Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2023

تشابك صلاحيات الجهات الرقابية.. هل يضعف دورها؟
الغد - إيمان الفارس – على الرغم من أن لا أحد ينكر الأدوار المهمة للجهات الرقابية، لكن ثمة من يشكك في فاعليتها في ظل تعددها وتشابك صلاحياتها، ويقابله من يفنّد هذا الاعتقاد مبديا رضاه عن الوضع القائم.
تعددية الجهات الرقابية والتي تشمل ديوان المحاسبة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، بالإضافة للدوائر الرقابية في الجهات الحكومية؛ تساهم في “تشتيت الرقابة”، ما يضعف دورها، بحسب خبراء قانونيين.
وهذا ما اعتبره أولئك القانونيون، في تصريحات لـ”الغد”، تشابها في مهام تلك الهيئات الرقابية، ويساهم في تشتتها، استدعى توصيات بتوحيد تلك المهام في ظل جسم رقابي موحد بشرط منحه صفة الضابطة العدلية، وتسريع وتيرة وقت العمل الذي يستغرقه التدقيق في التقارير والمخرجات الرقابية، بدلا من مرورها ضمن قنوات متعددة، ما يؤثر على طول فترة العمل الرقابي وتشتته والاستجابة اللازمة المترتبة على مخالفاته.
وبمطالعة سريعة لقانوني ديوان المحاسبة رقم (28) لسنة 1952 وتعديلاته في القرار رقم (1) لسنة 2022 وقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد رقم (13) لسنة 2016 وتعديلاته، يلاحظ أن العلاقة بين القانونين لجهة المهام قد تنتهي أحيانا إلى تداخل قد ينشأ نتيجة أن قانون هئية النزاهة ومكافحة الفساد جاء بنصوص عامة أكثر من تلك المهام التي نص عليها قانون ديوان المحاسبة.
فباستقراء النصوص (3، 8، 9) من قانون ديوان المحاسبة، وما يقابلها من مادتين (4 و8) من قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، يلاحظ أن التداخل قد يتحقق بين الجهتين، فـ”النزاهة” تختص بمحاربة الفساد على وجه العموم “المالي والاداري”، ولها من أجل ذلك؛ أن تتلقى الشكاوى والإخبارات والتحري عنها وجمع الادلة وإجراء التحقيقات، وتحويل المتورطين إلى الجهات القضائية.
في حين أن ديوان المحاسبة الذي يختص بمراقبة “الاموال العامة” وتحديدا الواردات والنفقات، والتدقيق في أوجه الصرف، له أيضا صلاحيات لغايات التدقيق أن “يطلع على المعاملات الحسابية والمالية في جميع الدوائر في اي دور من ادوارها سواء في ذلك ما يتعلق منها بالواردات او النفقات وله حق الاتصال المباشر بالموظفين الموكل اليهم امر هذه الحسابات ومراسلتهم”، حسب نص المادة 12.
في المحصلة، فإن المتتبع لمهام كلا المؤسستين يلحظ أنهما تتوليان عملية الرقابة على “الادارة العامة” وهي كذلك في قانون ديوان المحاسبة التي تفصل المادة 4 منها الجهات المشمولة برقابته، بل وتنسحب صلاحيات الجهتين أيضا على القطاع الخاص، مع شرط قانون المحاسبة أن تملك الحكومة في الشركة ما نسبته 50 % فأكثر من أسهمها.
ورغم أهمية التعديلات التي أقرها القانون المعدل لديوان المحاسبة مطلع العام الماضي 2022، إلا أن تعزيز الدور الرقابي ورفع تقييم ديوان المحاسبة، ما يزالان منوطين بالوصول للاستقلالية التامة، ومنح صفة الضابطة العدلية للديوان، وذلك توازيا وقانون ديوان المحاسبة، الذي لم يصل حتى الآن للدرجة المطموح إليها، وخاصة الاستقلالية المطلقة.
وفي هذا السياق، أوصى الخبير الدستوري والخبير في علم الجريمة الدكتور رياض الصرايرة بضرورة توحيد كامل الجهات الرقابية، لاسيما وأنه عند دراسة قوانين هيئات الرقابة؛ يظهر تداخل وتشابه في بعض صلاحيات ومهام العمل لديها.
وقال الصرايرة إن هذا التشابه في بعض مهام تلك الهيئات، يسهم في تشتتها، مؤكدا أهمية توحيد تلك المهام تحت جسم رقابي موحد بشرط منحه صفة الضابطة العدلية، وذلك بدلا من مرور التقارير الرقابية والمخالفات بعدة قنوات اعتبارا من ديوان المحاسبة لمجلس الوزراء ومنه أحيانا إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ما يساهم بطول فترة العمل الرقابي وتشتته.
وأضاف الصرايرة أنه لا بد من دمج مهام عمل ديوان المحاسبة مع عمل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تحت مظلة واحدة، لافتا لإمكانية التوسع في مهام هذا العمل، ولكن من خلال تفريع العمل الذي يبقى تحت مظلتها الموحدة.
وأكد أن هدف تلك الهيئات الموحد، يفرض أن تكون الجهات المشرفة على تحقيقه، واحدة، معتبرا أن ذلك يؤدي للسيطرة على قضية هدر المال العام والحد منه، سواء كان ماليا أو إداريا أو غيره.
وبخصوص الرقابة الداخلية في المؤسسات؛ فأوصى الخبير الدستوري بضرورة أن تكون من خلال جهة محايدة خارجية لا أن يكون موظفا من داخل المؤسسة ورقيبا على عملها في الوقت ذاته، مبينا أنه عندما يتم توحيد كامل هذه الجهات في جسم واحد، يتم التمكن من توظيف تلك الرقابة من داخل هذا الجسم ومن ثم توظيفها في تلك المؤسسات.
من جانبه، دعا أستاذ القانون الجنائي في الجامعة الأردنية المحامي الدكتور حسن الطراونة لضرورة إنشاء “مظلة واحدة لمتابعة الرقابة الإدارية في مختلف مؤسسات الدولة”، مؤكدا أهمية أن “تكون تلك الجهة؛ مستقلة استقلالا ماليا وإداريا وألا تكون خاضعة لأي جهة كانت”.
وقال الطراونة إنه “يجب أن يتم منح رئيس وأعضاء الجهة الموحدة اللازمة لأعمال الرقابة الإدارية؛ الحصانة، بحيث لا تجوز إقالتهم خلال فترة تسلمهم مهامهم، إلا في حال ارتكاب الجرائم، وذلك كما ينص عليه القانون”.
واعتبر أن كثرة وتعددية الجهات الرقابية والتي تشمل ديوان المحاسبة، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، بالإضافة للدوائر الرقابية في الجهات الحكومية؛ تساهم في “تشتيت الرقابة”، وبالتالي لا يؤدي كل منها دوره وسينعكس في اتكال كل طرف على الآخر.
وخالف أستاذ القانون العام في جامعة جرش صدام أبوعزام رأيه مع سابقيه، معتبرا أن الدمج بين هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وديوان المحاسبة، “لن يؤول لتطوير أو تغيير في الواقع الوطني، وإنما يقتصر على الجانب المؤسسي فقط”.
وعزا أبو عزام ذلك لـ “كون مهام واختصاصات الهيئة مختلفة كليا عن اختصاصات ديوان المظالم وتختلف أيضا عن مهام الهيئة والتي تقوم بأدوار وقائية وعلاجية تتعلق بجرائم الفساد، فيما يقوم ديوان المحاسبة بعمليات الرقابة الداخلية على آليات الصرف والإنفاق ومتابعة كافة الشؤون المالية للمؤسسات الخاضعة لعمل الديوان”.
وقال إنه “لاشك في ان تطوير توجه وطني يشكل الخطوة الاولى التي يجب الانطلاق منها عند تطوير التشريعات المتعلقة بالهيئات الوطنية المستقلة”.
وأضاف أن “هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تستمد ولايتها من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي أشارت لأن تنشئ الدول او تتخذ تدابير ادارية ومؤسسية لغايات مأسسة الالتزامات المفروضة على الدول بموجب الاتفاقية، الا ان هذا النهج اختياري تنفذه الدولة وفقا لسياقها الوطني والدستوري، كما ان دواوين المظالم لها اعتماد وولاية دولية تتعلق بالمعايير المتعلقة بدواوين المحاسبة وفقا لأفضل الممارسات والتجارب الدولية، وهذا ينصرف الى طبيعة الادوار التي تقوم بها كل جهة”.