Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Nov-2017

سميح إسكندر: معلماً وكشافاً - أ.د. عصام سليمان الموسى

الراي -  أستاذي الذي درسني مادة الكيمياء في مدرسة رغدان الثانوية عام ١٩٥٨التقيته الاسبوع الماضي وتحدثنا مطولا عن رحلته في الحياة. كنت زاملته في نهاية الستينيات في مؤسسة رعاية الشباب حين عين في المؤسسة للإشراف مع آخرين على الحركة الكشفية وإدارتها، وكنت وقتها اعمل في قسم العلاقات العامة للمؤسسة.

 
تذكرت قبل ايام على لقائنا أني كنت كتبت كتيبا عن الحركة الكشفية آنئذ، وان هذا الكتيب صدر مطبوعا عن المؤسسة عام١٩٧٠ بعد ان استقلت (وذهبت لدراسة الماجستير في اميركا على نفقتي من توفيراتي من عملي في السعودية قبل عملي في رعاية الشباب).. فكرت كيف يمكن ان احصل على ذلك الكتيب، وهداني تفكيري الى أستاذي سميح. اتصلت به فقال سأبحث في مكتبتي وأعود إليك. بعد يومين اتصل بي وقال وجدته، ودعاني لزيارته في منزله. كانت فرصة لي لاستذكر مع أستاذي وزميلي لاحقا تجربته في الحياة، وامامي صحن من الكلاج النابلسي الطيب.
 
قال: كل ما حققته في هذه الحياة جاء بدون تخطيط مسبق، وانما بتوفيق من االله وتوجيهه.. أنهيت دراستي عام ١٩٥٥ من كلية النجاح في نابلس وعينت في رغدان براتب مقداره خمسة عشر دينارا ونصف.. جئت المدرسة أرتدي قميصا فظنني مديرها المرحوم المؤرخ محمود العابدي باني تلميذ مستجد يريد ان يسجل في المدرسة.
 
في اجتماع المدرسين الاول سأل المدير من سيدرس الكيمياء؟ فقلت أنا ادرسها. كنا في كلية النجاح تلقينا تدريبا متقدما في علم الكيمياء اذ خصص لكل ثلاثة طلاب مختبر خاص بهم. بعدها تبرعت أيضاً بالإشراف على فرقة الكشافة لأني كنت كشافا. وبدأت المسيرة: فأرسلت لدورة دبرها لي المدير المرحوم مصطفى الحسن للجامعة الاميركية لتعليم الكيمياء، كما بدات أشارك في نشاطات الكشافة محليا ودوليا. في احدى السنوات سجل اخي في الجامعة السورية فطلبت منه ان يسجلني في كلية التربية، لكنه سجلني معه في قسم التجارة. وحين تخرجت أخذت اعمل بعد الدوام في الحسابات. وحين استقلت من وزارة الشباب احتجاجا على قرار وزير التربية بفصل الكشافة المدرسية وإلحاقها بوزارة التربية عملت في البنوك: اولا في بنك البتراء، وحين اغلق عام ١٩٩٠ عملت في البنك العقاري العربي.
 
قصة الاستاذ سميح قصة كفاح وقصة نجاح.. قصة رجل عمل بإخلاص وتفان، وأحبه الطلبة، فقد كان قريبا لهم، كما احبه زملاؤه في العمل وفي الكشافة التي نال فيها اعلى الاوسمة الدولية.
 
وحين زرته حملت له نسخة من كتابي الاخير (ذكريات الطفولة في المفرق: ١٩٤٤-١٩٥٧ (الذي اشتمل على فصل عن ذكرياتي في مدرسة رغدان واشتمل على صورة لطلبة التوجيهي في رحلة الى نابلس كان معنا فيها الاستاذ سميح. قدمت له الكتاب فأخذني لمكتبته وأطلعني على دفاتره ذات الغلاف الأسود – وهو غلاف دفاتر ايام الخمسينيات- التي ما زال يحتفظ بها مكتوبة بخط جميل ومرتبة ترتيبا يعكس شخصية تتقن النظام والعمل.
 
خرجت من اللقاء حاملا كتيبي عن الحركة الكشفية في الأردن–دون اسم مؤلفه بالطبع- الذي قدمه لي استاذي سميح، وممتلئا بذكريات عن رجل عظيم في الثانية والثمانين من عمره المديد- لكن بملامح شابة دفاقة وبهمة نشطة- استاذ ترك اطيب الاثر في نفوس من درسهم وعرفهم، كما ترك بصمة قوية على الحركة الكشفية استحق عن جدارة ان يكون العربي الوحيد الذي يحمل اعلى أوسمتها الدولية.