Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2021

مؤتمر مدريد.. ماذا تبقى من الرؤية

 الغد-يديعوت أحرونوت

 
بقلم: ميخائيل ميلشتاين
 
يوم الذكرى الثلاثين لمؤتمر مدريد، الذي يوصف كأحد علامات الطريق المركزية في تاريخ الشرق الاوسط الحديث بعامة والنزاع الإسرائيلي – العربي بخاصة مر قبل نحو شهر – دون احتفالات في اسرائيل، في العالم العربي أو في الولايات المتحدة، وعمليا دون أي ذكر تقريبا. والفجوة بين الصورة عظيمة الأهمية التي تمنحها كتب التاريخ للمؤتمر وبين التجاهل الجارف للحدث تعكس الهوة التي فغرت فاها على مدى ثلاثة عقود بين امل الماضي وواقع الحاضر.
لقد عقد المؤتمر برعاية وتحفيز اميركيين فور حرب الخليج الأولى، في ظل محاولة استغلال الواقع الناشئ مع نهاية الحرب الباردة لتصميم شرق أوسط جديد وأكثر استقرارا، يقوم على أساس اتفاقات سياسية تحت هيمنة أميركية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي ينعقد فيها معا معظم زعماء المنطقة. وتضمن الحدث مشاهد غير عادية مثل تواجد مشترك لاسحق شمير ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع في القاعة ذاتها (في خطاباتهما تبادل الرجلان الضربات اللفظية، والتي في ذروتها ذكر الشرع ماضي شمير في ليحي ووصفه “بالإرهابي”)، أو مشاركة مندوبين فلسطينيين في اطار الوفد الأردني في ظل الايضاح بانهم يتبعون إمرة م.ت.ف . المؤتمر نفسه لم ينته باي اتفاقات، وتواصله كان حوارا متعدد الأطراف راوح في المكان. ولكن الحدث جسد بداية عقد سياسي في ذروته وقعت اتفاقات سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين والأردن، وجرت مفاوضات غير مسبوقة بين إسرائيل وسورية لم تنجح في نهاية المطاف.
ثلاثة اهداف استراتيجية كانت في مركز جدول الأعمال الذي سعت الولايات المتحدة لان يكون في الشرق الأوسط في 1991. من مسافة الزمن يمكن القول ان اثنين منهما فشلا، وواحد سجل نجاحا. الإنجاز كامن في تحقيق التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، مسيرة سجلت ذروة في السنوات الأخيرة في اعقاب التوقيع على “اتفاقات ابراهيم”؛ والهدفان اللذان فشلا كانا محاولة اقامة سلام أميركي، انهار في العقد الأخير على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من العراق ومن افغانستان والجهد لوضع حد للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
في نهاية العام 2021 لا يمكن لإسرائيل ان تواسي نفسها في أن واحدا على الاقل من الأهداف العليا الثلاثة لمؤتمر مدريد تحقق. فمسيرة التطبيع مع العالم العربي – والتي تترافق احيانا والكشف عن “الاسقف الزجاجية” التي تتخذ شكل المصاعب في فتح حوار بين المجتمع في إسرائيل والمجتمع في معظم العالم العربي – هي ذات أهمية استراتيجية، ولكن ليس فيها ما يكفي لان يمنح إسرائيل استقرار وأمنا على مدى الزمن.
وبالنسبة لفشلي المؤتمر: ليس لإسرائيل قدرة على مساعدة الولايات المتحدة في مساعيها العبثية لتغيير وجه الشرق الأوسط بروح دول قومية مستقرة ونظام ديمقراطي، الهدف الذي تمسك به وفشل – كل واحد بطريقته – كل الرؤساء الأميركيين في الثلاثين سنة الأخيرة. ومع ذلك إسرائيل قادرة بل وملزمة بتحقيق حسم ما في الموضوع الفلسطيني. سنوات طويلة من المواجهات الحادة بين الطرفين، جمود سياسي وانقسام داخلي في الساحة الفلسطينية أدت إلى فقدان الثقة في القدرة على احلال تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين وإلى يأس دولي من الموضوع. والسعي إلى حل سياسي جاءت مكانه على مدى السنين مناهج “إدارة النزاع” و “السلام الاقتصادي”، التي توفر هدوءا في المدى القصير ولكنها تترافق عمليا واندماجا بين المجتمعين – ولا سيما في يهودا والسامرة – وتوجهه الى واقع الدولة الواحدة.
بعد ثلاثة عقود من بدء المسيرة السياسية في الشرق الأوسط يبدو أنها قلت الاحتمالات لتحقيق تسوية اسرائيلية – فلسطينية تقوم على أساس رؤية الدولتين في 1967، على الأقل في المدى المنظور. ومع ذلك، لم يتوصل الاطراف بعد الى نقطة اللاعودة في كل ما يتعلق بالفصل الاقليمي وانه لا ضرورة لان يتمثل باقامة دولة فلسطينية مستقلة بل باقامة حكم ذاتي ذي بحدود جغرافية واضحة. فالهدوء النسبي القائم في يهودا والسامرة في اثناء العقد الاخير ليس دليلا على أنه لا حاجة للوصول الى حسم في الموضوع الفلسطيني بل على أنه يجري اندماج زاحف بين إسرائيل والفلسطينيين سيؤدي الى حياة مشتركة ولكنها مليئة بالعداء بين المجتمعين وينطوي على احتمال لانفجار أشد مما في الماضي.