Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-May-2017

التعليم المُوجه بالنتائج - أروى خالد النجداوي
 
الراي - يُعتبر التعليم المُوجه بالنتائج Results Oriented Education ركيزة أساسية لأي دولة تسعى إلى بناء نظام اقتصادي متين محوره العنصر البشري المؤهل علمياً، المُدرب عملياً، ممن يمتلك مهارات و معارف متعددة تزيد من فرصه المتاحة في سوق العمل وتُسارع في تقدمه الوظيفي وتطوره.
 
ما هو المقصود بالتعليم المُوجه بالنتائج؟
 
إن مفهوم التعليم المُوجه بالنتائج يعني أن يتمكن كل من أكمل تعليمه من الحصول على فرصة عمل ملائمة لتخصصه الدراسي، و مواءمه لمتطلبات سوق العمل، و لتكون النتيجة المتوقعة بعد ذلك الحد من البطالة بين الفئة الناشطة اقتصادياً، و استثمار الموارد البشرية بطريقة مُجدية. و يقود التعليم المُوجه بالنتائج كذلك إلى تحسين العديد من المؤشرات كانخفاض مستويات الفقر، علاوة على اتساع القاعدة الضريبية في الدولة مما يُعزز الايرادات الضريبية نتيجة لارتفاع مستويات العمالة.
 
وحيث أن لمخرجات التعليم آثاراً اقتصادية واجتماعية كبيرة تنعكس إيجاباً أو سلباً على كل من العامل وصاحب العمل والوطن بشكل عام، لذا فإن ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل هو مسؤولية كبيرة يتوجب على المؤسسات التعليمية في الدولة القيام بها. فكم من طالب أساء اختيار التخصص و لم يجد فرصة عمل مُتاحة نتيجة لاكتظاظ سوق العمل بذلك التخصص الذي التحق به، أو أنه التحق بعمل مغاير لتخصصه، أو أن عدم رغبته في تخصص ما انعكس بنتيجة سلبية على مسيرته المهنية بعد ذلك.
 
أود في هذا المجال التطرق إلى بعض المؤشرات المُعبرة عن قصور ما في منظومتنا التعليمية؛ فمن خلال البيانات المتوفرة لدى دائرة الإحصاءات العامة حول مؤشرات العمالة و البطالة، نجد أن النسبة الأعلى من المتعطلين الأردنيين من الذكور هم من المستوى التعليمي «أقل من ثانوي» و قد بلغت نسبتهم حوالي 60.8%، أما النسبة الأعلى من المتعطلات الإناث فهن من المستوى التعليمي «بكالوريوس فأعلى» حيث بلغت نسبتهن حوالي 75.5%، و قد تُثير هذه النسب تساؤلات عديدة لدى القارئ، و أود في هذا الصدد، توضيح ما يلي:
 
• على الرغم من الجهود الكثيفة التي تبذلها الحكومة الأردنية لتحفيز التعليم و التدريب المهني، إلا أنها لا زالت قاصرة عن استقطاب ما نسبته 60.8% من الذكور المتعطلين عن العمل ممن هم أقل من الثانوي. و لا يخفى علينا كأردنيين أن هناك أعداداً كبيرة من الطلبة الذكور المتسربين من المدارس الذين لا يجدون فرص عمل لأنهم لا يمتلكون المؤهل العلمي المناسب نتيجة لقصورهم الدراسي من جهة، و غير راغبين في تعلم مهنة فنية أو حرفة نتيجة لثقافة العيب التي لا يزال مجتمعنا الأردني يعاني منها من جهة أخرى، فيمسي ذلك الفرد عاطلاً عن العمل و عالة على مجتمعه و يزيد من نسب البطالة التي سجلت مستويات تاريخية في عام 2016 بلغت 15.3 %. كما و أن عدم امتلاك الشباب الأردني لحرفة أو مهنة ما سوف يؤدي بالقطاع الخاص إلى الاستعانة بالعمالة الأجنبية الوافدة للقيام بتلك المهن، و تجدر الإشارة هنا إلى أن العمالة غير الأردنية –من حملة تصاريح العمل - قد بلغ عددها حوالي 315025 حتى نهاية عام 2015 تستنزف ما لا يقل عن ملياري ونصف دولار سنوياً من احتياطي المملكة من العملات الأجنبية.
 
• تشير كذلك بيانات دائرة الإحصاءات العامة إلى أن نسبة الطالبات للطلاب في مرحلة البكالوريوس بلغت 107.6 لصالح الطالبات الإناث، إلا أن سوق العمل لا زال قاصراً عن استقطاب ما نسبته 75.5% من الإناث من حملة درجة البكالوريوس فأعلى، مما يعني أن الاستثمار في التعليم الجامعي لدى الإناث لم يؤت ثماره في إيجاد فرص عمل لهن و تمكينهن اقتصادياً. و تجدر الإشارة هنا إلى ما جاءت به رؤية الأردن 2025 حول إطلاق برامج تمريض خاصة بالإناث فقط لتشجيع مشاركة الإناث في القوى العاملة بشكل أكبر و كذلك لحاجة القطاع الصحي في الأردن للممرضات لتلبية متطلبات متلق الخدمة الصحية من الإناث في كافة محافظات المملكة، إلا أن مثل هذا التخصص لا زال يُقابل بنوع من الرفض من قبل الأهل و عدم الرغبة في التحاق بناتهم بمثل هذا التخصص نتيجة لعوامل عديدة لن يُتاح التطرق إليها في هذه المقالة.
 
إن مؤشر جودة التعليم لا يُقاس فقط بأعداد ونسبة الناجحين في التوجيهي أو أعداد الخريجين سنوياً من الجامعات الحكومية والخاصة و ما أكثرهم، بل أن مؤشر جودة التعليم تكون نتيجته أوضح بنسبة التوظيف لهؤلاء الخريجين. و بمعنى آخر فإن ارتفاع نسب البطالة بين الفئة الناشطة اقتصادياً ما هي إلا انعكاس لقصور في إدارة العملية التعليمية بنهج استراتيجي تشاركي بين كافة الجهات المعنية، كما و أن رفع الوعي لدى الطالب و المواطن بدور التعليم المُوجه لاحتياجات سوق العمل بات حاجة مُلحة و ضرورية لبناء مستقبل وظيفي آمن لأبناء الوطن؛ فالعمل سلاح المواطن، والقوى العاملة المؤهلة والمدربة سلاح الوطن.
 
إن العمل بمنهجية التعليم المُوجهة بالنتائج هي وسيلة من وسائل حوكمة قطاع التعليم و التي تقود إلى نتائج إيجابية على الطالب و مسيرته المهنية و كذلك على الأسرة و الاقتصاد بشكل عام، و بما يلبي احتياجات المواطنين والوطن. و لعل ما جاء في الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك حول «بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة» يعتبر منارة لكل من الحكومة والمواطن في ترشيد مسيرة التعليم المستقبلية التي نسعى إليها جميعاً لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة؛ فإذا صلح التعليم صلح كل شيء.