Wednesday 1st of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Sep-2017

«الاحزاب مدارس للشعوب» - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - هذا ما يقوله الباحث والأكاديمي القطري البارز د. عبد الحميد الأنصاري في كتابه «العالم الاسلامي المعاصر، بين الشورى والديمقراطية» والصادر عن دار الفكر العربي بالقاهرة.
 
يؤمن هذا الباحث ان ثمة ضرورة لإحداث نقلة نوعية في المجتمعات العربية والاسلامية تمكنها من مواجهة التحديات الخارجية التي تواجهها. مثل هذه النقلة ستساعدها في مشاريع التنمية. وحتى يتم احداث هذه النقلة النوعية يدعو المؤلف الى ضرورة السماح بإنشاء الاحزاب السياسية فهي في رأيه «مدارس للشعوب». يطالب بِـ «الممارسة الديمقراطية تربيةً وسلوكاً وفكراً على مستوى البناء الاجتماعي ابتداء بالتنظيم الاجتماعي الأول: الأسرة، صعوداً الى المدرسة والنادي والجمعية والحزب، وانتهاء بمؤسسات الحكم». المرجع السابق 36.
 
ينتقد هذا الباحث والمفكر المستنير التجارب السياسية المعاصرة للبلدان العربية، وما صحبها من انتكاسات راداً هذا الاخفاق الذي اصابها على «مراهنتها على البناء السياسي الديمقراطي دون ان يسبقه او يلازمه بناء اجتماعي ديمقراطي». ص 37.
 
«البناء الاجتماعي» الذي يؤكد عليه د. عبد الحميد الأنصاري يعني إحداث تنشئة اجتماعية سليمة تؤمن بالحرية والعدالة والمساواة.
 
قلت في البداية إن هذا الباحث الذي شغل في السابق عميد كلية الشريعة بجامعة قطر يتميز باستنارة نفتقدها لدى الكثيرين من علماء الدين المسلمين. وكدليل على ذلك موقفه من «العلمانية».
 
يقول في حوار سابق أجراه كاتب هذه السطور معه «نحن لا نقول بِـ»العلمانية» بالمطلق او كما طبقت في أوروبا، لكننا مع الاستفادة من العناصر الايجابية في العلمانية، كمسألة رفض سلطة رجال الدين وتحكمهم في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتسلطهم على ضمائر الناس ومعتقداتهم ومطالبتهم بمصادرة كل كتاب أو رأي او فكر يعارض تفسيراتهم ونظرتهم» (مرايا في الفكر المعاصر، ص 91. منشورات وزارة الثقافة الاردنية).
 
وبانفتاح اكثر يطالب د. الانصاري بضرورة «حياد الدولة في المسألة الدينية والمذهبية، بمعنى عدم انحياز الدولة لدين ضد دين او مذهب ضد مذهب، وإنما تعامل الجميع على قدم المساواة» الصفحة نفسها.
 
يؤكد هذا الباحث العميق الغور على «حق المواطنة» للجميع.
 
وفي حواري معه يعود فيقول: «نحن مع العلمانية في رفضها توظيف الدين او المذاهب او العقيدة لخدمة الأغراض السياسية وفي تحريم استخدام منابر المساجد ودور العبادة لترويج اجندة سياسية او حزبية او ايديولوجية» المرجع السابق الصفحة نفسها.
 
ينطلق الباحث في رؤيته المستنيرة هذه من منطلق ان تحالف السلطة السياسية مع التيارات الدينية سيؤدي الى القمع والتسلط.
 
«نحن مع العلمانية التي ترى الفصل بين القضاء الديني والقضاء السياسي، وانه ليس ثمة تعارض بين علاقة الفرد بخالقه على اساس الاختيار الديني الحر وعلاقة الفرد بغيره من الأفراد في شأن التنظيم السياسي والاجتماعي لمجتمعه على اساس العقد الاجتماعي الحر» المرجع السابق ص 92.
 
رؤية متنورة لعالم دين معروف لا يقيم حاجزاً مصطنعاً بين الدين والعلم، كالذي يفعله بعض العلماء والمشايخ المتعصبون الذين يوظفون الدين في السياسة على نحو غير مقبول.
 
«نحن ضد الدولة التي تتخذ من رجال الدين شركاء في الحكم والمسؤولية لتبرير شرعيتها بديلاً عن شراكة المواطنين واختياراتهم الحرة. المرجع السابق ص 93.
 
وفيما يخص «التطرف»يقول د. الانصاري: «معظم مشايخ الدين ان لم يؤيدوا التطرف صراحة، لكنهم يبررونه ويسوغونه بحجج وذرائع سياسية ودينية واقتصادية واجتماعية عجيبة». د. عبد الحميد الانصاري ص 90.
 
يبقى ان اقول تحية لعالم الدين هذا الذي نأى بنفسه عن التعصب والانغلاق.