Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Nov-2017

لماذا نكتب عن وعد بلفور؟! - محمد كعوش

 الراي - ترددت كثيرا قبل الكتابة عن مئوية وعد بلفور لولا الإحتفال البريطاني الوقح بهذه المناسبة، فهم يرقصون على جرحنا ويحتفلون بنكبة شعب عربي تم تهجيره بقوة السلاح في غياب العدالة الدولية، بل كل شيء تم بتواطؤ دولي، لم يعلن عن كل تفاصيله حتى اليوم.

ما اردت الكتابة عن الوعد المشؤوم لأنني كتبت عنه طوال نصف قرن أو اكثر، ولأن الكلمات عن هذه
التراجيديا السوداء فقدت معناها وجدواها مع التكرار واصبحت مملة، منذ رفعنا الأعلام السوداء فوق
خيمتنا وخيبتنا حتى الآن.
 
اليوم لن اطلب من بريطانيا الإعتذار للشعب الفلسطيني والشعب العربي، لأن ثقافتهم علمتهم أن
يعتذروا للأقوياء، أما العرب فهم «الحيط الواطي» في هذا العالم، لذلك لن تعتذر بريطانيا ولا غيرها للشعوب المستضعفة التي تملك كل الحق.
 
اكتب عن وعد بلفور في مئويته، وأنا اعرف أن اسرائيل هي نتاج هذا الوعد كما هي نتيجة حتمية للهزيمة العربية وفشل المشروع النهضوي العربي. اكتب لأنني ارى أن المشهد الفلسطيني القائم يطل على صحراء من الوهم ليس فيها سوى العتمة، ولأنني ارى ان المشهد العربي الراهن يحمل الينا ما هو اخطر واكبر من نتائج وعد بلفور وسايكس – بيكو، فما يحدث هو كسر روح الأمة وارادتها بأدوات عربية لا تدرك انها تسير باتجاه الهاوية والخروج من التاريخ.
 
في الماضي، حدثت النكبة، وبعدها النكسة، ولكن روحنا لم تنكسر، فقد بقي الأمل، ويذكر التاريخ القريب أن الأمة العربية، امتلكت الأمل والتصميم والأصرار، والأيمان الجمعي العربي بالمصير الواحد، واعتناق عقيدة المقاومة ومواصلة الصراع العربي الأسرائيلي، ولكن جاء من يحطم المشروع العربي برمته.
 
ما تبقى لنا هو الأحباط واليأس والشك، بعدما فقدنا اللغة الواحدة والموقف الموحد، وهو الواقع الذي يبعث على التساؤل: الى أين يقودنا هذا الطريق ؟!
 
عندما نتابع تفاصيل التطورات على أرض الواقع، أو نعرف بعض خفايا ما يجري في دهاليز وكواليس السياسة، ندرك مدى خطورة الحاضر، ونخشى من ما هو أسوا من وعد بلفور، لأن مشروع تفكيك الدول العربية اوتقسيمها على قاعدة عرقية وطائفية هدفه انهاء الصراع العربي الأسرائيلي وتصفية قضية الشعب الفلسطيني، واقامة الشرق الأوسط الجديد، الذي سعت اليه واشنطن وتل ابيب منذ هزيمة الخامس من حزيران.
 
اذكر أنه بعد انتهاء حرب حزيران بمدة قصيرة، أي في نهاية عام 1967 صدرت مجلة اميركية شهرية لفترة قصيرة باسم «نيو ميدل ايست» متوجة بصورة الغلاف التي كانت عبارة عن باقة من الزهور كل زهرة على شكل علم بعدد الدول العربية واعلامها، وفي الوسط زهرة تحمل العلم الاسرائيلي، وتتحدث المجلة عن الشرق الأوسط الجديد منذ ذلك الوقت. وهذا ما يريدون تحقيقه اليوم، بعد وضع نهاية للتاريخ العربي.
 
بمناسبة مئوية وعد بلفور، الذي خلق دولة اسرائيل، هناك من يسعى الى الإنتقال لتنفيذ المرحلة التالية أو الثانية من « الوعد الباطل « والمشروع الصهيوني الكبير، وهو تدمير الدول العربية وانهاك جيوشها واستنزاف ثرواتها، وتجريدها من قواها السياسية والاقتصادية وتخريب نسيجها الإجتماعي تحت عناوين متعددة، وبمشاركة عربية واقليمية، من أجل تغلغل اسرائيل في العمق العربي، وفرض واقع جديد قائم على الصلح المجاني وبدون أي ثمن.
 
في الختام أقول إنه بهذه المناسبة يذكر التاريخ ان صاحب الوعد (آرثر جيمس بلفور) زار تل ابيب في شهر آذار من العام 1925 وحضر افتتاح الجامعة العبرية وزار بعض المستعمرات الصهيونية والقدس وحيفا وقوبل بانتفاضة شعبية عارمة واضراب عام في فلسطين، وحركة احتجاج شديدة في الأردن، وكذلك عندما زار القاهرة قوبل باحتجاج شديد.
 
وعندما توجه الى دمشق في شهر نيسان، لم يستطع دخولها رغم الحراسة البريطانية المكثفة والأجرءات الأمنية الفرنسية، فنزل في فندق فكتوريا بالضواحي، ولم يغادره بسبب الحصار السوري الشعبي الغاضب، فاضطرت فرنسا الى اخراجه للمغادرة، وسط حملة عسكرية كبرى اشتركت فيها الطائرات. هكذا كان الرد الشعبي العربي على وعد بلفور