Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2015

الجمزاوي تحاضر في رابطة الكتاب حول فلسفة الأدب عند نيتشة
الرأي - قالت القاصة نهلة الجمزاوي إن مرحلة ما بعد الحداثة اتسمت بثورة على التعريفات الدلالية والاصطلاحية لجملة المفاهيم الفلسفية المرتبطة بالأخلاق والفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وغيرها، وبالتالي أصبحت «فلسفة الأدب» مصطلحاً شائكاً لا يمكن الإمساك بتلابيبه على نحو دقيق.
وتساءلت ضمن برنامج الثلاثاء الفكري الذي تقيمه الجمعية الفلسفية، بالتعاون مع رابطة الكتاب، وأقيمت أول من أمس تحت عنوان «فلسفة الأدب عند نيتشه (1844-1900م )»، كيف تبلورت فلسفة الأدب باعتبارها واحدة من أبرز المفردات التي تناولتها فلسفة ما بعد الحداثة، التي شكلت معولاً للهدم والتقويض والتفكيك، و تحرير الإنسان من المقولات المركزية التي تحكمت في الثقافة الغربية فلسفياً وأنطولوجياً ولسانياً، و تخليصه من الإرث الميثولوجي المهيمن، عبر آليات فكرية منهجية، كالتشكيك في المؤسسات الثقافية الغربية، وفضح أوهامها الإيديولوجية، وتعرية خطاباتها القمعية المبنية على السلطة والقوة والعنف.
جاء ذلك ضمن محاضرة أدارها د.هشام غصيب المشرف على الملتقى، لافتة فيها المُحاضرة إلى دور نيتشة، منذ الفلسفة النارية التي أطلقها الفيلسوف الألماني الذي أحدث انقلاباً صادماً في المسار الكوني المعرفي، يقاسمه في ذلك كل من ماركس وفرويد، مما أسهم في قلب نظام التأويل كلياً في الفكر الغربي. فجينيالوجيا نيتشه تكرس قطيعة مع التقاليد الفلسفية برمتها، وتنسف التراث الميتافيزيقي وتهدمه، ونيتشه بالنسبة لفوكو هو من أنقذنا من «سباتنا الجدي والأنتروبولوجي» ويشير فوكو إلى أن مقولات نيتشه الجديدة كالمأساوية، ومطرقة الفلسفة، والإنسان الأعلى والعود الأبدي، هي أصوات جديدة للتحليل تعوض الأنساق الميتافيزيقية.
وأضافت :جذّر نيتشة للدفاع عن العلاقة الوطيدة بين الأدب والفلسفة واعتبر هيمنة الفكر على العاطفة أمراً خطيراً في كتابه «ولادة التراجيديا» كما دعا إلى عدم الإيغال في الفكر على حساب الوجدان الذي يمثله الأدب، و دعا إلى حل هذه المعضلة من خلال «العودة إلى ما يعتمل في أنفسنا من عناصر بدائية للارتشاف من نبع العاطفة.. حتى ولو أدى ذلك إلى تحطيم الفكر التحليلي» ، فابتداء من نيتشه ملهماً ومعلماً، شاعت سمات فلسفة ما بعد الحداثة، كإنكار وجود الحقيقة اليقينية الثابتة، إذ اعتبرها «جان بودريار»–مثلاً–وهما وخداعاً، متأثرا في ذلك بنيتشه الذي ربط غياب الحقيقة بأخطاء اللغة وأوهامها.
وقالت الجمزاوي: أي فلسفة أدبية كرسها نيتشه عبر انحياز فلسفته للأدب، وعبر أدبياته التي تضج فلسفة وحياة، فنقد الفلسفة الكلاسيكية وفككها عبر أدوات لغوية وشعرية وسيكولوجية بقصد زعزعة يقينية تلك الأفكار ولم يهتم بدحضها منطقياً وفلسفياً، فهو يسخر من الأفكار، يقلل من شأن فكرة ببيان إمكانية نقيضها ومعقوليته، وببيان جذور الفكرة وأرضيتها ومصدرها اللاعقلي.، وهو دوما صاعق صادم، هذه طريقته في تحطيم الأفكار مما ميزه وأكسبه السحر الخاص الذي أثر على عدد كبير من مفكري وفلاسفة ما بعد الحداثة، لا سيما فوكو وهو من الفلاسفة الأكثر تأثيرا في العصر الحديث.
وأضافت:احتفى نيتشه بالفن أساساً لمنطلقات الحياة، لكنه أراده فناً عظيماً، لذا نبذ الفن الذي يبعث الفتور والحزن والضعف، ونادى بالفن الذي يدفع بالقوة والعظمة، ولهذا ثار على أستاذه الموسيقي فاغنر،كما دافع نيتشه ببسالة عن العلاقة الوطيدة بين الأدب والفلسفة، واعتبر هيمنة الفكر على العاطفة أمرا خطيرا في كتابه «ولادة التراجيديا».
وأكّدت المـُحاضرة في ختام الندوة أن كتاب مولد التراجيديا (1872): يعتبر القنبلة الأولى التي فجرها نيتشة في وجه المفاهيم الفلسفية الأوروبية لا سيما فيما يتعلق بالفن والأدب، وذلك عبر نقده للتراجيديا جامعا بين قضيتين في غاية الأهمية: العمل الفيلولوجي و التأويل الفلسفي..ونسبت له قوله: « إن كل نشاط فيلولوجيَ يجب أن يكون موَجها و مؤطَرا ضمن تصَور فلسفيّ للعالم»، إذ يحدد هذا الكتاب هوية نيتشة الفلسفية بوصفه مؤولاً وناقداً منطلقاً من الأسس الفنية المتمثلة بعشقه الأوَل لفاغنر و الأدبيَة الشعريَة بقراءته لهولدرلين والفلسفيَة بعودته لكانط و شوبنهاور..يقول نيتشة «مولد التراجيديا» أوّل عملية قلبٍ لكل القيم قمت بها».