Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2019

مظاهرات الوقود في إيران: هكذا قمع الاحتجاج

 الغد-يديعوت أحرنوت

راز تسيمت
 
28/11/2019
 
في ختام اقل من اسبوع نجحت السلطات الايرانية في قمع موجة الاحتجاج التي اندلعت في اعقاب رفع اسعار الوقود بمعدل حاد. فقد أظهر النظام الايراني، كما كان متوقعا، حضوره وقدرته على استخدام وسائل القمع الكثيرة التي تحت تصرفه حتى ثمن دموي جسيم (بين 150 و 300 قتيل) رغم الانتقاد الجماهيري والثمن الاقتصادي الكبير الذي ينطوي على اغلاق شبكة الانترنت.
حسب وزارة الداخلية الايرانية، فإن عدد المتظاهرين الاجمالي في موجة الاحتجاج الحالية يتراوح بين 130 و 200 الف في اكثر من مائة بؤرة في ايران. هذا العدد أعلى من موجة الاحتجاج السابقة في كانون الاول 2017 – كانون الثاني 2018، ولكنه أدنى كثيرا من احتجاج 2009 (“الثورة الخضراء”)، التي نشبت في اعقاب الانتخابات للرئاسة الايرانية واخرجت الى الشوارع مئات الاف المتظاهرين، فما بالك بالنسبة للثورة الاسلامية في 1979، التي شملت ملايين الناس.
معنى الامر هو ان هذه المرة ايضا لم تنجح حركة الاحتجاج في تجنيد كتلة حرجة من المتظاهرين. احد اسباب ذلك يكمن في انتقاله في غضون وقت قصير الى العنف. قسم كبير من الجمهور الايراني، بما في ذلك معارضي النظام ايضا، يخافون جدا الفوضى والحرب الاهلية، ولا سيما على خلفية تجربة بعض الدول العربية في العقد الاخير. فما أن ارتدى الاحتجاج طابعا عنيفا، كإحراج البنوك وآلات السحب النقدي وافساد مؤسسات عامة، فضل الكثير من المواطنين الابقاء على مسافة عن المظاهرات. وفضلا عن ذلك، وفر استخدام العنف للنظام شرعية اكبر لقمع الاحتجاج بوحشية.
من معطيات وزارة الاعلام الايرانية، والتي نقلت هذا الاسبوع الى لجنة الخارجية والامن للبرلمان في طهران، يتبين أن اغلبية المعتقلين في الاضطرابات كانوا عاطلين عن العمل، عاملين بأجر متدن او من ذوي مستوى التعليم المتدني. تعزز هذه المعطيات التقدير بأنه مثل موجة الاحتجاج السابقة انتمى معظم المتظاهرين للطبقات الضعيفة وليس للطبقة الوسطى المدنية المتعلمة، التي قادت احتجاج 2009. فالطبقة الوسطى تعتبر وكيلة التغيير المركزية في ايران، ولكن تحقق الامكانية الكامنة فيها لتصل الى تغيير سياسي منوط بقدرتها على الارتباط بقوى اجتماعية اخرى، كالطبقة العاملة. اما بقاؤها خارج دائرة الاحتجاج فلم يسمح بتبلور ائتلاف اجتماعي قطري واسع، وهو شرط ضروري لتحقيق تغييرات سياسية في ايران.
ومثل موجة الاحتجاج السابقة، عبر احتجاج الوقود ايضا عن التطرف في الجمهور الايراني. ففشل النظام في تقديم جواب على ضائقات المواطنين والاحساس بأن المعسكرات السياسية المركزية – اليمين المحافظ والبراغماتي الاصلاحي – غير قادرة على حل المشاكل الاساس عظم في السنوات الاخيرة احساس اليأس وساهم في التطرف المتزايد في اوساط الجمهور. استطلاعات الرأي العام، التي نشرت هذه السنة في ايران، تشهد على شدة اليأس في اوساط المواطنين وعلى انخفاض حاد في معدل رضى المواطنين عن الوضع. والهتافات التي انطلقت في المظاهرات ضد النظام بعمومه، وليس فقط ضد الرئيس روحاني وحكومته، مظاهر العطف تجاه النظام الملكي الذي سبق الثورة الاسلامية والهجمات العنيفة ضد المباني العامة، بل والكليات الدينية، توفر دليلا واضحا على الاحباط الواسع. يمكن التقدير بأن اليأس سيجد تعبيره ايضا في معدلات التصويت المتدنية في الانتخابات البرلمانية المرتقبة في ايران في شباط 2020.
في خلاصة الامر فإن الضائقات الاقتصادية والاجتماعية وسياقات التطرف والاحباط المتزايدة في اوساط الجمهور الايراني كفيلة بان تغذي آجلا ام عاجلا احتجاجا شعبيا آخر. ومع ذلك، فإن نضجه الى تغيير سياسي منوط بالقدرة على التغلب على ضعف حركة الاحتجاج وخلق شروخ في اجهزة القمع لدى النظام.
 
خبير في الشؤون الايرانية
في معهد بحوث الامن القومي