Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jan-2020

تفاصيل صفقة القرن، هنا الأردن*فايز الفايز

 الراي

سألت يوما ما لماذا سمى دونالد ترمب خطته للسلام الإسرائيلي بصفقة القرن، ولكن في قراءة سريعة لتاريخ الحراك الصهيوني ومنظريه الآوائل، نجد أنها فعلا صفقة القرن بكل معانيها، ففي هذا العام 2020 تحل الذكرى المئوية لمقتل أخطر صهيوني مرّ على أرضنا فلسطين والأردن، إنه «يوسيف ترمبلدون» هل يذكركم هذا الإسم بشيء، ترمب القيصر الأميركي يتشارك بطريقة أو أخرى مع ترمبلدون بالإسم، ولكن ليس هذا كل شيء، فهناك صهيوني آخر هو من تشارك مع ترمبلدون بفكرة القرن اليهودي، قادمَيّن من روسيا القيصرية الى فلسطين العربية، أو ما كانوا يسمو?ها «أرض إسرائيل» وليشكلّوا فيما بعد الفيلق اليهودي الذي حقق النصر، إنه «زئيف جيبوتنسكي».
 
يبتدىء «إسحاق شامير»، رئيس وزراء إسرائيلي أسبق، في مذكراته قصته مع التنظيم الصهيوني، ويفرد فصلا يتغزل فيه بيجيبوتنسكي ويدافع عن مبادئه وفكره الليبرالي وخطته لإقامة دولة يهودية على «ضفتي نهر الأردن» تحقيقا للوعد الإلهي بإنشاء أرض إسرائيل، ولتحقيق حلمه وأفكاره قرر جيبوتنسكي، عرّاب الليكود اليوم، تشكيل فيلق يهودي عسكري ضمن الجيش البريطاني وشاركه التخطيط ترمبلدون، حيث رفض جيبوتنسكي الإنضمام لـ «كتيبة سائقي البغال الصهاينة»، وعمل على تشكيل لواء صهيوني مقاتل ضمن القوات البريطانية في فلسطين.
 
فعلها جيبوتنسكي بمساعدة ترمبلدون عام 1917 وشكلا الكتيبة العبرية الأولى التي سُميّت فيما بعد «كتيبة القناصة الملكية 38»، وتجند جيبوتنسكي فيها برتبة ملازم، ومن فلسطين سار مع مجموعته وقطع نهر الأردن شرقا وتجول في الأنحاء، وعاد الى فلسطين لتنظم الى كتيبته كتيبتان أخريان 39 و40، وحتى عام 1919 كان لديهم فيلق يهودي يعدّ خمسة آلاف عسكري مقاتل نظامي ويهود عرب ومستوطنين، ولكن الثوار العرب استطاعوا عام 1920 بقتل ترمبلدون ومجموعته في اشتباك وقع شمال فلسطين، ليبدأ جيبوتنسكي التخطيط للصفقة التاريخية.
 
كانت نظرية جيبوتنسكي وترمبلدون مؤسّسة لما سنراه اليوم، دولة يهودية على جميع أرض فلسطين والأردن والصحراء السورية، وترحيل كل من ليس بيهودي من فلسطين والإبقاء على أقلية عربية لا تتجاوز مليون ونصف مدني ضمن شعب دولة إسرائيل ذات الأغلبية الساحقة لنحو ستة ملايين يهودي مخلص، وأطلق فكرة بناء جدار حديدي لحماية دولة إسرائيل، وتشريد كل من يعادي اليهود، ولن يتحقق ذلك إلا بتحقيق اقتصاد قوي وقوة عسكرية متفوقة وضرب وحدة العرب وإضعافهم.
 
اليوم قد نشهد إطلاق الرئيس ترمب رصاصة البدء بصفقة القرن، وتنفيذ «الوصية السياسية» لجيبوتنسكي كما أسماها شامير، وهذه ليست مسألة سياسية فحسب، بل هي في المخيال الصهيوني لدى الإدارة الأميركية والإسرائيلية هي وعد إلهي لتحقيق هرطقات التاريخ، ورغم أن الصفقة ليست مدعومة قانونيا ولا أمميا، فإن الخطر ليس على الفلسطينيين وحدهم، بل هي تهديد خطير وإنهاء وجودي ووظيفي للأردن قبل أي دولة أخرى، وإضعاف الأردن وأزّ النار تحته ليس سوى مخطط همجي لا يواجهه سوى التكاتف والصمود الشعبي وإعادة إنتاج جيل سياسي محترف لمواجهة تهديد وجودنا.
 
أترون كيف أن الأموات لا زالوا يصنعون المعجزات التي عجزنا عنها؟!