Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2018

مسافة الأمن والسياسة بين موسكو وواشنطن - د. حسام العتوم

 الراي - من أجل أن أحرك قلمي صوب الحيادية والموضوعية في المكونين الروسي والأميركي السياسي يتطلب الأمر مني التوازن وإعطاء كل جانب حقه، فالحرب الباردة بين الدولتين العملاقتين الفدرالية الروسية والولايات المتحدة الأميركية تطبخ بطبيعة الحال داخل جهازيهما الأمني B.C.F وA.I.C وسط معادلة من الفعل وردة الفعل وعلى نار هادئة، وفي الوقت الذي صعد فيه الرئيس بوتين من قلب جهاز أمن بلاده، نلحظ صعوداً لوزير خارجية أميركا الجديد (مايك بومبيو) بكامل جهاز استخبارات بلاده إلى قمة الخارجية الأميركية وتعيين جينا هاسبل مديرة للجهاز، والهدف الملف النووي الإيراني، وتفوق الترسانة الصاروخية الروسية العابرة للقارات وبمحركات نووية، ومماحكة إيران وروسيا تحديداً باعتبارهما قطبان مشاكسان لأميركا حسب اعتقاد واشنطن، وعين حمراء لأميركا على أمن إسرائيل ومستقبلها السياسي تفوق وتختلف مع حراك العين الروسية السياسية والدبلوماسية، وموضوع مشروع أسرلة القدس إسرائيلياً وأميركياً، والإبقاء على فلسطنة القدس الشريف من الجانب الروسي في المقابل شاهد عيان.

ولا ننسى هنا خطورة ملف كوريا الشمالية وتهديداته النووية، وإعلان الرئيس دونالد ترمب عن رغبته بلقاء رئيسها (كم جونج أون) في خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة هدفها استيعاب هيجان بيونغ يانغ، بينما هو هيجان ترمب ليس أقل شأناً، وليس سهلاً العبث بالسلاح النووي والتلويح باستخدامه من قبل أي طرف بكل تأكيد.
ويبقى الملف النووي الإيراني الذي وقعت عليه أميركا أيضاً إلى جانب مجموعة من الدول الكبرى (5+1 (هو السبب الرئيسي في وجهة الخلاف بين ترمب ووزيرة ريكس، ولما أن المخابرات الأميركية هي التي تقود أميركا إلى جانب اللوبي الصهيوني في (الآيباك) و(الكونغرس) و(البنتاغون) فإن بومبيو المعارض وبشدة للاتفاق النووي أعلاه ينسجم ورواية ترمب ومن حوله من قادة البيت الأبيض، ولروسيا بالطبع والتي هي قطب نووي مهم جداً رأي آخر مخالف، واعتبار دولي للاتفاق النووي الإيراني على أنه الأفضل والأسلم في زمن لم يثبت به الأمن الأميركي وجود مخطط إيراني لصناعة السلاح النووي العسكري أو أي تهديد حقيقي لأمن أميركا وإسرائيل ما عدا التهديد الإعلامي. ولم تسلم الصين حليفة روسيا في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية من سطوة أميركا واعتبارها منافساً حاداً لقطبها الأكبر الذي لم يعد حاكماً بعد صعود نجوم الأقطاب العالمية الأخرى في الغرب والشرق، وفي الفضاء السوري ثمة خلافات واضحة بين روسيا وأميركا بوجه الخصوص حول الاتهامات المتكررة لنظام الأسد لاستخداماته الكيماوية ضد شعبه المشكوك بصحتها والمحتاجة للجنة تقصي حقائق على الأرض بخاصة بعد تخليص سوريا من ترسانتها عام 2013 ،وعدم ثبوتها في حادثة مطار خان شيخون.
ومطاردات وصولات بين روسيا وأميركا في التاريخ المعاصر أبان الحقبة السوفيتية وفي أيامنا هذه في قلب أفغانستان، والعراق، وليبيا، وسوريا، واليمن، ولبنان، وإيران حول موضوع الإرهاب ومحاربته بدعوة أو من دون دعوة. والآن وبعد نشر مقالي هذا ستكون روسيا قد اجتازت حقبة الانتخابات الرئاسية الروسية بفور فلاديمير بوتين الساحق وبنسبة تصل إلى (75 (%من أصوات الناخبين الروس. للمرة الرابعة على التوالي بعد تركه لجولة رئاسية لصالح رفيق دربه في السياسة والاقتصاد دميتري ميدفيديف رئيس وزرائه حالياً احتراماً للدستور، ومن غير المتوقع أن يواصل بوتين جلوسه على كرسي الكرملين بعد عام 2024 ولن يعدل الدستور من أجل ذلك كما صرح بنفسه.
وكما أن اميركا سابقاً اتهمت روسيا بالتدخل في الانتخابات الأميركية وترجيح كفة ترمب على منافسته هيلاري، وهو الذي لم تثبت مصداقيته حتى الساعة، تحرك تخوف وسط ساسة ودبلوماسية روسيا من وجود أيادي أميركية خفية تحركت لعرقلة الانتخابات الرئاسية الروسية، واستثمرت قضية الجاسوس الروسي المزدوج سيرجي سكريبال الذي تعرض لحادثة تسمم غامضة في لندن، أثارت زوبعة من التصريحات والأخرى المضادة بين موسكو ولندن انتهت إلى أزمة طويلة المدى وطرد السفراء وإغلاق قنصليات. والغريب في الأمر بأن لندن تثير أزمة مع موسكو حول جاسوس هو في الأصل روسي وليس إنجليزي، فهل الجاسوسية جنسية أخرى؟ ولماذا اتهام روسيا والرئيس بوتين شخصياً من غير دليل ومن غير وجه حق والانتخابات الرئاسية الروسية كانت على الأبواب؟ أنها علامات استفهام كبيرة لا تخفى على أحد ولا على أي محلل سياسي، ولا يمكن للعالم أن يهدأ إلا بالتعاون والتنسيق وبتوزيع المصالح وبالابتعاد عن كل أنواع الصدام، ويبقى أمن العالم واستقراره هو الهدف خدمة للإنسان، ولم يعد القطب الواحد حاكماً في زمن صعود عالم الأقطاب المتعددة والمتوازنة.