Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jan-2021

الأصوليون يؤدون دورا تاريخيا

 الغد-هآرتس

 
بقلم: ب. ميخائيل
 
لا يجب أن نغضب من الطائفة الأصولية. هم بالاجمال يؤدون، بوعي أو بدون وعي، دورهم التاريخي وهو افشال أي محاولة يهودية لتأسيس كيان رسمي. هذه المهمة تم القاؤها عليهم بعد النهاية المريرة لمحاولات كثيرة من أجل تشكيل دولة يهودية: مملكة إسرائيل ومملكة يهودا اللتان انهارتا. مملكة الحشمونئيم الفاشلة، الثورة ضد الرومان وتدمير القدس، وبالطبع الكارثة التي الحقها باركوخبا والحاخام عكيفا بيهود البلاد. هذه الكوارث جميعها جاءت من خلال محاولات تأسيس دولة يهودية، وكلها انهارت بنفس الطريقة: جنون ديني، ثمل القوة الزائدة، فساد عميق في الاخلاق وتفشي الفساد، وبعد ذلك التفكك، وبعده الخراب.
يبدو أن هذه هي اللحظة التي قرر فيها الحاخامات القول كفى، هذا يكفي! لقد فهمنا: اليهودية والدولة لا تسيران معا. يجب الاهتمام بأن لا يحدث هذا مرة اخرى. وهم ايضا ادركوا جيدا ما يجب فعله لمنع تكرار هذه النكبات: منعها بواسطة فتوى. وهذا ما فعلوه، لقد نقلوا الدولة والقومية الى السلطة الحصرية. وقد قرروا بأنه فقط له مسموح أن يبني لنا وطنا، وأن ينشئ هيكلا وأن يؤسس دولة. والى حين قدوم المنقذ نأمل أن يعيش الشعب المختار فقط في ظل امبراطوريات اجنبية، فقط في الشتات، وفي أرض إسرائيل – فقط تحت حكم اجنبي متنور.
هكذا كان الأمر خلال ألفي سنة وأكثر. كانت هناك سنوات جيدة وكانت هناك سنوات سيئة. كان هناك نمو وكان هناك تراجع. كان هناك سعادة وكان هناك موت وألم وثكل. ولكن لم يكن فيها دمار اقترب من كاحل كارثة باركوخبا. واليهود، مع الاعفاء من السيطرة على الدولة، كرسوا معظم جهودهم للتنمية وتطوير الفكر والثقافة والابداع وغرس الفضائل الصحيحة. كان يبدو أنهم عثروا على الصيغة الكاملة: شعب متحرر من القومية ولا يحتاج من اجل وجوده واستمراره إلا الى خزانة كتب وروح دعابة.
عندها حلت الكارثة وحطمت الرقم القياسي النازف لباركوخبا. لم يكن أمام من بقي من اللاجئين خيار سوى العودة الى تجربة الخيار الوطني. وفورا استيقظت اليهودية الأصولية واستعدت للعودة الى القيام بدورها التاريخي: وضع حد للافتراء وتفكيكه بالطريقة المجربة والمختبرة، جنون ديني، ثمل السلطة، افساد عميق للمعايير، ومن ثم انحلال مستشري وتفكك.
هكذا وصلنا الى هذا الحد. الجنون الديني منح الاحترام للعنصرية والتعالي والكراهية والشر. هذه المشاعر المتحررة جلبت للعالم الأصولي القومي. التعايش بين الأصوليين والأصوليين القوميين اكتمل. اصابعهم تلف الخزينة العامة وتقوم بحلبها حتى القطرة الأخيرة. خيط سميك يربط بالفعل الشباب العنيف في بني براك مع شبيبة التلال الاجرامية. ينتخبون للسلطة المحتالين والاشرار والكذابين، والكل جاهز بالفعل ومستعد للنهاية.
ربما أنهم فازوا، ربما لم يعد هناك مناص من ترك الوطن المحتضر والعودة الى منفى الآباء، وأن ننتظر هناك قدوم المسيح، وأن نقوم بشحن البطاريات التي فرغت بوجبات جديدة من الفكر والثقافة والابداع والفضائل. ربما بعد ألفي عام سنكون أكثر تبصرا كي نجرب مرة اخرى. وربما سيزداد العالم تبصرا ويتخلص من الغرور القومي. أو ربما في هذه الاثناء سيأتي المنقذ ويقوم ببناء هيكل ويؤسس مملكة، وفي اثناء رش دماء البهائم على المذبح سيدعون الى الانضمام اليه.
“شكرا، سنرد عليه بأدب، “لكن أولا وقبل كل شيء نحن نريد رؤية كيف ستتدبر أمورك مع الأصوليين”.