Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Feb-2018

سرطان في جسم اليسار - كارولينا ليندسمان

 

هآرتس
 
الغد- قبيل الربيع الإسرائيلي المقترب، من المهم ان نبدأ بالتفكير في البديل السياسي لبنيامين نتنياهو بشكل خاص واليمين بشكل عام. هناك نوع من المقالات التي تسمى في اوساط اليسار من باب الاستهزاء، "مشكلة اليسار". هذا ليس صدفة: فالهزء في اوساط اليسار هو احدى مشاكله الجوهرية. 
في مقابلة مشوقة أجراها غادي طاوب مع المفكر السياسي مارك ليلا، شرح الاخير هزيمة الديمقراطيين في الولايات المتحدة بحقيقة أن سياسة الهويات تسيطر على التفكير الليبرالي. والاخطر من ذلك: يشخص في سياسة الهويات استسلاما من اليسار أمام عالم مفاهيم اليمين، إذ انه ما الذي وقف خلف أفكار منظمة الكو كلوس كلان، العبودية والفصل العنصري ان لم يكن الفصل على اساس الهوية؟ 
ان سياسة الهويات، يقول ليلا، تتحدث عن "الجماعات"، ولكن هذا الحديث هو غطاء فقط لفردية متطرفة. (وهذا هو السبب الذي في داخل كل مجموعة ستكون مجموعات فرعية أو افراد يقولون ان النسوية هي في واقع الامر  أبيض أو طبيعي، أو أن النسوية السوداء ما تزال تقصي السحاقيات أو أن النسوية السحاقية السوداء تقصي الهسبانيات أو السمينات، أو أن المثليين يستبعدون المتحولين او غيرهم من المختلفين الذين لا حصر لهم ممن لا يجدون انفسهم ضمن هذا العنوان بدقة كافية. وذلك لان المبدأ الذي يقف خلف كل هذا هو الحظر على كل محاولة لتعريفي من الخارج، وكل محاولة لايجاد القاسم المشترك بين شخصين تتنكر لتعريفهما الذاتي المميز. وعليه فلا يمكن أن توجد ولا توجد ائتلافات مستقرة في هذه الدوائر. ولن يمر وقت إلى أن يبدأوا باتهام الواحد الاخر بالقمع".
كما هو متوقع، فإن هذه المقابلة أيضا استقبلت بالاستهزاء في دوائر اليسار؛ فقد أجراها الهارب المثقف طاوب. غير أن الحديث يدور عن مشكلة خطيرة ومحظور الاستخفاف بها. فليلا عمليا يصف تفكيرا يعمل مثل مرض السرطان في الجسم السياسي الذي يحمله. ومثل السرطان فانه يدفع خلايا الجسم السياسي لان تتوزع بشكل غير مضبوط، يسيطر على الاجهزة السليمة في الجسم إلى أن يوقف مهامها. من ينظر إلى الجسم السياسي الذي يسمى "اليسار الإسرائيلي"، فإن هذا بالضبط ما يراه: جسم هزيل وضعيف، في داخله عدد لا يحصى من الخلايا المنقسمة الزائدة. 
عمليا لا يدور الحديث فقط عن عدم القدرة على تحقيق ائتلافات، بمعنى ربط الجماعات المختلفة بهدف واحد، بل عن التآمر ضد مجرد امكانية ربط الناس في مجموعة، الامكانية التي هي الاساس لإقامة المجتمع فما بالك الحزب. كل مجموعة سياسية تتطلع لان تزيد قوتها من خلال التوسع، غير ان سياسىة الهويات تنتج المزيد فالمزيد من التصنيفات والتصنيفات الفرعية التي تضع من جهتها معايير اشتراطية. اليسار فقط يقول انه معني بتوسيع صفوفه "التوجه إلى جماهير جديدة"، ولكنه عمليا فقط يرفع كل يوم سور الثمن الاخلاقي من اعضائه. ولا يبعد اليوم مثلا الذي يغلق فيه اليسار ابوابه في وجه من ليس نباتيا. 
ان القائمة التي لا تنتهي من الأفكار (المثل) والأفكار الفرعية (المبادئ) التي يطالب كل يساري عمليا بالموافقة عليها (او الصمت)، تصبح في حالة مرشحين سياسيين قائمة معايير تعمل كمصفاة للهويات. منذ الآن بدأ يكون صعبا التفكير عن رجل اشكنازي تروتسكي اشتراكي في رأس حزب اليسار. ليس فقط لانهم لن ينتخبوه لا لان هناك حاجة لسيرة ذاتية نقية من أجل النظر في امكانية التقدم بالترشيح. لا غرو ان هناك مزيدا من الشبان في السياسة. فالرجال الكبار في السن يبدأون بان يكونوا خطيرين، إذ انهم عاشوا، وبالتالي فانهم مذنبون في شيء ما. مشوق أن نعرف إذا كان من سيأتي دوره في الاقصاء هم الرجال الشرقيون مستقيمو الجنس أو النساء الاشكنازيات مستقيمات الجنس.