Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Nov-2018

سمير الشريف: في «مسافات» حاولت الكشف والنبش عن المسكوت عنه
الدستور - عمر أبو الهيجاء
يرى القاص سمير الشريف بأن الرواية بدأت تتأثر بالقصة، فلم نعد نقرأ رواية من مئات الصفحات كما المعهود في تراثيات الرواية العربية كبدايات نجيب محفوظ في الثلاثية، مؤكدا أن غياب النقد المتابع والجاد لهذا الجنس الأدبي القصة القصيرة لحساب أجناس أخرى بدأت تحتل مكانا لافتا بفعل عوامل كثيرة أهمها مادي/الرواية / وتحوّل القاصين والشعراء لهذه النوع الكتابي.
«الدستور» التقت الشريف وحاورته حول تجربته القصصية وقضايا أخرى حول الإبداع القصصي والنقد، فكان هذا الحوار:
 
 
] بعد إصدارك لأكثر من مجموعة قصصية، ما الذي لم تقله في هذه المجموعات؟
- وظيفة الأدب أن ينقل إحساس الكاتب ورؤيته لما يدور حوله ويكون شاهدا أمينا للمرحلة التي يعيشيها، في مجموعاتي القصصية السابقة «الزئير بصوت مجروح /عطش الماء /مرايا الليل / همس الشبابيك : النص السردي الطويل/ ومجموعتي القصصية الجديدة «مسا..فات» حاولت الاشتغال على ذلك بكشف عورات الواقع ونبش المسكوت عنه وإضاءة البؤر المظلمة في مسيرتنا الاجتماعية ومنظومتنا الفكرية وتشظياتنا السياسية، وقد لاقت هذه المجموعات القبول الجيد قراءة ونقدا وتم تناولها في أكثر من منبر عربي وتمت ترجمة بعض نصوصها للغات عالمية أخرى كالإنجليزية والفرنسية والإيطالية وفاز بعضها بجائزة عالمية في القصة القصيرة جدا، غير أن الإبداع لا يتوقف؛ لأن ديمومة الحياة تفرض على الكائن الإنساني أن يعيشها بكل مخاضاتها فما بالك بالكاتب الذي نذر نفسه ليكون شمعة تضيء ومصباحا كاشفا لظلمات الحياة؟
لا يدّعي كاتب أنه قال كل شيء ولو عاش أعمارا إلى عمره، ونحن في عالمنا العربي ما زلنا نتطلع لتحقيق الكثير من الحقوق والأحلام كالعيش الكريم والتعليم المجاني وتلاشي البطالة وتوفر الخدمات الصحية التي تليق بإنسان القرن الحادي والعشرين وفوق ذلك جميعا وفي مقدمته الوصلة لحالة متوازنة ومسؤولة من الحرية التي تُشعر المرء بإنسانيته، ومن هنا فأمام الكاتب الكثير لينجزه على طريق آماله الكثيرة.
 
] يقال بأن القصة القصيرة لم تواكب ما بدأه الرواد؟
- قام الرواد بما عليهم بترسيخ هذا النمط الكتابي المرموق عربيا وعالميا وتركوا بصماتهم التي لا تنسى في هذا الحقل، ولمّا كانت الحياة في ديمومة وتطور فإن الجنس الأدبي كذلك يتطور تلبية لحاجات العصر وأشواق الناس فيه، من هنا يلمس المتابع غياب النقد المتابع والجاد لهذا الجنس الأدبي لحساب أجناس أخرى بدأت تحتل مكانا لافتا بفعل عوامل كثيرة أهمها مادي/الرواية / وتحوّل القاصين والشعراء لهذه النوع الكتابي، طمعا في مبالغ خيالية وتحسينا لأوضاعهم المعيشية المتواضعة، وتبدّلت أدوار المراكز الثقافية التي كانت تحتل أركان الوعي والتأليف واستقطاب الكفاءات في عالمنا العربي كالقاهرة وبغداد وبيروت، تم أخيرا تدارك الوضع فيما يتعلق بالقصة القصيرة والتقصير الحاصل تجاهها فقام الأستاذ «طالب الرفاعي» القاص والروائي الكويتي بتأسيس الملتقى للقصة القصيرة بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في الكوت، وتم إنشاء جائزة مرموقة سنوية على المستوى العربي، تترجم المجموعات الفائزة للغات عالمية ويتم التعريف بها على نطاق واسع، ونستذكر هنا ما نهضت به رابطة الكتاب التي أوجدت جائزة للقصة القصيرة باسم القاص المرحوم «خليل قنديل «– الأمر الذي يشي أن العودة الجادة لإنصاف القصة القصيرة بدأت بعودة الوعي لأهميتها.
على الصعيد الفني ما زال هذا النوع الكتابي كغيره يخضع للتجريب وتنوع الأساليب الفنية بسبب من دخول تقنيات العصر الرقمية وتولدت نتيجة ذلك القصة القصيرة جدا والقصة الومضة وغيرها من المسميات وبدأت تشتبك مع أنواع عالمية أخرى وتتأثر بها كالهايكو على سبيل المثال.
 
] برأيك هل الرواية طغت على القصّ؟
- للأسباب التي ذكرناها سابقا، نعم، غير أن الطغيان هنا لا يُفهم بالمعنى الذي ُيلغي ويصادر القصة القصيرة، طغت الرواية بفعل عوامل خارجية كانتشار الجوائز الخاصة بأرقام مغرية، وغياب النقد للقصة القصيرة وإهمال متابعتها نقديا وتعريفا وإصدارا على مستوى دور النشر ووزارات الثقافة، والاتحادات والتجمعات الأدبية.
لا يمكننا التسليم بمفردة الطغيان حرفيا، إذ نلاحظ أن الرواية بدأت تتأثر بالقصة، فلم نعد نقرأ رواية من مئات الصفحات كما المعهود في تراثيات الرواية العربية كبدايات نجيب محفوظ في الثلاثية على سبيل التمثيل ولا غالب هلسا في «الضحك أو سلطانة»، بل وجدنا ما يسمى بالرواية «النوفيلا» وهي أشبه ما يكون بالقصة القصيرة الطويلة بمحدودية أحداثها وشخوصها وأمكنتها، ناهيك أن القصة القصيرة هي أصل الأنواع السردية عموما ونستذكر هنا رائد القصة العربية يوسف إدريس الذب بدأ قاصا وأسس لمدرسة خاصة في القصة القصيرة العربية وكيف انتهى كاتبا ومجربا للرواية، وهذا ينطبق على كثير من كتاب عالمنا العربي والعالمي.
 
] كونك تكتب النقد إلى جانب الكتابة القصصية، هل تمارس النقد على نتاجك القصصي؟
- أشكر لك هذا السؤال الذي يجعل مني ناقدا، غير انني لا أدعي اجتراح هذا الفضاء الجميل، وأترك ذلك للمتخصصين الذين اتخذوا النقد مجالا خاصا عُرفوا به، ولديهم أدواتهم الأكاديمية التي تؤهلهم لذلك، غير أنني أمارس قراءات للنصوص بذائقة المتذوق المبدع الذي يمتلك التعاطي مع النصوص بحساسية ووعي خاصة، وتنظر للنص من زوايا لا تتبع السلبيات وتكبرها بل تُعلي من الإيجابي في النص الأدبي، غير متناسية أن ذلك جهد بشري محوك بالقصور ومحدودية الرؤية وقلة زاد الكاتب مهما أوتي من أدوات ومعارف وادعاءات بالكمال الذي هو صفة لله وحده.
من ناحيتي، أترك النص بعد الفراغ منه لفترة، كأنني أتخفف من حمل ثقيل ثم أعاود التمعن فيه قراءة سابرة ناقدة فأحذف وأعدّل ظنا مني أن الأمر استقر على شاطئ الرضى والكمال، فأدفع بالنص أو مجموع النصوص لأصدقاء مبدعين أثق في قدراتهم وذائقتهم الفنية، نتناقش ونتبادل الرأي ويتم التعديل والتبديل وربما الحذف، ثم أترك النص بعد ذلك وأعود إليه، وغالبا ما يجري تعديل على تعديل، حتى يستقر النص على حال تلقى القبول، غير أن الملفت أن تحدث مراجعة للنص حتى بعد أن يتم نشره ورقيا وهذا ما تم في أكثر من قصة نشرت في مجلة الآداب الييروتية ذائعة الصيت. ومن لا يرى في كتابته نقصا ويترفع عن المراجعة والنقد أظنه قد أصيب بداء الغرور وهو بحاجة لمراجعة لمنظومة تفكيره ووعيه وأن يتوقف عن إدعاء الكتابة.