Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Aug-2020

ماذا ينتظر لبنان بعد انفجار بيروت واستقالة الحكومة؟

 بيروت- تفتح استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب بعد أيام على انفجار مرفأ بيروت المروع الذي أودى وفق آخر إحصائية مساء أمس بحياة 171 وأصيب فيه أكثر من 6 آلاف آخرين الباب أمام أسئلة جديدة حول المرحلة المقبلة في وقت فقد اللبنانيون المنهكون المثقلون بالأحزان الثقة في كل شيء.

ومنذ أشهر، يطالب اللبنانيون بتغيير نظام قائم على المحاصصة الطائفية والسياسية وبرحيل كل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والإهمال وحتى الاستهتار بحياتهم. وأتى انفجار مرفأ بيروت الاسبوع الماضي ليزيد إصرارهم على المواجهة.
ماذا ينتظر لبنان بعد الانفجار واستقالة الحكومة؟ هل سيشهد أي تغيير حقيقي؟ وما هو موقف القوى الدولية والشارع؟
وبعد وقوع الانفجار، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة إلى بيروت، إلى “تأسيس ميثاق جديد” و”بناء نظام سياسي جديد”.
وأقر رئيس الجمهورية ميشال عون بعدها بضرورة تغيير النظام. وقال “نحن أمام تغييرات وإعادة رؤية نظامنا القائم على التراضي بعد أن تبيّن أنّه مشلول ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان أن الانفجار قد “يُغير قواعد اللعبة”، مرجحاً “صعود تشكيلات سياسية جديدة”، وإن كانت البلاد ستدخل، وفق قوله، في فراغ كون الحكومة الجديدة لن تتشكل قبل اشهر.
ويقول “لبنان يقف على مفترق طريق مؤلم”.
ويُظهر التاريخ أن تشكيل الحكومات في لبنان ليس بالأمر البسيط في ظل تعقيدات التركيبة الاجتماعية الطائفية والمذهبية، وتجاذبات بين قوى خارجية داعمة للقوى السياسية، على رأسها إيران وسورية والسعودية والغرب.
ولا يبدو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية اللبنانية جيفري كرم متفائلا باحتمال حصول تغيير جدي.
ويقول “من شبه المستحيل الاعتقاد بأن الانفجار سيزيل الطبقة السياسية بالكامل، إن المصالح الضيقة ومصالح النخبة ستوقف أي تقدم ذات مغزى”.
وإثر الانفجار توالت الدعوات لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، طالب بها أيضا رئيس الحكومة المستقيل. وقد استقال تسعة نواب على الأقل من البرلمان.
لكن كرم يعتقد أن أي انتخابات نيابية ستعيد الوضع إلى ما كان عليه، معتبرا أنها قد تؤدي إلى “تغيير بسيط في التكتلات والمقاعد بدلا من تحقيق تغيير كامل في النظام المذهبي والطبقة السياسية الفاسدة”.
يرى كرم أن “السيناريو الأكثر رعبا هو الدعوات لتشكيل حكومة وحدة وطنية وحتى وإن تألفت من مستقلين واختصاصيين مزعومين تحت عنوان إغاثة ومساعدة لبنان”.
ويضيف “هذا يعيدنا إلى نقطة الصفر”.
ولم تكن آخر تجربة “حكومة وحدة وطنية” برئاسة سعد الحريري ناجحة، إذ سقطت بعد نحو ثلاث سنوات على تشكيلها على وقع احتجاجات ضخمة في الشارع في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي.
وكانت تضم ممثلين عن معظم الأحزاب السياسية وولدت بعد سنتين من فراغ في سدة رئاسة الجمهورية إثر تسوية هشة شلت المؤسسات وعطلت القرارات.
وبعد سقوطها المدوي في الشارع، كُلف الأستاذ في الجامعة الأميركية حسان دياب بتشكيل حكومة قدمت على أنها من “التكنوقراط” و”المستقلين” مع مهمة “إنقاذ” لبنان. لكن الواقع أنها وُلدت بدعم من طرف واحد هو حزب الله وحليفه تيار رئيس الجمهورية.
وخلال سبعة أشهر، كانت الحكومة خاضعة للطرف السياسي الذي أتى بها.
خلال الأيام الماضية، تعرض الرئيس ميشال عون لحملة شعبية هي الأعنف تطالبه بالاستقالة، بينما ارتفعت أصوات تهاجم حزب الله وتنتقد تحكمع بمفاصل الحياة السياسية.
وبعد استقالة دياب، طرحت أسماء محتملة لتولي مهمة تشكيل حكومة، بينهم الحريري الذي ما يزال يتمتع بقاعدة شعبية لا بأس بها في أوساط الطائفة السنية، لكن عودته مستبعدة مع استمرار النقمة عليه بين المحتجين.
ولا يجد المتظاهرون في استقالة حكومة دياب حلاً، ويطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار وبرحيل الطبقة السياسية التي تتحكم بالبلاد منذ عقود. ويُكرر هؤلاء شعار “كلن يعني كلن”.
ولا يبدو المحللون متفائلين في قدرة الشارع وحده على التغيير أمام قوى سياسية اعتادت المناورة والكذب لتحقيق غاياتها.
ويقول كرم “ستمتص الطبقة الحاكمة الصدمة والغضب والإحباط وستستغل الدماء في الشارع وآلاف الجرحى والمفقودين لتطرح وعودا قصيرة الأمد لتخلق نوعاً من الشعور بالعودة إلى الحياة الطبيعية”.
ويوضح “لدى طبقتنا السياسية مناعة تجاه المأساة وخصوصاً أن نحو غالبيتها مؤلفة من زعماء حرب، وبالتالي فإن آلاف الضحايا، لن يحركوا فيهم شعورا بالذنب بالنظر إلى تاريخهم”. لكن ناشطين يؤكدون أن “الثوار” هذه المرة سيلازمون الشارع، لأنهم “لم يعد لديهم ما يخسرونه”.
شكل الانفجار مناسبة جديدة للمجتمع الدولي ليجدد شرطه على لبنان بوجوب تنفيذ إصلاحات أساسية مقابل الحصول على دعم يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي.
وتعثرت المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي منذ أسابيع بسبب عدم تقديم الوفد اللبناني المفاوض رؤية موحدة حول تقديرات الخسائر المالية. كما لم تُحقق الحكومة أي إصلاحات.
وتعهد المشاركون في مؤتمر دولي نظمته فرنسا بعد الانفجار بمساعدات عاجلة بقيمة حوالي 300 مليون دولار.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية باسل صلوخ “لم يعد لدى النخبة السياسية هامش مناورة. سيكون من الصعب عليها تفادي إجراء إصلاحات ضرورية”.
لكنه يضيف “هل سنشهد على اقتلاع النظام السياسي؟ لا، لكنهم سيُجبرون على تقديم تنازلات قاوموها طويلا”.
إلى ذلك انطلقت أمس مشاورات سياسية على مستويات عدة بهدف التوصل الى تسمية رئيس حكومة جديد في لبنان بعد استقالة حكومة دياب.
وغالبا يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان، البلد الصغير الذي يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية ومنطق التسويات، أسابيع وحتى أشهر.
ويتوقّع أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية هلال خشان “ألا تكون هناك حكومة لأشهر طويلة”، منبّها إلى أن “لبنان يقف على مفترق طريق مؤلم”.
ولا يُعرف ما إذا كان حجم الكارثة وتبعاتها، وما تلاها من تعاطف ودعم دولي ومناشدات للإسراع في اتخاذ خطوات تريح الشعب، قد يدفع الفرقاء السياسيين هذه المرّة إلى تحمّل مسؤولياتهم أمام مواطنيهم.
وبدأت التكهنات باسم رئيس الحكومة المقبل، فقد عنونت صحيفة “الأخبار” المقرّبة من حزب الله، على صفحتها الأولى الثلاثاء “توافق فرنسي أميركي سعودي: حكومة “محايدة” برئاسة نواف سلام”.
وسلام دبلوماسي مخضرم، تولّى منصب سفير لبنان في الأمم المتحدة لسنوات، وهو قاض في محكمة العدل الدولية في لاهاي، سبق أن طرح اسمه بعد استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على وقع تحرّكات شعبية غاضبة في خريف 2019.
لكن يصعب الجزم فيما إذا كان هذا الطرح جديا اليوم.-(أ ف ب)