الدستور - أحمد زقوت
يتواصل الدور الأردني الكبير في عطائه وإسناده ودعمه للفلسطينيين في قطاع غزة، حيث يؤكد الأردن دائما أهمية مساندتهم والوقوف إلى جانبهم، وتقديم كل أشكال الدعم لهم، لتحسين سبل عيشهم بكرامة والتخفيف من معاناتهم المستمرة وتردي أوضاعهم المعيشية، إذ باتوا يعيشون في خيام مهترئة ومراكز نزوح مكتظة بالسكان تنعدم فيها مقومات الحياة، إلى جانب تضييق الاحتلال المستمر عليهم في جميع مناحي الحياة، مع إصرارهم رغم ذلك على الصمود في وجه مخططات الاحتلال الرامية إلى تهجيرهم وتصفية قضيتهم.
وثمن الغزيون دور الأردن الكبير في مساندة الأهالي خصوصا المشردين، نتيجة قصف الاحتلال لمنازلهم وإجبارهم على النزوح القسري، إذ أكد الفلسطيني محمود ماضي، لـ»الدستور»، أن «الملابس الشتوية التي أرسلها الأردنيون للأهالي كي يحموا أنفسهم وأطفالهم من أجواء البرد القارس في ظل معاناتهم الشديدة من حرب شرسة يواجهونها، هي رسالة وفاء أردني خالص تؤكد دائما أصالة الشعب الأردني وعروبته»، مبينا أن «إرسال كميات من الملابس ليس شئيا جديدا علينا من عطاء الأردن الكبير وموقفه الثابت بالوقوف معنا في جميع الحالات والأوقات، فأهل الأردن يكرموننا ونحبهم ويحبوننا، وقضيتنا لا تغيب عن بالهم أبدا».
وبين ماضي أن «الأردنيين يرفعون الرأس، وهم أول الناس وقوفا معنا في كل شيء، فالملك دوما يؤكد على ثوابت قضيتنا في كل مكان ولا يتنازل عنها، ويساهم في رفع معنوياتنا».
وفي الإطار، وصلت في 7 تشرين الثاني الجاري، قافلة تكية «أم علي» المحملة بـ 20 ألف معطف و10 آلاف بطانية لدعم الأسر المتضررة، خاصة الأطفال، بعد شهرين من تقييد دخول المساعدات إلى القطاع، وذلك في سياق استمرار دعم الأردنيين للغزيين.
ووزعت تكية «أم علي» بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، المستلزمات الشتوية على مناطق شمال وجنوب قطاع غزة، لتلبية احتياجات أكبر عدد من الأسر مع بداية فصل الشتاء في إطار استمرار التكية في تقديم الدعم لغزة، طبقا لمدير عام التكية سامر بلقر.
ومع تزايد طلب الأسر الفلسطينية على الملابس الشتوية كي يتقوا البرد القارس، أكد بلقر أن «الحملة الإغاثية مستمرة، حيث ستنطلق قافلة جديدة الأسبوع المقبل لإيصال المزيد من مستلزمات الشتاء إلى القطاع».
وبشأن تفاعل الغزيين مع توزيع الملابس الشتوية بدعم أردني، قال الحاج خالد النجار، إن «الأردن دائما يكرمنا بعطائه وكرمه، فهو من أول وأكبر الدول الداعمة للقضية الفلسطينية»، مشددا على أن «إرسال شاحنات مساعدات تضم ملابس شتوية يعبر عن إحساس الأردنيين بهمومنا، بداية بجلالة الملك عبدالله الثاني، والحكومة والشعب الأردني، الذين يعملون طوال الوقت على تلبية احتياجاتنا، فمنذ بداية الحرب يسدون جوعنا بالإنزالات الجوية، ويرسلون شاحنات المساعدات التي تضم طرودا غذائية، فضلا عن مشاريع أخرى تساهم في تثبيت وجودنا وصمودنا».
ومع قدوم فصل الشتاء، يعاني الغزيون من أزمة ملابس حادة تعصف بهم، بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي لأكثر من عام على القطاع، فضلا عن إغلاق المعابر وعدم سماح الاحتلال بإدخال البضائع الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى السكان الفلسطينيين، الأمر الذي أجبر المواطنين على شراء الملابس القديمة أو ما تعرف بـ «البالة» فهي ملاذ النازحين كونها زهيدة الأثمان.
وفي الأسواق الغزية، لا تتوفر الملابس الشتوية سوى بكميات ضئيلة جدا من البضاعة القديمة التي سلمت من القصف الإسرائيلي منذ بداية العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إذ إن هذه الكميات لا تلبي الحد الأدنى من حاجة أهل غزة من الملابس كي يشعروا بالدفء تحت وطأة البرد الشديد الذي يعيشونه في الخيام ومراكز الإيواء التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فضلا عن النازحين الذين هربوا من نيران الاحتلال ولم يأخذوا شئيا من ممتلكاتهم لا سيما الملابس الشتوية.
في إحدى بسطات الملابس القديمة «البالة»، يفتش الشاب محمود نعيم عن ملابس تتلاءم مع الأجواء الباردة وفصل الشتاء القادم، ويقول لـ «الدستور»: «الاحتلال قصف منزلي الواقع في مدينة غزة، وباتت كل ممتلكاتي وجميع ملابسي تحت الركام وبين الأنقاض».
وأضاف نعيم أن «فصل الشتاء على الأبواب، واحتياجي لشراء ملابس جديدة جعلني أتردد على عدد من المحال التجارية التي تضم ملابس جاهزة جديدة، لكنني تفاجأت بأسعارها الجنونية، وهو ما لا يتناسب مع وضعي الاقتصادي الصعب الناجم عن استمرار الحرب»، مشيرا إلى أن صديقه أخبره بأن هناك عددا من البسطات التي تبيع ملابس قديمة بأسعار زهيدة ورخيصة تناسب الوضع المادي للأسر الفلسطينية.
ويعرض محمد بعلوشة الملابس القديمة في العراء، محاولا جذب انتباه المارين بإمكانية شرائها، حيث يعتبر بيع ملابس «البالة» مصدر رزق لكثير من المواطنين ويساعد على سد احتياجات عائلاتهم في ظل حالة الغلاء الفاحش التي تسيطر على الأسواق.
وأكد بعلوشة لـ «الدستور» أن «هناك إقبالا كبيرا من المواطنين تحديدا النازحين على شراء الملابس الشتوية مع دخول الأجواء الباردة، كون أسعارها منخفضة»، لافتا إلى أن «سعر القطعة الواحدة من الملابس يتراوح من 5 إلى 15 شيكلا، وهي مناسبة لأوضاع الأسر الاقتصادية».
وأوضح بعلوشة أن «كميات الملابس القديمة قليلة ومحدودة جدا خصوصا مع احتياج الأهالي الكبير تحديدا المدمرة منازلهم، فضلا عن منع الاحتلال دخول أي ملابس جديدة أو حتى قديمة لقطاع غزة منذ أكثر من عام»، مشيرا إلى أن «الطلب الأكبر يكون لملابس «الأطفال من المواليد أو الفئات العمرية الصغيرة لعام أو عامين».