رأي اليوم

ظهر الملك غاضباً بعد أحداث مستشفى السلط الجديد، شاهدته كما شاهده الكثيرون في موقفين متعاقبين، الأول عندما زار المستشفى مباشرة بعد الحادثة، والثاني خلال ترؤسه لاجتماع مجلس السياسات الوطني، وبعيداً عن الكلام المنمق والمعسول الذي لم يعد له مكاناً في حضرة الموت، أقولها وبكل صراحة وشفافية إنني لا افهم غضب الملك

لا أفهم غضب الملك من المسئولين الذين يختارهم هو بنفسه وبآلية لا نعلم عنها اي شيء، بدءاً برئيس الوزراء والوزراء وقادة الجيش والأمن والسفراء والمحافظين وجميع مفاصل العمل العام المنوط بهم إدارة الدولة وشؤون المواطنين من الألف إلى الياء

لا أفهم غضب الملك من عدم ثقة المواطن بأجهزة الدولة، سواء على مستوى الإدارة أو المحاسبة، فالفشل الذريع أحاط بجميع أجهزة الدولة الحيوية، وأخص منها بالذكر الصحة والتعليم والتشغيل والبنية التحتية، هذا من حيث الادارة، اما المحاسبة فما زلنا ننتظر محاسبة المسئولين عن حوادث صوامع العقبة والبحر الميت والباص السريع وبيع التصاريح والدخان المهرب وقائمة غير منتهية من الحوادث الفردية !!

لا أفهم غضب الملك من تشكيك المواطن بآلية اختيار المسؤول والنهج القائم على الواسطة والمحسوبية في الوقت الذي يبلغ فيه عدد موظفي الديوان الملكي الاردني اكثر من عدد موظفي البيت الابيض في الولايات المتحدة!

لا أفهم غضب الملك من نزول المواطن الى الشارع احتجاجاً على تردي الاوضاع الذي وصل حد الانفجار، في حين انه أصرّ قبل بضعة أشهر على إجراء الانتخابات النيابية والتي نحصد نتائجها اليوم سواء على صعيد اعداد المصابين بكورونا او على صعيد مخرجات المجلس النيابي المشغول حالياً بحجب المواقع الاباحية !!

لا أفهم غضب الملك وهو يشاهد صراع مرافق الدولة فيما بينها، الصراع الأمني سياسي، الذي نراه بأعيننا كل يوم متمثلاً بانعدام الانسجام بين أجهزة الدولة، وتضارب التصريحات والقرارات الذي بات مثاراً للسخرية بين الأردنيين!

لا أفهم غضب الملك وهو الذي يدير مباشرة السياسة الخارجية للدولة الاردنية، والتي عجزت عن توفير اللقاحات في الوقت المناسب، ناهيك عن ضعف الدعم العالمي المادي والمعنوي، وتراجع الاستثمار، وغياب الاردن عن المشهد الاقليمي ان لم يكن العالمي ايضاً!!

بصراحة وبوضوح

لا أفهم غضب الملك .. لا أفهم غضب الملك!!

كاتب اردني