Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2016

ونحن لدينا دولة موازية (2) لحظة الصدام وانكشاف الولاء - بلال حسن التل

 

الراي - تحدثنا في المقال الماضي عن انحياز الإخوان المسلمين إلى طيب رجب أردوغان, في حربه ضد مؤسسات المجتمع المدني, التي وصفها بالدولة الموازية, مع أن أردوغان نفسه من نتاج الدولة الموازية, مثلما أنه استخدمها للوصول إلى السلطة, قبل أن ينقلب عليها في إطار سلسلة انقلاباته على حلفائه وتعهداته, وبينا أن الأمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها أردوغان كان من أوائل من سعوا لإقامة دولة موازية, في منطقتنا على الأقل, وأن هذا صار نهجا ملهماً لتنظيمات الإخوان المسلمين, في كل الدول والمجتمعات ومنها الأردن, الذي تمكن فيه الإخوان المسلمين ومن خلال استغلال علاقاتهم المتميزة بالدولة الأردنية من إقامة دولة موازية للدولة الأردنية, حيث حاولت هذه الدولة الموازية الإنقلاب على الدولة الأردنية والتنكر لرعايتها لهم مع مطالع مايسمى بالربيع العربي, وما زالت الذاكرة الأردنية تختزن هتافات الإخوان المسلمين ومحاسبيهم المناوئة للدولة الأردنية, المتهمة لها بأقذع التهم في المسيرات التي شهدتها المدن الأردنية المختلفة في تلك الأيام, مثلما مازالت الذاكرة الأردنية تختزن رفض الإخوان المسلمين المتكرر الاحتكام إلى الحوار, ورفضهم المشاركة في لجان الحوار الوطني, ظناً منهم أن الأمور آلت إليهم وأنه لا ضرورة للحوار فقد جاء زمن فرضهم لشروطهم ومازالت الذاكرة الأردنية تذكر الاستعراض شبه العسكري الذي نظمه الإخوان المسلمين في شوارع عمان, بما فهم منه يومذاك أنه رسالة تهديد للدولة الأردنية, فضحت نوايا الإخوان المسلمين الحقيقية خاصة, في ظل سيطرة جماعة التنظيم السري على الجماعة, حيث قرأ المراقبون هذه الرسالة على أنها مؤشر على اقتراب لحظة الصدام الحتمية والمتوقعة بحسب علماء السياسة بين مصالح الدولة الموازية والدولة الحقيقية.
 
لقد اعتقد قادة الدولة الموازية مع بداية ما سمي بالربيع العربي أن الأمور آلت إليهم في مصر وسوريا, وأنها في الطريق إلى ذلك في الأردن, فارتفعت نبرات صوتهم وارتفع سقف مطالبهم, وزادت شروطهم, وانكشفت نواياهم, ووصلنا إلى لحظة طرح السؤال الصعب, لمن هو ولاء الدولة الموازية؟ هل هو للوطن ودولته الرسمية بمؤسساتها الدستورية, أم هو لشبكة مصالح الدولة الموازية وامتداداتها الإقليمية؟ ولم يكن الجواب بحاجة إلى جهد كبير للوصول إليه, فبالإضافة إلى تعنت قيادات التنظيم السري ورفضهم للحوار واستعلائهم على الأخرين, كان أركان الدولة الموازية التي أسسها الإخوان المسلمين في الأردن, وهم من المحسوبين على تيار التنظيم السري الذي اختطف الجماعة, وانقلب على تاريخها, في التحالف مع الدولة الأردنية, كان هؤلاء يشككون في شرعية الدولة الأردنية وكانوا يرفضون رفع العلم الأردني على مقارالجماعة وفي مكاتبها, بل لقد فصل العديد من الإخوان من الجماعة لأنهم تجرأوا على وضع العلم الأردني في مكاتبهم, بينما نراهم الآن ومحاسبيهم يرفعون العلم التركي ويزينون به صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي, مثلما كانوا في مراحل سابقة يرفعون أعلام حزب الله وحماس في مسيراتهم ويقدمونها على العلم الأردني, والعلم هو رمز الدولة ورمز الولاء لها, وهذه واحدة تشير إلى أن ولاء الدولة الموازية التي بناها الإخوان المسلمون وصارت أسيرة التنظيم السري لم يكن للدولة الأردنية, التي كان بعض رموز الإخوان وأشياخهم يعتبرونها دولة كافرة لا يجوز الولاء لها, والاحتكام إلى قوانينها, وفي هذا الإطار أفتى بعضهم بحرمة المشاركة بالانتخابات, بل أكثر من ذلك فإن «أسر» الإخوان وهي أضيق حلقاتهم التنظيمية وأهمها, كانت تربي أعضاء الجماعة على كراهية الدولة الأردنية باعتبارها دولة جاهلية لابد من السعي لتغييرها بكل الوسائل, بما في ذلك القوة المسلحة, ولعل هذا سر التدريب العسكري للموثوقين لهم من شباب الإخوان وشيوخهم, وكان التدريب العسكري يتم هنا في داخل الأردن, في بعض الشقق, وفي بعض المناطق الحرجية, بالإضافة إلى تدريب أعداد منهم في دول عربية منها العراق على سبيل المثال, ولا نريد أن نستطرد فنذكر دولاً ومواقع محلية وخارجية وأشخاص شاركوا في التدريب أو تم تدريبهم أو اشرفوا على التدريب, وأخيراً فإن من الأسباب المعلنة للخلافات التي عصفت بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن خلافهم حول ترتيب أولويات عمل الجماعة وإصرار مجموعة التنظيم السري على إقصاء الأولويات الوطنية الأردنية عن جدول أعمال الجماعة في إشارة دالة على غياب الولاء للدولة الأردنية لدى هؤلاء انعكس عدم اهتمام بأولويات الأردنيين الوطنية.
 
ما تقدم كله مقدمات لبيان غياب ولاء الدولة الموازية التي بناها الإخوان المسلمين في الأردن للدولة الاردنية, وهي الحقيقة التي كشفت عن أنيابها ومخالبها في مطالع ما سمي بالربيع العربي, واختبأت خلف ذرائع مختلفة منها ذريعة التعديلات الدستورية للمطالبة بتغيير بنية الدولة والمجتمع في الأردن, وجرهما إلى حضن العاصفة التي كانت هبت على سوريا ومصر وليبيا, لكن الله عزوجل أراد غير ما ارادوا, ولأنه رب ضارة نافعة فإن من فوائد ما سمي بالربيع العربي هو كشف المستور, ووضع كل فريق في مرابعه الذي يواليه, ولم يكن فريق الحكومة الموازية التي بناها الإخوان المسلمون في الأردن واختطفتها مجموعة التنظيم السري في مربع الوطن, ولم يكن ولاؤه له, لكن ما هي مكونات الحكومة الموازية التي أنشأها الإخوان المسلمون في الأردن وكيف؟ الجواب على هذا السؤال سيكون في موضوع مقال قادم.
 
Bilal.tall@yahoo.com