عباسي وفخري قعوار ونايف أبو عبيد وسليمان القوابعة ومؤنس الرزاز ومحمود الشلبي وخالد الساكت وخالد المحادين وغيرهم كثير، وقد امتلأت الصحف والمجلات المحلية والعربية بنصوصهم وتُرجمت نصوص البعض منهم إلى لغات عديدة؛ أفلا يستحق هؤلاء وغيرهم أن يُلتفت إلى ما أنتجوه وتكون لهم الحظوة في مناهجنا، وتعرف الأجيال أسماءهم وعناوين كتبهم؟
 
لماذا لي نصّان قصصيان في المناهج المدرسية في دولة الإمارات في حين تتجهم بوجوهنا وزارة التربية؟ أليس هذا شكلا من أشكال الإقصاء والتهجير وإفقاد الهوية الثقافية في بلدنا جزءاً من مكوناتها؟ وقد يسألني ابني أو حفيدي: لماذا لا أقرأ لك في كتبنا وأنت قد ألفت ما يُنيّف عن العشرين كتاباً؟ ولا أقدر على الإجابة وإقناعه.
 
هي أسئلة كثيرة أضعها أمام حكماء مناهجنا ومسؤولي وزارة التربية لعلها تجد أذناً صاغية واعية.
 
ببساطة حضر كل العرب بنصوصهم الراقية في مناهجنا المدرسية، وغاب النص الأدبي الأردني.