Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jan-2019

قیم رئیس القبیلة البیضاء - شومسكي دمتري

 ھآرتس

 
الغد- عندما فتحت للمرة الأولى كتاب عاموس عوز في مكان ما قبل ربع قرن، وجدت أول قصصھ ”بلاد بن آوى“، التي تفتتح مجموعة قصصھ الأولى التي تحمل نفس الاسم – شعوري الفوري كان أنني لم أغادر في أي یوم شرق أوروبا. ھذا لیس فقط لأن الزوجین اللذین أقاما الكیبوتس في القصة، واللذین أعدا لتجسید، ھكذا اعتقدت، ”الیھودي الجدید“، سمیا ساشكا وتانیا، بل لأنھما ظھرا لي كزوجین ثوریین من الروس المتجھمین، واللذین جاءا مباشرة من روایات مكسیم غوركي، وأوجدا .لنفسیھما بصورة مدھشة حیاة جدیدة في بلاد غریبة وبلغة غریبة ھكذا، حتى قبل كتاب ”قصة عن الحب والظلام“ – لیس ھو كتاب الشتات الاكبر من بین انتاجاتھ – اطلعت بفضل عاموس عوز على سر مكشوف، لكن غیر معترف بھ، في تاریخ الصھیونیة والدولة الیھودیة، الذي واصل انكشافھ أمام ناظري المرة تلو الاخرى من خلال ابحاثي التاریخیة. اساس ھذا السر: رفض .الشتات الصھیوني ھو روح وطنیة مع القلیل جدا من التمسك بالواقع الوطني كلما دعت الصھیونیة الحدیثة إلى ”رفض الستات“ كشعار ایدیولوجي، فھي بذلك احتوت وربطت من جدید اجزاء وشظایا من ماضي الشتات القریب، بالاساس من ماضي الشتات الاشكنازي- الأوروبي. ھذا یشبھ كل قومیة حدیثة مھما كانت، التي تتمرد بشكل علني ضد ماضیھا القریب، لكنھا دائما تجد صعوبة، لاسباب التواصل القومي، في الانفصال عنھ. ھكذا، رغم كونھ أحد من شكلوا الثقافة والأدب الإسرائیلیین الجدیدین، فإن عوز كان أیضا أدیبا یھودیا شرق أوروبي، المتحدث .البارز للیھودیة الاشكنازیة القدیمة داخل الواقع القومي الجدید
ولكن یبدو أن ھذا لیس ما قصده بني تسیفر عندما سمى عوز یوم موتھ ”رئیس القبیلة البیضاء“ (”ھآرتس“، 12/30 .(تسیفر لم یقصد الثقافة والأدب، بل قصد الثقافة والتاریخ، والثقافة والسیاسة. حسب رأیھ كان عوز من الاركان الاساسیة للھیمنة الاشكنازیة المبایة القدیمة (نسبة لحزب مباي- تحریر الترجمة)، التي تضعضعت في العقود الاخیرة ازاء انقضاض ”النخبة الجدیدة“ من قیادة الیمین ”الاسود“ الشعبي، وكما كان سیضیف بالتأكید الیوم، غادي طاوب، ما بعد المباي، .“”الدیمقراطي
ھناك من سیقولون على الفور إنھ سیصعب جدا الموافقة على جزء من الانتقادات التي وجھت لتسیفر في اعقاب مقالھ ”القبیلة البیضاء“ عن عوز. رامي لفني، مثلا (”ھآرتس“، 12/31 ،(قال إن عوز كان یمثل العبرنة، ایدیولوجیا وطنیة علمانیة، فوق قبلیة، رضعت من المبادئ المستنیرة العالمیة وكانت ملزمة بالروح الإنسانیة لمجتمع مثالي ودمج الشتات. لا شك أن الرغبة في عدم تكرار فشل دول أوروبا في نھایة القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرین في تأسیس مواطنة متساویة، .التي ترتكز على أسس الانسانیة والتنور، كانت أمر اساسي في حلم الصھیونیة ولكن بالممارسة، ھذا الحلم تبین أنھ مغرور جدا وغیر منطقي بشكل واضح، حیث أن ”العبرنة“ المحایدة من ناحیة الھویة والثقافة، التي یستند الیھا لفني لم تكن موجودة، ولم تكن في أي یوم قادرة على الوجود – في الحیاة الحقیقیة لأناس ذوي .ماض ثقافي ملموس
لم یكن مفاجئا أن ھذه كانت عبرنة مركزیة اوروبیة بصورة واضحة. سواء بصورة الماضي الیھودي ذي الصلة بنظرھا، أو بخصوص رؤیة المستقبل الثقافي في الدولة الشابة، من خلال نفي حثیث لتراث الیھود الشرقیین وتضاد ذاتي قطبي للشرق العربي. ھكذا، بدلا من تطویر نماذج محتویة للواقع الاجتماعي والثقافي، وجدت العبریة الإسرائیلیة نفسھا تستنسخ بالنسبة للعرب والشرقیین نفس مقاربة اقصاء الآخر التي جربھا الیھود على جلودھم في أوروبا، والشعوب غیر الاوروبیة في .المستوطنات وراء البحار لقد أحسن الیاھو الیسار صیاغة ذلك، وھو شخصیة عامة سفاردیة بارزة في فترة الاستیطان الأول والدولة الفتیة: ”المصیبة الكبرى في دولتنا ھي أن الذین في أیدیھم السلطة والذین یبتون في كل شيء، یعتقدون مثلما اعتقد في أوروبا مفكرین كثیرین، بأن الثقافة التي في المرتبة الاولى والمتفوقة علیھا جمیعا، ھي ثقافتھم الغربیة، التي .حاولت الشعوب الكولونیالیة ادخالھا إلى كل الشعوب التي دفنوھا تحتھم دمج الشتات“ الذي یتحدثون عنھ كثیرا ھو دلیل بارز على ھذه المقاربة التي كانت” قبل مائة سنة في أوروبا. الدمج المطلوب ھو اعطاء كل المھاجرین من الشرق ومن الغرب ”ثقافة“ یھودیة – اشكنازیة، وتجاھل الثقافة السفاردیة بشكل مطلق (الیسار، .(”یجب علینا منع العنصریة الیھودیة“، 1967 لا یوجد أي مبرر لاخفاء الحقیقة التاریخیة وانكار حقیقة أن الدولة الإسرائیلیة في العقود الاولى من تأسیسھا كانت مبنیة بصورة ھرمیة، حیث النخبة الیھودیة الاشكنازیة الاشتراكیة، ”القبیلة البیضاء“، حسب تعریف تسیفر النظري – النقدي، .حددت الصورة الثقافیة ووزعت موارد الدولة كما تشاء ولكن الأھم ھو عدم اخفاء الحقیقة السیاسیة الحالیة الآن، وھي أن ”القبیلة البیضاء“ كمفھوم ھیمنة یعبر عن قمع الآخر في المجتمع الإسرائیلي، لم ینتھ من إسرائیل ولم یذھب إلى أي مكان آخر. بالعكس، ھو ما زال یعیش بین ظھرانینا، وھو متعدد الثقافات في طوائفھ وظلامي في مواقفھ، ھذه القبیلة یشمل فیھا روس وشرقیین، متدینین وعلمانیین، اصولیین، مستوطنین وسكان تل ابیب، وعلى رأسھا یقف الاشكنازي الابیض، شخص أوروبي لطیف، ھو وزوجتھ، الذي بفضل أفقھ الفكري .الواسع احتل قلب محرر الملحق الأدبي لصحیفة ”القبیلة البیضاء“ القدیمة كذلك، یجب علینا أن لا نخفي حقیقة اخرى بشأن ”القبیلة البیضاء“: في حین أن القبیلة البیضاء القدیمة لجیل المؤسسین، حتى لو اخطأت وارتكبت الذنوب وارتكبت .الجرائم، إلا أنھا آمنت بشكل مطلق بأفكار التنور والإنسانیة لذلك أبقت للإسرائیلیین الادوات القیمیة للإصلاح الذاتي، حیث أن القبیلة البیضاء الجدیدة تحتقر ھذه القیم بصورة صریحة وتشجع القومیة الدینیة المتطرفة، مركزیة العرق، وكراھیة الاجانب، وتدعو بحماسة مسیحانیة إلى تفوق العرق الیھودي بین النھر والبحر، ولا تترك مكان لأي تنافر اخلاقي بین القیم والواقع، الضروري احیانا من اجل تحریك الاصلاح الاجتماعي والسیاسي. واذا لم یكن ھذا كافیا، فإنھ بوقاحة وبصورة ساخرة وعدیمة الخجل، تواصل القبیلة البیضاء الجدیدة انتقاد ”الھیمنة الاشكنازیة“ من اجل طرح نفسھا كمحاربة من اجل المساواة وحرف .الانظار عن جرائمھا الكولونیالیة
إلا أنھ امام مكائد الـ ”الھیمنة المناوئة“ للقبیلة البیضاء، محظور علینا التشوش. في الحقیقة غادي طاوب لا یھاجم أخطاء وذنوب المؤسسین، بل القیم الانسانیة والتنور التي آمن بھا المؤسسون، لكنھم تخلوا عنھا اثناء التطبیق. بموت عاموس عوز، .المتحدث البارز عن ھذه القیم، یجب علیھ التمسك بھا مجددا وبصورة أكثر شدة