Thursday 9th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jul-2015

قبعة القذافي.. دلالة السقوط
الراي - ما يميز فصول  كتاب «قبّعة القذافي: سقوط طاغية وقيام أمة»  اكتظاظه بالتفاصيل «الساخنة «المتصلة بلحظة مهمة في تاريخ التحوّل في ليبيا أيام الثورة على العقيد معمّر القذافي.
الكتاب من تأليف الصحفية «أليكس كراوفورد» التي عملت مراسلة خاصة لشبكة «سكاي نيوز» في الشرق الأوسط، وصدرت ترجمته بالعربية عن دار الفرجاني، وجاء في 252 صفحة. وقدمت كراوفورد في كتابها شهادة حية ومتوترة لرحلة صحفية امتدت عاماً كاملاً تخللتها أحداث جعلت العمل محاطاً بلحظات الموت والدمار. كما عرّضت هذه التجربة صاحبتها إلى المطاردة وإطلاق النار والاستجواب من قبل العديد من أجهزة الاستخبارات في العالم، وقد أنقذها الجيش الأميركي من الاعتقال.
  الكاتبة، وهي أم لأربعة أطفال، وتقيم في دبي، تتناول تفاصيل رحلتها قبل وصولها إلى ليبيا بداية شهر مارس (آذار) عام 2011 وتختار منطقة (الزاوية) الأشد توتراً في ليبيا، حيث كانت مسرحاً للثورة والقصف والعنف والموت.
تقول كراوفورد في مطلع كتابها: «الثلاثاء الأول من مارس 1911»، قبل أربعة أيام فقط كنت نائمة في منزلي بدبي، وفجأة استيقظت على صوت الهاتف. قلقت قليلاً لأن الوقت كان متأخراً لكنني هدأت لاحقاً، فقد كنت أنتظر هذه الرسالة النصية منذ وقت طويل، وحين قرأتها شعرت برعشة تعتري جسدي: «هل يمكنك المجىء إلى ليبيا؟ جون».
وبعد أن عرضت مشاهداتها التي نقلتها عبر محطتها التلفزيونية عما يجري في مصراته والزاوية وطرابلس، أعادة كتابتها بعد عودتها إلى دبي. ومن بين ما نقلته في كتابها ما جرى يوم (16 أغسطس 2011): «بعد منتصف الليل بُثّ تسجيل صوتي جديد للقذافي على التلفزيون الرسمي، يا إلهي، إنه رجلٌ عنيد فعلاً ، لكن التاريخ علمنا أن الطغاة الذين يبقون في الحكم لفترات طويلة، غالباً ما يعجزون عن قراءة ما كتب أمامهم، وبالتالي لا يرون ما هو واضح أمام عيونهم، هذه نتيجة النفوذ المطلق».
تورد كراوفورد في كتابها تفاصيل شخصية عن حياتها العائلية بمتطلباتها كافة، وقرارها التوجّه إلى ليبيا في لحظة شديدة الحرج والقلق: «إن أصعب جزء من عملي هو إبلاغ أطفالي الأربعة أنني سأسافر مجدداً وسأبتعد عنهم»، مضيفة: «تتغير ديناميكية العائلة عندما يغيب واحد منا، ألاحظ ذلك حين ينامُ واحد من أولادي عند أصدقائهم، ينخفضُ مستوى الضجيج وتختلفُ التحالفات العائلية والعلاقات في ما بيننا، ولابد أن المشهد يشهد الكثير من التغييرات حين أغيب أنا، الأم».
وتتابع الكاتبة: «كثيراً ما أشعر أنني أفشل، أفشلُ كأم وكزوجة وكمراسلة، لأنني عاجزة عن تكريس الوقت الكافي لكل أدواري، فعمل المراسلة الأجنبية يتطلبُ التزاماً بنسبة 150% ، ولقد انتظرتُ طويلاً فرصة أن أصبح مراسلةً أجنبية تتمركز في الخارج، وقد أتت في وقت متأخر من حياتي، لذا أشعر أن عليّ التعويض عن الكثير، إنه عمل على مدار الساعة وفي أيام الأسبوع كافة، ولتقوم به بشكلٍ عليك أن تخصص له الكثير من الوقت والجهد، أما المؤهلات الضرورية لتكوني أمة صالحة لأربعة أطفال فيبدو أنها تشمل التمتع بالمهارات التطبيقية والدبلوماسية التي يتمتع بها مدير تنفيذي ومصرفي وطباخ وقائد عسكري، وغالباً ما أشعر أنني ممزقة بين أدواري المختلفة ولا أنجح في أي منها».
تعتمد كراوفورد في «قبعة القذافي» لغة متقشفة وواضحة ومباشرة. كما تمتاز كتابتها بالوصف التفصيلي الدقيق. إنها ترسم بالكلمات للحظات في منتهى القسوة والدموية: «كنا قد خرجنا منذ وقت قصير فقط ، عندما لاحظنا أول جثتين. لقد لاحظتهما قبل أن أرى أي شيء آخر، كانتا بالضبط خارج البوابة الجنوبية لساحة مجمع باب العزيزية التي دخلناها للتو، كانت الجثتان معزولتين بعض الشيء وسط مستديرتين خارج المجمع/ ومكبلتيْ الأيدي بربطة بلاستيكية إلى الخلف، ووجهاهما إلى الأرض، بدا واضحاً على الفور أنهما قد أعدما، كان رأسا الجثتين وما أستطيع رؤيته من وجهيهما في حالة مروعة نتيجة الضرر الذي ألحقته بهما الطلقات النارية، ومازالت الحرارة التي تزيد عن الأربعين درجة مئوية والجثمانان منتفخان وأسراب الحشرات تحوم على جراحهما، لا شيء من جراحهما كان يثير الصدمة كمشهد أيديهما المثنية إلى خلف ظهريهما، مما يجعل المرء يخمّن أن الرَّجلين كانا بلا حيلة وغير قادرين على القيام بأي شيء غير انتظار الموت !!».
وتسرد الكاتبة تفاصيل أخرى عن رحلتها: «بدأت مغامرتنا، كما تبدأ دائماً، باتصال هاتفي في منتصف الليل، تصل والجو حارٌ إلى مطار يسوده الرعب، ويبقونك في الظل ويبعدونك عن الأحداث وعن الحقيقة، لكنّ شيئاً فشيئاً تندفع وتحقق وتنسجُ اتصالاتك ببصيرة نافذة حتى تتكشف أمامك القصة على الأرض، حينئذ ما عليك إلا ملاحقتها، بعد ذلك يقودك حدسك وخوفك وجهدك، ثم تبقى حياً لتشهد على ما حصل».
وعن ملاحظتها بعد أن أنجزت مهمتها الصحفية، تقول كراوفورد: «لعل الكلمات الأخيرة حول مستقبل ليبيا تعود إلى السيد الوندي، أتذكرونه؟
إنه الشاب الذي دخل غرفة نوم القذافي وأخذ قبّعته». وما زال الوندي يحتفظ بقبّعة القذافي رغم أن كثيرين عرضوا عليه أموالاً طائلة لشرائها. فهو يعتقد أن هذه القبّعة لا تقدّر بثمن، لأنها «تعني الكثير لي ولأولئك الذين قدّموا حياتهم من أجل حرية ليبيا».
..مع ذلك فما زالت «الحرية» والتنمية بعيدة عن ارض ليبيا .