Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jan-2018

هل التجاوزات والأخطاء الطبية تحدث في الاردن؟ - د. عميش يوسف عميش

الراي -  إن تعريف ( Malpractice (تعني سوء التصرف أو التقصير في أداء الواجب المهني وما ينتج عنه من ضرر في حقل ممارسة الطب ومداواة المريض. اقتبس من تعليق قبل عدة سنوات للدكتور»نديم كورتاس» وكان عميدا لكلية الطب ونائبا لرئيس الجامعة الأميركية للشؤون الطبية في بيروت: «القياس الاقرن» او «البرهان ذو الحدين» «هو ما نسميه المأزق الذي يواجه الطبيب أثناء معالجته لمرضاه ويعني بالإنجليزية(Medicine in Dilemas (فالتطور العظيم الذي حدث في مجال التقنيات الحديثة التي نستخدمها لتشخيص الأمراض أو المداخلات العلاجية قد نقلت العلوم إلى مرتبة الاكتشاف ومرحلة الظهور.

 
لكن أين نحن من هذا والأضرار الأخلاقية التي تظهر مع ذلك التطور الطبي الهائل، وأن الضرر الذي يلحق بالمرضى والأطباء على السواء يأتي نتيجة التضارب بين المبادئ الإنسانية والأخلاقيات المهنية من جهة، وبين المصالح الشخصية من جهة أخرى».
 
لقد ارتفع عدد الدعاوى القضائية ضد الأطباء في كل مكان خاصة في الولايات المتحدة الأميركية بسبب كثرة الأخطاء الطبية والتقصير الناتج عن جهل بعض الأطباء تجاه مرضاهم. وانعكس على المستشفيات والمؤسسات العلاجية ادى لقيام المستشفيات بتأمين الأطباء بمبالغ كبيرة لمواجهة الدعاوى التي يرفعها المرضى المتضررون أو ذووهم.
 
وساهم ذلك في تنبه الأطباء بوجوب الحذر وتجنب التقصير الذي يؤدي لوقوع أخطاء طبية لمرضاهم. الأساس ضرورة فهم الطبيب مسبقاً للكيفية التي يمارس بها مهنته بالشكل الذي يجنبه تجاوز الاخطاء. وكبقية دول العالم لا بد لنا أن نعترف بالأخطاء التي تحدث في بلدنا. أن طرح هذا الموضوع قد يثير الحساسيات عند بعض زملانا وبعض القطاعات الصحية.
 
فأرجو ألا يؤخذ هذا الموضوع على أساس شخصي، وأن نتعامل معه بشفافية ووضوح. إننا في الأردن لنا أخطاؤنا كأي بشر كان، وعلينا أن نعترف بأن البعض يمارس الأخطاء الطبية، كما هو الحال في أكثر الدول تقدماً. ففي عام 2002 مثلاً دلت الإحصاءات الرسمية على إدخال 33 مليون مواطن في المستشفيات الأميركية، وقد قدر عدد الوفيات الناتجة عن الأخطاء الطبية 150 ألفا ، وبالمقارنة فعدد الذين يموتون في أميركا بسبب إصابات العمل 9000 شخص، بينما يموت 000.10 شخص بسبب أخطاء إعطاء العلاجـات: الطريقة والضرورة والجرعة. وعام 2014 قدر عدد الوفيات نصف مليون بسبب الاخطاء الطبية.
 
تلك الأخطاء تحدث من قِبَل فئة قليلة لكنها تؤثر على الأغلبية وتتراوح بين تجاوزات بسيطة تؤدي لتدهور صحة المريض وحدوث انتكاس له، أو استغلاله مادياً، او التسبب بإصابته بعاهة مستديمة أو وفاته بسبب خطأ في التشخيص أو المداواة أو التداخلات التشخيصية أو العمليات الجراحية. إن إعترافنا بالأخطاء يساعد على معرفة أسبابها والعمل على منعهـا.
 
وباعتقادي أن الأسباب قد تكون ناجمة عن: (1 (ضعف مستوى بعض الاطباء العلمي لتدني برامج التدريس والتدريب في الجامعات التي تخرجوا منها لأسباب اهمها قبول الجامعات للطلاب بمعدلات متدنية وعدم التدريب المستمر بسبب نقص الكوادر، وعدم متابعة الطبيب للتعليم الطبي المستمر، وعدم الاشتراك في الجمعيات الاختصاصية، ومتابعة النشرات والمجلات وحضور المؤتمرات. (2» ( التتجُّر» في مجال ممارسة الطب ويشمل المداخلات التشخيصية خاصة بوجود الحوافز المقدمة من قبل بعض المؤسسات ذات العلاقة بالطب كشركات الأدوية والمختبرات ومراكز الأشعة والليزر والتجميل.
 
فلقد ثبت حدوث اتفاقات على أساس المنفعة المتبادلة مع تلك المؤسسات وتقديم حوافز لبعض الأطباء. (3 (استغلال الهلع الذي يصيب المريض والوضع النفسي الذي يمر به خوفاً على حياته غالباً ما يدفعه للرضوخ لتعليمات الطبيب مهما كانت وقبول اجراء فحوصات او مداخلات علاجية وجراحية غير ضرورية. (4 (الوصفات الطبية: هل حقاً جميعها ضرورية؟ فنحن نعرف أن هناك أدوية لشركات معينة ووجود التزامات نحوها من قبل بعض الأطباء. (5 (حدوث مداخلات تشخيصية لا لزوم لها وإجراء عمليات يمكن تأجيلها، لأنها ليست ضرورية. (6 (لدينا حوالي (160 (مركز ليزر يحتاج بعضها لإشراف اختصاصيين. (7 (وجود (150 (مركزا للعناية بالبشرة تدار من قبل مبتدئات ويخضع المرضى لعدة تداخلات كاستخدام اجهزة ليزر كاذبة دون اشراف طبي. أما المحاسبة على الأخطاء الطبية فيا ترى من يقوم بذلك ومسؤولية من؟ فالأردن دولة المؤسسات العريقة، ووزارة الصحـة هي الجهة الأولى المسؤولة عن صحة المواطن، كما أن نقابة الاطباء وجمعيات الاختصاص لديهم مسؤولية تجـاه السلوك الطبي، وهناك المجلس الطبي المسؤول عن تقييم الاختصاصيين.
 
فلا بد من تطبيق التعليمات الصادرة عن وزارة الصحـة والنقابة والمجلس الطبي حول الأخطاء الطبية خاصة نظام المسؤولية والمساءلة الطبية في الدستور الطبي رقم (13 (1972 من أجل مصلحة وحماية المواطن، كذلك حماية الطبيب المعالج والمؤسسة التي ينتمي إليها.هل لدينا يا ترى إحصائيات حول هذا الموضوع؟ علينا أولاً أن نعترف بوجود الأخطاء ثم ايجاد الأرقام ومعرفة الأسباب لعلنا نستطيع منعها. وبناء على كل ما تقدم فقد تم (1 (تفعيل دور المجلس الطبي بإخضاع جميع الاختصاصيين لامتحان البورد الأردني قبل الحصول على الموافقة لممارسة اختصاصهم. (2 (قيام المجلس الطبي ونقابة الأطباء والمؤسسات الصحية بمشروع مشترك لتدريب الأطباء ضمن برنامج التعليم الطبي المستمر.
 
وهناك اقتراح بإجراء تقييم للاختصاصيين مرة كل 4سنوات. (3 (وضع بروتوكول «تأمين السلامة الصحية للمريض» في جميع مواقع ومراحل العلاج. (4 (اقتراح بشروع المستشفيات بوضع تأمينات مالية كغطاء للاختصاصيين العاملين فيها لتغطية الأخطاء الطبية إن ذلك يكون ضمانة حقيقية لحماية الطبيب عند حدوث أي خطأ طبي، وكذلك ضمانة للمريض للحصول على التعويضات، وهو سند قانوني مهم في مجال ممارسة مهنة الطب وحماية الطبيب والمريض. كما أن ذلك سوف يقلل نسبة حدوث الأخطاء الطبية.
 
وأخيراً فإننا في الوقت الذي نعترف به بحدوث تجاوزات وأخطاء طبية من قبل البعض لابد لنا أن نفتخر بمؤسساتنا الطبية: التي تعتبر الرائدة في وطننا العربي والشرق الاوسط واهمها وزارة الصحة التي ورغم الإمكانات المحدودة تحاول تجاوز العراقيل المتعلقة بالعناية بصحة المواطن ودعم مستشفياتها وبناء مستشفيات جديدة وتوظيف الاختصاصيين الممتازين ثم الخدمات الطبية الملكية وكليات الطب الجامعية ولا ننسى القطاع الخاص. كما أننا مستمرون بثقتنا بكفاءة أطبائنا وتميّز الغالبية العظمى منهم، وهم بلا شك يساعدون على منع حدوث الأخطاء الطبية ما داموا يقودون المسيرة الطبية المميزة في الأردن. ولا ننسى ان الاردن اثبت عبر مرور الاعوام انه مركز الابداع للسياحة العلاجية للمرضى العرب والاجانب.