Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Nov-2017

«الصدمة الحريرية ».. وانتصار الجنرال! - محمد كعوش
الراي - اكتب هذه الكلمات قبل عودة سعد الحريري الى بيروت، وفي وقت تتطور فيه الأمور وتتغير التحالفات بسرعة. لذلك اكتب بحذر عن هذه الأزمة التي تجاوزت شخص رئيس الحكومة اللبنانية، فاصبحت ازمة لبنانية اقليمية دولية جديدة عنوانها «سعد الحريري «، وهي الأزمة التي ستكون متواصلة، وقد تستمر حتى بعد عودته المنتظرة الى لبنان باستقبال مهيب، أو احتفالية مبالغ فيها بشكل غير مسبوق.
 
قبل ظهور الرئيس الحريري المتعب على شاشة الفضائيات كان اللبنانيون يبحثون عن رئيس حكومتهم ويتساءلون عن مكان وجوده وحقيقة مصيره، كما يحدث في الروايات التي تمزج ما بين الواقع والمتخيل. فتذكرت في حينها عنوان رواية جبرا ابراهيم جبرا «البحث عن وليد مسعود».
 
في المقابلة التي اجرتها باولا يعقوبيان لم يجد اللبنانيون الأجوبة الشافية، بل زادت التساؤلات والشكوك الموشحة بالقلق المشروع، الى ان جاءت زيارة البطريرك الراعي غير المسبوقة الى الرياض، فاعطى بعض التطمينات التي أتبعها سعد الحريري بتغريدته التي أكد فيها عودته وطالب محبيه وانصاره بالتزام الهدوء «الرواق».
 
بعد هذه المقدمة الضرورية اريد الوصول الى لب المشكلة القائمة والتي لا اتمنى استمرارها، أو تصاعدها اكثر حتى بعد عودة الحريري، بسبب التعقيدات التي تتعلق بشخصه، أوبسبب الواقع اللبناني والأقليمي، وأعني حشر لبنان في صراع بين مشروعين سياسيين كبيرين، ارتديا حجاب المذهبية بهدف التوسع والتمدد في المواجهة والنفوذ وجذب الأنصار، حتى وصل الأمر لدرجة للتلويح بالعقوبات، أو نشر الفوضى، في بلد لم تبرأ جراحه حتى الآن، وهذا يعني تحويل الصراع على لبنان الى صراع في لبنان.
 
وسط هذا المشهد المقلق للجميع، عاش لبنان حالة من الصدمة، ولكن ليس الصدمة الأيجابية التي تحدث عنها الرئيس الحريري، لأن الرياح العاصفة غيرت مجرى هذه الصدمة، التي تم تجاوزها بامتياز واقتدار، بفضل موقف الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي نجح في أدارة أزمة استقالة وغياب الحريري، بل اقول أن الجنرال عون، بحكمته وعقلانيته، كسب المعركة السياسية، ونجح في نزع فتيل الفتنة الداخلية، وجنب لبنان الخاضع للمحاصصة الطائفية، الوقوع في حالة انقسام وفوضى تعيده الى البدايات المحزنة، كما أن الشعب اللبناني، بجميع طوائفه المذهبية وأطيافه السياسية أثبت وعيا وطنيا وسياسيا أنقذ لبنان بوحدة موقفه.
 
الجنرال عون جمع بين المرونة والصلابة، واحتوى ارتدادات هذه الأزمة بشكل اراح الساحة الداخلية، فاصرّ على عودة الحريري بقدر حرصه على استمرار علاقات لبنان الطيبة والوطيدة مع السعودية، لذلك اعتمد الجنرال على تكتيك للتصعيد بالتسخين التدريجي. لكن ما نخشاه هو مرحلة ما بعد عودة الحريري، واعني الخروج من ازمة للدخول في أزمة اخرى.
 
نعرف أن عودة الحريري الى وطنه ستكون مدوية، ولكنها ستكون عودة مرتبكة ومربكة، لأنه سيكون أمام خيارات صعبة جدا، فمن حقه ان يعود الى «سراي الحكومة» ويمارس دوره ومسؤولياته، كما من حقه أن يستقيل حسب القواعد الدستورية، ولكن نحن نعرف أن الحريري مقيد بجنسية اخرى حيث أملاك العائلة وأعمالها، كما أنه سيعود من الرياض حاملا شروطه مقابل عدم تقديم استقالته، والتي اعلنها عبر شاشة الفضائيات وكررها عشرات المرات، وهي « النأي بالنفس» وعدم التدخل في الصراعات الأقليمية القائمة، وبالتحديد في سوريا والبحرين واليمن، اضافة الى إنهاء النفوذ الإيراني، وهو يعرف انها شروط تعجيزية لا يستطيع هو ولا لبنان فرضها.
 
اخيرا أقول أننا في زمن انقلاب الحليف على الحليف، وفي وقت التطورات المتسارعة في واقع طافح بالتناقضات والمتغيرات، لذلك ارى أن تحصين لبنان بوحدته الوطنية للخروج من هذه الأزمة هو الهدف الأول والأهم، خصوصا بوجود التعاطف العربي والدولي. وقد يكون من الواجب التفكير بتوافق جديد بين كافة مكونات الشعب اللبناني للوصول الى صيغة لبنانية قديمة « لا غالب ولا مغلوب».
 
وهذا المشهد الضروري يذكرني بنابليون بونابرت عقب انتهاء معركة بورودينو قرب موسكو حين قال: «هذه أسوأ معركة خضتها في حياتي، لأن الفرنسيين خرجوا بمظهر المنتصرين، كما أن الروس اعتبروا أنفسهم غير مهزومين».