Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Feb-2020

وداعا فلسطين! لماذا “صفقة سلام ترامب” جيدة لموسكو

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

 
فلاديمير فرولوف* – (موسكو تايمز) 31/1/2020
تدفع خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط إلى الاعتراف بالأراضي التي يتم ضمها بالقوة -وهي سابقة مرحب بها لإحكام السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم.
* * *
تفرض الخطة التي وضعتها إدارة ترامب لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني -أو ما تسمى “صفقة القرن”- ومن جانب واحد شروطاً مهينة للسلام على الفلسطينيين، والتي لطالما أرادتها القوى اليمينية في تل أبيب.
وعلى الرغم من أن الخطة تدعو -ظاهرياً- إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة -وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242- فإنها لا تقدم، من الناحية العملية، أي ضمانات بإنشاء الدولة، وتطالب الفلسطينيين بالوفاء بشروط عديدة لضمان الأمن، بينما تترك سلطة اتخاذ القرار النهائية في يد إسرائيل.
وفي الأثناء، سوف تستفيد موسكو من خطة ترامب -ليس لأنها تعزز السلام في الشرق الأوسط، وإنما لأنها توفر سابقة للقوى الكبرى وهي تملي الشروط على القوى الأضعف.
أبارتيد جديد
إذا ما تم تنفيذ الخطة التي وضعها ترامب وصهره جاريد كوشنر، فسوف تكون الدولة الفلسطينية التي تنشأ عنها محاطة بأراضٍ تسيطر عليها إسرائيل، وسوف تكون محرومة من أي حدود خارجية -على نحو يشبه كثيراً أرض بانتوستان في جنوب إفريقيا خلال حقبة نظام الفصل العنصري.
ومن ناحية، لا توفر خطة ترامب أي ضمانات للتواصل الإقليمي بين الجيوب الفلسطينية المقترحة، والتي سيتم عزلها بواسطة الجدار الأمني الإسرائيلي.
ومن الناحية الأخرى، سوف يتم في الوقت نفسه من ناحية أخرى تنفيذ اقتراح “زيادة” الأراضي الفلسطينية من خلال إنشاء “واحتين” رئيسيتين في وسط صحراء النقب على الحدود مع مصر، واللتين سيتم ربطهما براً عبر قطاع غزة. وسوف يتم ربط القطاع بدوره بالأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية عن طريق نفق بطول 90 كيلومتراً -والذي لن يتم بناؤه أبداً، بطبيعة الحال.
بموجب الخطة، سوف تأخذ إسرائيل أفضل قطع الأرض في الضفة الغربية. وسوف تقوم بتسليم العديد من المستوطنات التي تقطنها أغلبية من العرب داخل الخط الأخضر والتي تجاور الضفة الغربية إلى “الدولة الفلسطينية”، مع إلغاء المواطنة الإسرائيلية لسكانها، في شكل مخفف من “التطهير العرقي”.
وفق الخطة، لن يكون للفلسطينيين الحق في السيطرة على سمائهم أو مياههم أو ترددات الاتصال الخاصة بهم. وسيتم تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح ومنعها من تشكيل تحالفات أو الانضمام إلى منظمات وتحالفات دولية متعددة الأطراف من دون موافقة إسرائيل. وهذا يشبه “السيادة المحدودة” التي كانت موسكو تريد أن تعطيها ذات مرة للجمهوريات السوفياتية السابقة.
كما سيتم منع الدولة الجديدة من إعادة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في الدول المجاورة -وخاصة الأردن ولبنان- من دون إذن إسرائيلي. وحتى وضع “اللاجئ الفلسطيني” نفسه سيتم إلغاؤه وسيتم إلغاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التي تعمل منذ العام 1950.
من المحتمل أن تكون النتيجة العملية الوحيدة للمبادرة الأميركية هي ضم إسرائيل بحكم الواقع لحوالي 30 في المائة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية -وهو ما توقع المراقبون أن يتوصل مجلس الوزراء الإسرائيلي إلى قرار بشأنه هذه الأيام. كما ستقوم إسرائيل بتوسيع سيطرتها لتشمل غور الأردن بأكمله، مما يمكّنها من استخدام نهر الأردن -وهو حاجز طبيعي عريض- باعتباره الحدود الشرقية للبلاد. وفي الواقع، كان هذا هو بالضبط ما تحاول إسرائيل تحقيقه منذ العام 1967.
شبه جزيرة القرم: “الضفة الغربية” الروسية
التزمت موسكو -عن حكمة- بضبط النفس بعد الإعلان عن الخطة الأميركية. وأعلنت استعدادها لدراسة محتويات الخطة، مع دعوة الجميع للاستماع أولاً إلى آراء الأطراف المعنية. ويهتم الكرملين بعلاقاته مع إسرائيل ومع الزعماء العرب في الخليج الفارسي أكثر من اهتمامه بالتضامن الرمزي مع الفلسطينيين.
سوف تبني موسكو موقفها على أساس ردود فعل شركائها الإقليميين الجدد ولن تتسرع في هذه العملية. ويبدو أن الوقت الذي عمل فيه الاتحاد السوفياتي -أو روسيا- بالتنسيق مع الولايات المتحدة “كراع مشارك للتسوية الإسرائيلية-الفلسطينية” قد ولى منذ زمن بعيد، وكان من المناسب لها أن تتخلص من ذلك الالتزام. كما أن روسيا لا تعاني من أي مشاكل في النوم بسبب حقيقة أنه لم يعد هناك أي طلب على “اللجنة الرباعية للشرق الأوسط” التي كانت مكونة من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
عندما كانت خطة ترامب ما تزال قيد التطوير في العام الماضي، بذلت روسيا عدداً من المحاولات للانخراط في العملية -حتى أنها حاولت تنظيم قمة في موسكو بين نتنياهو وعباس، والتي لم تتحقق أبداً.
وفي هذه الأثناء، من المتوقع أن يستخدم الكرملين زيارة نتنياهو لموسكو “لتأكيد الخطة” كدليل إضافي على دور روسيا الريادي الجديد في الشرق الأوسط و”مكانتها كقوة عظمى” هناك.
كما أن لدى الكرملين أيضاً سببا وجيها للتوافق مع ترامب وعدم الانخراط في الحملة الدولية ضد آلية التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة.
إن الخطة الأميركية تدفع بشكل أساسي إلى الاعتراف الدولي بالأراضي التي تم ضمها والتي احتلت خلال العمليات العسكرية. وبعبارة أخرى، سوف يشكل هذا التوجه سابقة مهمة لإضفاء الشرعية على سيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، والتي قامت موسكو “بلم شملها وإعادة توحيدها مع روسيا” في العام 2014. ومن شأن ذلك أن يمنح بوتين أداة مثالية للمقايضة مع ترامب وماكرون في الاجتماع المقبل للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
 
*محلل وكاتب عمود روسي.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Goodbye, Palestine! Why Trump’s ‘Peace Deal’ Is Good for Moscow