Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jul-2016

تركيا ودرس الشعوب ( 2) - د. فايز الربيع

 

الراي - جرت عادة الانقلابات العسكرية ان تحدث للتخلص من حاكم او لافتقاد الحكومة شرعيتها ؛ لم تنطبق هذه الشروط على مؤسسة الحكم في تركيا ؛ هي حكومة منتخبة لها حاضنتها الشعبية باختلاف او اتفاق – قدمت انجازات ملموسة للمواطن التركي اقتصادياً فشلت المحاولة لانها فقدت المبررات التقليدية ؛ تصدى لها الشعب موالاة ومعارضة – وربما كانت هذه المحاولة بداية الخيط لكسر هيمنة المؤسسة العسكرية وعقيدتها – وازاحة ثقلها التاريخي على مفاصل الدولة . لم يفرّ الحاكم – ويذهب وراء ارصدته في الخارج التي جمعها من قوت الشعب او من مقدراتّه وانما لجأ الى الشعب – لتبدأ عجلة جديدة – تبتعد فيها الدولة اكثر عن الحقبة الكمالية ( تركيا لم تعد كما كانت ) هكذا قال رئيسها . الصراع مع المؤسسة العسكرية بدأ منذ عام 2002 – ولكنه شد وجذب – جاء هذا الانقلاب ليكرس العجلة في اتجاه جديد – الجيش التركي ظل يقوم بدور الحارس على الموروث العلماني الاتاتوركي – وهذا الصراع واضح انه صراع بين ايدولوجيتين مختلفتين ( العلمانية الاتاتوركية ) ( والاسلامية ) . كانت هذه المحاولة الخامسة في تاريخ الجيش الأولى بدأت في عام 1960 عندما اطاح الجيش بحكومة عدنان مندريس اول زعيم سياسي منتخب ؛ اعدم الرجل هو واثنين من وزرائه ؛ شريط إعدامه يظهره وهو يتوضأ قبل اعدامه بكل رباطة جأش – والمحاولة الثانية كانت عام 1963 تزعمها طلعت ايدمير – فشلت وأعدم الكولونيل – ثم جاءت المحاولة الجديدة في عام 1971 – ثم عام 1980 بقيادة كنعان ايفرين ذي الاصول العلوية في عام 1997 جاء الانقلاب الخامس الناعم حيث اجبر الرئيس المنتخب نجم الدين اربكان على الاستقالة بحجة سيره في طريق اسلمة الدولة وتم حل حزب الرفاه – كانت جميع هذه المحاولات تتم تحت مبرر حماية مبادئ الجمهورية الاتاتوركية – يتدخل الجيش حينما يشاء وكيفما يشاء باعتباره وصياً على الموروث العلماني . كانت سياسة واقتصاد الحكومات التي جاءت كافرازات لتدخل العسكر واضحة في سجل الميزانيات والمديونيات التركية الى ان انهار سوق المال التركي في عام 2001 – بدأت سلسلة من الاجراءات الدستورية التدريجية لنزع الهيمنة العسكرية – تزامنت مع التقدم لدخول الاتحاد الأوربي – من ابرزها المتعلق بمجلس الأمن القومي المسيطر على كل شيء – فتم توسيع عدد الاعضاء من المدنيين فاكتسى المجلس صبغته المدنية .
 
في عام 2004 ألغيت المحاكمات العسكرية للمدنين وألغيت مواقع العسكريين في مجالس ادارات الدولة العليا – وفي عام 2010 أتاح التعديل الدستوري للعسكرين بالتظلم في حالة مفصلهم امام المحاكم المدنية . في عام 2013 تم تعديل العقيدة العسكرية من حماية للعلمانية الى الدفاع عن البلاد ضد التهديدات الخارجية . من هنا – وفي ظل تقليص هذا النفوذ التدريجي كان لابد أن تقوم المؤسسة العسكرية باجراء يعيد لها ألقها وقوتها – ولكن جاء هذا القرار في الوقت الخطأ ؛ ولكن الحذر مازال قائماً لإن الصراع وصل الى كسر العظم – ولا تتسع الساحة لسلطتين – أو لرمحين في كيس واحد .
 
والسؤال المطروح ماذا يمكن أن يقوم مؤيدو الانقلاب بعد فشله وما يمكن أن يقوم به من افشل الانقلاب لمنع تكراره – ان التنظيف غير المبرر أو المبالغ فيه – سيؤدي الى توحيد صفوف لم تكن موحدة – سنكون امام حرب اسمها (المطاولة ) – حرب بالشائعات لتفكيك الجهة الداخلية – تركيا ستقاوم لوحدها – والمناؤون سيدينون الانقلاب ولكن سيتم الدفاع عن حقوقهم – وتوثيق ذلك وربما الوصول الى الجنائية الدولية – ومن ثم مرحلة العقوبات الدولية .
 
ان قوة الشعوب لا تقهر – والشعوب الحية تضرب مثلا في الممانعة والصمود – ان عملية التطهير يجب ان تقتصر على القيادات الحقيقية حتى لا تتوسع دائرة العداوة – والشعارات يجب ان لا تكون حزبية او طائفية – ان المعركة تتعلق بالوطن والامة وهذا قدر الشعوب التي تريد أن تغير – والقيادات التي تريد ان تخلص لشعوبها وتتلاحم معها .