Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-May-2018

فيليب روث: عملاق الأدب الأميركي رحل من دون "نوبل"

 

عمان - الغد - توفي الكاتب الأميركي فيليب روث الذي يعتبر من عمالقة الأدب الأميركي ورشح مرارا للفوز بجائزة نوبل للآداب، أول من أمس، عن 85 عاما.
وأكد اندرو وايلي وكيل فيليب روث الادبي نبأ الوفاة الذي اوردته اولا مجلة "ذي نيويوركر" وصحيفة "نيويورك تايمز". وأوضح أن الكاتب توفي جراء قصور في القلب.
وكتبت صديقة الكاتب جوديث ثورمان تقول "كان رجل الحقيقة".
وقد ورد اسم فيليب روث المراقب الحذق للمجتمع الاميركي وعيوبه، مرات عدة لنيل جائزة نوبل للاداب من دون ان يحصل عليها.
ولد فيليب ميلتون روث في 19 آذار (مارس) 1933 في نيوارك في نيوجيرزي وهو من عائلة يهودية أوروبية اتت إلى الولايات المتحدة خلال موجة الهجرة في القرن التاسع عشر.
وبعدما نشر 31 عملا وبعد سنتين على روايته الاخيرة "نيميسيس"، اعلن عملاق الأدب فيليب روث في العام 2012 اعتزاله الكتابة. وبعدما توقف عن الكتابة كان يمضي وقته في القراءة والسباحة ولقاء الاصدقاء. وهو كان يقيم بين مانهاتن وكونيتيكت.
اعماله التي تروي بطريقة استفزازية عادات البرجوازية اليهودية الاميركية او تتناول السياسة بطريقة ساخرة تتأرجح دائما بين السيرة الذاتية والتخيل.
وكان بانتظام من الاسماء الاوفر حظا للفوز بجائزة نوبل للاداب الا انه لم يحصل عليها يوما.
الا انه نال جوائز عدة اخرى منها جائزة "بوليتزر" العام 1998 عن كتابه "اميريكن باستورال" و"ناشونال بوك اوارد" العام 1960 عن "غودباي كولومبوس".
وقد اشتهر العام 1969 بفضل كتاب "بورتنويز كمبلاينت" الذي أثار ضجة كبيرة بسبب الوصف الجنسي الفاضح وطريقته بتناول الوضع اليهودي. وبقي هذان الموضوعان اساسيين في الجزء الأكبر من أعماله.
وقد انتقدته شخصيات يهودية بارزة عدة بشكل علني بسبب كتاباته عن الوضع اليهودي. لكنه كان يقول "انا لا أكتب بصفتي يهوديا بل بصفتي أميركيا".
وكان يعتبر من كبار ادباء الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الطابع العالمي لرسالته. وقد تمكن على الدوام من المحافظة على انتاج غزير ذي نوعية عالية جدا. واشتهر خصوصا بثلاثيته السياسية "اميريكن باستورال" و "آي ماريد ايه كومونيست" (1998) و"ذي هيومن ستاين" (2000).
في "ذي هيومن ستاين" ندد بالمجتمع الأميركي المتزمت والمنغلق على نفسه وتناول في "اميريكن باستورال" (1997) الاثر المدمر لحرب فيتنام على الضمير الوطني.
لم يكن يحبذ المشاركة في مناسبات عامة والمشاركة في مقابلات الا انه كان يتابع بنباهة الحياة السياسية الاميركية.
في "ذي بلوت اغينست أميركا" (2004) تخيل مصير عائلة يهودية في نيويورك في حال انتخب الشعب الاميركي الطيار تشارلز ليندبرغ المعروف بتأييده للنازيين بدلا من فرانكلين روزفلت في العام 1940.
ورأى كثيرون في ذلك اوجه شبه مع انتخاب دونالد ترامب الا ان فيليب روث خرج عن عزلته الادبية نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي لينفي ان يكون هناك اي تشابه، كاتبا في مجلة "نيويوركر" ان ليدنبرغ كان "بطلا كبيرا" بينما ترامب يستخدم "77 كلمة فقط".
وطبع اسلوبه اللاذع الساخر اجيالا كثيرة من القراء فضلا عن ميله الى الخلط بين الخيال والواقع معتمدا في كثير من وراياته على تجربته الخاصة.
وكان يورد بانتظام في أعماله حي ويكاهيك في نيوارك حيث شب قبل الاضطرابات العرقية العام 1967 التي حولت جذريا وجه المدينة التي فرغت من جزء كبير من سكانها البيض.
وخلال حياته الأدبية الطويلة، تبدل شكل الرواية التي كتبها روث عدة مرات، حيث تحدث بعضها عن اكتشاف معنى أن تكون أميركيا أو كاتبا أو حتى رجلا.
وكان الأديب مولعا بدراسة التاريخ الأميركي واللغات العامية الأميركية، كما تفرغ في قراءاته وكتاباته لاكتشاف تركيبة الرجل الجنسية. واشتهر خصيصا في رواياته التي عنت بالهوية اليهودية ومعاداة السامية، وكذلك بالتجربة اليهودية في الولايات المتحدة.
روايته "سخط" تدور أحداثها من خلال شخصية البطل الراوي، ماركوس مسنر، هو ابن وحيد لعائلة يهودية تعيش في نيوارك – نيوجرزي مدينة نشأة الكاتب. وهو شاب لامع وخلوق، يحظى برضا والديه، وتلميذ مجتهد وطموح، ورياضي نشط، يعمل بجدٍ خلال إجازاته المدرسية إلى جانب والده اللحّام الذي يبيع وفق طريقة الذبح اليهودية. يتزامن دخول ماركوس كلية وسط المدينة، مع دخول القوات الأميركية كوريا الجنوبية لمؤازرتها ضدّ احتلال الكوريين الشماليين المدعوم من الاتحاد السوفياتي والصين الشيوعية. وعليه، جِزارة من نوعين تتخلّل أحداث الرواية. في الواجهة الأمامية، سكاكين مسنونة تلتمع وسواطير لتقطيع اللحوم. وفي الواجهة الخلفية، حربات فتّاكة تومض في أيدي المحاربين الصينيين. ومن فوق تتدلّى ضلوع وأفخاذ لحم، وأرضاً تنتشر أجساد مذبوحة وجثث مقطّعة إربا في ميادين القتال.
مع مجيء الحرب، والتجنيد الإلزامي، تجتاح الأب حال بارانويا وذعر على أمن ابنه وسلامته. فماركوس ما يزال قليل الخبرة، يدخل معترك حياة محفوفة بالمخاطر والمفاجآت. وأيّ خطأ يرتكبه أو هفوة صغيرة، قد تجني على مستقبله وتقوده إلى ساحة حرب دموية هوجاء تودي بحياته، كما أودت الحرب العالمية الثانية من قبل، بحياة اثنين من أبناء أعمامه في ريعان الشباب. هوس الأب الباثولوجي بهذه المخاوف يدفعه إلى تضييق الخناق على ابنه، ما يحدو بالأخير إلى الرحيل مسافة 500 ميل بعيدا من أبيه، حيث ينتقل للدراسة في كلية بلدة وينزبرغ في الأعماق الريفية لولاية أوهايو.
في العام 2005 أصبح فيليب روث أحد ثلاثة كتاب أحياء، حفظت كتبهم في المكتبة الأميركية، بالإضافة إلى الكاتبين "سول بيلو" و"جون أبدايك". كما فاز خلال مسيرته بالعديد من الجوائز العالمية المرموقة ومنها: جائزة الكتاب الوطني، جائزة دائرة النقاد، جائزة بوليتزر الدولية. 
في أواخر العام الماضي، أصدرت "مكتبة لابلياد" الشهيرة المجلّد الأول من أعمال فيليب روث، وضمّ رواياته من العام 1959 إلى العام 1977. وسبق لـ"مكتبة أميركا"، وهي معادلة لـ"لابلياد" لكنّها متخصّصة في الكتّاب الأميركيين، أن أصدرت قبلها بأشهر قليلة، المجلّد الثاني والأخير المكرّس لفيليب روث، بعنوان "لماذا أكتب؟"، وهو يجمع العديد من المقالات التي كتبها خلال مسيرته الأدبية.
وفي حوار أجرته معه حوسلين سافينيو لمصلحة صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، ونشره موقع "ضفة ثالثة" بالعربية، قال روث إن "الرواية الأميركية العظمى" ليست فقط كتابًا عن البيسبول، إنّها محاكاة ساخرة لفولكلور وأساطير هذه اللّعبة. وقد يبدو الكتاب غير مفهومٍ لشخص أوروبيّ مثلما تبدو "يقظة فينيغان" غير مفهومة بالنسبة إليّ.
وبين أنه في كتاباته الأولى حاول معرفة "إلى أيّ نوعٍ من الكتّاب أنتمي. في تلك الفترة لم أكن على وعيٍ بما أفعل، وكان دليلي الوحيد أسئلة من قبيل: ما هي نقطة قوّتي؟ ما الّذي يدفعني إلى الكتابة؟ عن ماذا أبحث؟ في "شكوى بورتنوي"، عثرتُ على صوت. لم يكن ذلك صوتي الخاصّ بقدر ما كان الصّوت المناسب لذلك الكتاب، أو إن شئت، المناسب لدور البطل. لقد علّمتني التجربة أنّ كل كتاب يستدعي صوتًا خاصًّا به وتنويعاتٍ في النبرة، تخدم بدقّة الموضوع المطروح. لـ"بورتنوي" موسيقاهُ الخاصة: تلك المتعلّقة بلعبة البيسبول. أمّا بالنسبة لكتاب "النّهد"، فلهُ موسيقى مختلفة.  يمكن ملاحظة أنّ هذا صحيح بالنسبة لمعظم الروايات التي كتبتها".
واضاف "تجربتي الحياتية كيهوديّ في أميركا هي تجربة أيّ أميركي آخر يعيش في أميركا. في "بورتنوي"، حاولتُ تقديم وضعية أكثر صعوبةً من كلّ ما استطعتُ أن أُجرّبَه ككاتب. حين ذهب "بورتنوي" إلى إسرائيل، لم تسِر الأمور على ما يُرام بينه وبين النساء، وذلك على نحو غريب.. لأنّه هناك كان يُعتبر أجنبيًا - أي كائنا قادما من عالم آخر، لكن لا بدّ من القول إنّه يبدو أجنبيًا في كلّ مكان- بصرف النّظر عن اللّحظات التي لعبَ فيها البيسبول حينما كان طفلا.
وعن واقع أميركا اليوم، قال "الكابوس الّذي تعيشه أميركا اليوم - وهو في الحقيقة كابوس- يرجع إلى أنّ الرجل الّذي انتُخب رئيسا يعاني من نرجسيّة مفرطة، إنّه كذّاب كبير، جاهل، متعجرف، كائنٌ وقِح تُحرّكه روح الانتقام ومُصاب بالخرف مسبقًا. وإذ أقول ذلك، فأنا أُقلّل من عيوبه إلى أدنى حدّ. إنّه، يوما بعد يوم، يثير سخطنا بسلوكه، ونقص خبرته وانعدام كفاءته. ولا حدود للأخطار الّتي يمكن لجنون هذا الرجل أن يجُرّها على البلاد وعلى العالم أجمع".
وعن المعاداة لذوي الأصول الإفريقية في المجتمع الأميركي، قال "لا شكّ في أنّ مشاكل كثيرة تولّدت من التّاريخ الطويل لقمعِ الأفارقة الأميركيين، وهذه المشاكل ما تزال موجودة اليوم، فضلًا عن بعض السلوكات المُقرفة بشكلٍ واضح. بالنسبة إليّ، لا أعتقد مثلًا أنّ أغلبية الأميركيين عنصريون متحمّسون. أظنّ أنّ هناك حفنةً من العنصريين المستعدّين لفعل أيّ شيء، وأنهم بين المنتخبين في الكونغرس وأنّ هناك واحدًا منهم في البيت الأبيض. ثمّة أيضًا شريحة من العنصريين منظّمة جيّدا في مناطق مختلفة من البلاد. لكن العنصرية هي مشكلٌ قديم العهد في تاريخ أميركا، وقد بدأَ مع العبودية، خطيئتنا الأصلية. لذلك، فإنّ جذور الكراهية العرقيّة وانعدام الثّقة في الآخر منغرسة عميقًا في تراب هذه البلاد. ولا تُحصى الخسائر الّتي نتجت عن ذلك، منذ فجر تاريخنا الوطني وعلى مدى قرون. ولم يعد مُستغربًا أن نجد بعض الآثار البغيضة لهذه الخسائر ما تزال ماثلةً في النفوس حتّى اليوم وتستمرّ معها الأعمال المدمّرة".
وأكد قائلا "منذ سنوات طويلة وأنا أقرأ كُتبا عن التاريخ الأميركي. لقد قضيتُ حياتي كلّها مدافعا عن القراءة، وعن دراسة الرواية وتعليمها، وكانت الرواية دائما في صُلب حياتي وانشغالاتي. لكنّني، اليومَ، بعد أن اخترتُ إنهاء مسيرتي الروائية، أظنّ أنّ لديّ الرّغبة في الاهتمام بشيء آخر. يحدث من حين لآخر أن أقرأ بعض الروايات الّتي يقترحونها عليّ، وأعيدُ قراءة كتابٍ ما أحببتُه كثيرا وأجد متعة كبيرة في قراءته من جديد. لكن، بخصوص سرد الحكايات، هذا الشّيء الّذي طالما كان ثمينًا بالنسبة إليّ على امتداد العمر، لم يعد له مكانٌ في صميم حياتي. وهذا أمرٌ غريب. لم أتوقّع أبدًا أن يحدث ذلك. لكن، ما هو صحيحٌ أنّ أشياءً كثيرة تحدث ولم أكن أتخيّل حدوثها على الإطلاق". - (وكالات)